تأهيل الطلبة للتعليم الجامعي مسؤولية الجميع
أكثر ما يؤرق ولي الأمر، الآباء و الأمهات ، على أبنائهم ، هو المستقبل بشكل عام ، و مستقبلهم المهني بشكل خاص ، لذلك يعملون جاهدين على حصول أبنائهم على تعليم جيد ، و يسعون بشكل جدي على رقي مستوى تحصيلهم الدراسي منذ اليوم الأول لدخول الطفل للمدرسة ، وعينهم تتجه لتخرجهم. و يصل القلق لديهم إلى مداه ، عندما يقترب الطفل إلى المرحلة الأخيرة من تعليمه الثانوي .
فللدرجات هنا معنى و أهمية، كون تلك الدرجات تتحكم في مصير البنت أو الولد ، حيث تحدد تلك الدرجات ، التوجه و التخصص و المهنة ، التي سيمتهنها الطالب بعد تخرجه من الجامعة.
هذا القلق ، الذي ينتاب أولياء الأمور، و الذي يتمثل في وضع الولد في التخصص المراد و المهنة المرغوبة، يعمل على حرف الهدف الأساسي من التعليم و المتمحور حول خلق طفل ، يتمتع بصفات أخلاقية حسنة روحية و ثقافية و اجتماعية و تنمية عقله ، بما يتناسب و مقتضيات العصر، يتمتع بتفكير ناقد، و قدرات عقلية تأهله للتعامل مع الكم الهائل من العلوم و المعارف. لتوجه عوضا ً عن ذلك لتفكير في الكم، عدد الدرجات التي يتمكن الطالب تحصيله لتتم مقارنته بالآخرين.
و لا يسأل ولي أمر الطالب عن الكم المعرفي ، الذي يملكه الطالب وجودته ، و لا التحصيل الذي يعينه على مواصلة الدراسة و التفوق. فعندما يتم التعرض لنظام التعليم في البحرين في جلسات أولياء الأمور ، المثقفين منهم بالذات ، نجد إنهم يلقون باللوم في حواراتهم على نظام التعليم ، و يحملونه المسؤولية في خلق معظم المشاكل و الأزمات، و إن كان لهم بعض الحق في ذلك ، كون الإنسان يطمح أن يجد نفسه في أرقى المراتب ، و بلده أحسن البلدان ، و تعليمه يخرج أفضل الفصول، إلا أن منطقهم ليس سليم بالضرورة . و بالمقابل عندما نتساءل عن مكونات المجتمع و مقوماته الأساسية ، سنجد انه مجموعة من الطلبة و أولياء الأمور . هم من يقع عليهم التعليم و التعلم، و أولياء أمورهم الراشدين الباحثين عن مستقبل أفضل لأولادهم، المستعدون لدفع الغالي و النفيس من أجل الأبناء و الاطمئنان على مستقبلهم. نجد من هذا العرض السريع ، بأن هناك تناقضاً صارخاً بين ما يرغب فيه أولياء الأمور من طموح يتحقق لأبنائهم ، و حصولهم على تعليم راق ، و من ثم الدخول إلى أحسن الجامعات ، و الحصول على درجات و مجاميع للدخول للجامعات بأيسر الطرق و أسرعها، و إن كان ذلك على حساب مستوى التحصيل الدراسي للطلبة.
و يتبلور التناقض ، و يتضح عندما تقوم وزارة التربية و التعليم بطرح فكرة جديدة ، أو تهدف إلى تغيير ما على النظام التعليمي، أو تطوير جزئية محددة في طريقة تقديم العلوم و المعارف أو تقويمها، فإننا نجد أولياء الأمور ، يقفون موقف المعارض المتشكك على الرغم من أنهم هم من يطالب بالتطوير في التعليم، فإنهم في الغالب متمسكين بما هو موجود ، و يفضلونه على الجديد خوفا ً توجسا ً و ريبة.
