الطوسي و عمله في إنقاذ الإسلام
الجزء الاول
كان نصير الدين الطوسي ضحية من ضحايا الغزو المغولي الاول، حينما اجتاحت جحافل جنكيز خان البلاد الإسلامية ودمرت ما مرت به منها.. وكان من تلك الضحايا مدينة نيسابور التي كانت تعج بالعلماء وتزخر بالمدارس..
ولم يكتف المغول بتدمير المدينة بل اعملوا السيف في الناس، فقتل من قتل واستطاع الفرار من استطاع، وكان بين الناجين نصير الدين الطوسي، فهام على وجهه يطلب الملجأ الأمين فوجده في قلاع الاسماعيلية الحصينة، هذه القلاع التي صمدت وحدها لجنكيز خان، فظل حقد المغول مضطرماً على الاسماعيليين إلى أن استطاعوا الثأر منهم في عهد هولاكو حفيد جنكيز...
يقول الدكتور علي أكبر فياض في كتاب محاضراته عن الأدب الفارسي والمدنية الإسلامية: ( و كانت النهضة الاسماعيلية في قمة نشاطها في ذلك العصر وكانت لهم مشاركة تامة في دراسة الفلسفة والنهوض بها بالاستفادة منها في تقرير أصولهم واثبات دعواهم، وقد أسسوا لهم في قلعة ألموت مكتبة عظيمة بادت على أيدي المغول).
وكان يعيش في رعاية الاسماعيليين رجل يعد من أكبر المشتغلين بالعلوم العقلية بعد ابن سينا ألا وهو نصير الدين الطوسي، قدر لهذا الرجل العظيم أن يقوم بإنقاذ التراث الإسلامي من أيدي المغول..
إلى أن يقول: (لقد فوض إليه هولاكو أمر أوقاف البلاد فقام بضبطها وحرضها على إقامة المدارس والمعاهد العلمية، وجمع العلماء والحكماء وتعاون معهم في إقامة مرصد كبير في مراغة بآذربيجان ومكتبة بجانبه يقال أنها كانت تحوي 400 ألف كتاب)..
جمع نصير الدين الطوسي إلى العلم الواسع، العقل الكبير، فتريك سيرته رجلاً من أفذاذ الرجال لا يمر مثله كل يوم. وتشاء الأقدار أن تعده لمهمة لا ينهض لها إلا من اجتمعت له مثل صفاته: علم وعقل وتدبير وبعد نظر، فكان رجل الساعة في العالم الإسلامي، هذا العالم الذي كان مثخناً بالجراح.
ولم يكن نصير الدين الطوسي وحده هو الذي احتمى بهذه القلاع، بل لجأ اليها كثير ممن استطاعوا الفرار والنجاة.
وعندما تقدم المغول في غزوهم الثاني، وأعاد هولاكو سيرة جده، كانت الحملة هذه المرة من القوة بحيث هابتها القلاع الاسماعيلية فلم تستطع لها صداً، ونزل الأمير الاسماعيلي ركن الدين خورشاه على حكم المغول، فكان حكمهم قتله وقتل أعوانه ومن لجأ إليه، واستثنوا من ذلك ثلاثة رجال كانت شهرتهم العلمية قد بلغت هولاكو فأمر بالإبقاء عليهم، ولم يكن هذا الإبقاء حباً بالعلم وتقديراً لرجاله، بل لأن هولاكو كان بحاجة لما اختص به هؤلاء الثلاثة من معارف، فاثنان منهم كانا طبيبين هما موفق الدولة ورئيس الدولة، والثالث كان مشهوراً باختصاصه في أكثر من علم واحد هو نصير الدين الطوسي، وكان مما اختص به علم الفلك، وكان هولاكو مقدراً لهذا العلم تقدير حاجة لامحض تقدير، مؤمناً بفائدته له..
لذلك نراه بعد ذلك يعنى بإنشاء مرصد (مراغة) ويوفر له كل ما يستدعي نموه وتقدمه..
جمع نصير الدين الطوسي إلى العلم الواسع، العقل الكبير، فتريك سيرته رجلاً من أفذاذ الرجال لا يمر مثله كل يوم. وتشاء الأقدار أن تعده لمهمة لا ينهض لها إلا من اجتمعت له مثل صفاته: علم وعقل وتدبير وبعد نظر، فكان رجل الساعة في العالم الإسلامي، هذا العالم الذي كان مثخناً بالجراح.
كانت مهمة الطوسي من أشق المهمات، وكانت أزمته النفسية من أوجع ما يصاب به الرجال، فإنه وهو العالم الكبير ذو الشهرة المدوية بين المسلمين، يرى نفسه في قبضة عدو المسلمين، ويرى هذا العدو مصراً أن يبقيه في جانبه ويسيره في ركابه، والى أين يمشي هذا الركاب؟ إنه يمشي لغزو الإسلام في دياره والقضاء عليه في معاقله، فهل من محنة تعادل هذه المحنة؟، إن أقل تفكير في التمرد على رغبة القائد المغولي سيكون جزاءه حد السيف.
الطوسي وعمله في إنقاذ الإسلام(2)
الطوسي عالم رياضي وفلكي وهندسي
علمية الشيخ الطوسي
قالوا في نصير الدين الطوسي