و يمكنا ، أن نلمس ردة فعل أولياء الأمور ، حين يطرح جهاز الامتحانات سؤالاً به بعض التفكير الناقد، سؤالا ً بحاجة لربط جملة من المعلومات ، التي تم دراستها في المنهج الدراسي، إنما بحاجة لتفكير متقدم ، ربط العلاقات بعضها ببعض ، حينها سنجد أولياء أمور الطلبة في حالة فوران و تذمر كبيرين، و كل ذلك من أجل الحصول على درجات على حساب نوعية الأسئلة و كفاءتها في تحديد ، و تصنيف الطلبة المتميزين. و هنا نتساءل: ألا يعتبر ذلك تدخلاً و مشاركة سلبية؟
لقد خلق تدخل أولياء الأمور و مشاركتهم السلبية وضعاً غير مقبولاً، يتذمر منه التربويون ، حيث أصبحوا يوجهون واضعي أسئلة الامتحانات توجيها ً تربويا ً جبرياً نحو التبسيط،
التبسيط المخل بالعملية التعليمية، و صل إلى درجة أن تصبح الوزارة في حالة تأهب قصوى ، و هي تراقب الجرائد و الكتابات المتكررة ضد أسئلة الامتحانات ، التي في الغالب لا تعجب أولياء الأمور و الطلبة. هذا لا يعني إننا ننادي بمصادرة حرية الرأي و التعبير، إنما لابد أن نثق في المختصين و الذين، في الغالب الأعم، يملكون خبرة و دراية كافية لوضع أسئلة امتحان ، تقيس الهدف المراد قياسه في العملية التعليمية.
أن يصل الأمر إلى أن يراعي الدوق العام و المزاج الدارج و رضا الجميع على حساب الطرح العلمي الموضوعي ، فذلك يشكل أزمة تربوية خطيرة ، حيث سيصل اليوم الذي نتخلى فيه عن الموضوعية و الدقة العلمية ، حتى في طرحنا لمناهجنا و أساليب تقدم المعلومة ، و طرق التدريب ، حيث لا محالة ستتأثر بطريقة طرح الأسئلة في الامتحانات ، التي يفترض فيها أن تقيس جميع قدرات الطلبة العقلية و العلمية، فعملية التقويم عملية شاملة متكاملة ، و ما الامتحان إلا عملية ضمن مجموعة من العمليات المكونة للتقويم.
فالتقويم عملية شاملة ، تساعد التربويين على تقييم النظام التربوي و مدى نجاحه. فعملية التقويم تساعدنا على تحديد مواطن القوة و بالتالي تعزيزها ، و التعرف على مواطن الضعف و العمل على دراستها بجدية لتلافي الوقوع فيها في المستقبل.
فالجدل مازال مستمرا ً بخصوص الامتحانات ، و مدى قدرتها على تحديد ، و قياس قدرات الطلبة، و على الرغم من السلبيات الكثيرة الموجودة في هذا النظام ، إلا أنها الوسيلة الوحيدة ، و التي إلى اليوم لا بديل لها لتحديد ، و تسمية من يحق لهم دخول التعليم العالي أو الجامعي ، أو تحديد الجهة المبتغاة في التعليم العالي ، و إلى أن يتمكن التربويون من اعتماد طرائق و أساليب بديلة يتوجب علينا، تربويين و أولياء أمور، أن نتعامل بطريقة علمية، بحيث تصب في خدمة الأهداف التربوية في المنظومة ، التي نعمل بها حالياً؛ لكي لا تفقد هذه الوسيلة (الامتحانات) قدرتها على القياس الصحيح ؛ ولكي لا تتحول من وسيلة إلى هدف بحد ذاته ، نعمل جميعاً من أجله، مع الأسف الشديد أنها كذلك في حاضرنا اليوم.
مشكلة تأجيل الواجبات المدرسية
التغذيه المناسبة
ما هي المفاتيح التي تكشف عن عبقريتك الكامنة؟
القوة والضعف هل هي أمور مكتسبة؟
تنشيط الحواس يعزز توازنك النفسي