• عدد المراجعات :
  • 801
  • 11/24/2007
  • تاريخ :

مختاراتٌ شعرية

مکه

 

رفعوا الأكفَّ وأرسلوا الدعواتِ
وتجرّدوا للهِ في عرفاتِ
شُعْثاً تُجَلِّلهُمْ سحائبُ رحمة
غُبْراً يفيضُ النورُ في القَسَمات
وكَأَنَّ أجنحةَ الملائكِ عانقَتْ
أرواحَهم بالبرّ والطاعات
فتنزلت بين الضلوع سكينة
علوية موصولة النفحات
وتصاعدت أنفاسهم مشبوبةً
وجْدا يسيلُ بِوَاكِفِ العبراتِ
هذي ضيوفُك يا إلهـي تبتغي
عفواً وترجو سابغَ البركات
غصّتْ بهم في حلِّهِمْ ورحيلهم
رحبُ الوهاد وواسعُ الفلوات
تركوا وراء ظهورهم دنيا الورى
وأتَوْكَ في شوق وفي إخبات
وفدوا إلى أبواب جودك خُشَّعاً
وتزاحموا في مهبط الرحمات
فاقبل إله العرش كلّ ضراعة
وامح الذنوب وكَفِّر الزلاَّتِ
وتلفَّت الأقصى وبين جفونه
دمعٌ وبين ضلوعه نيرانُ
وتلفَّت الأقصى لمكَّة لوعةً
أختاه! تنهش أضلعي الغربانُ
أختاه! أين المسلمون وحشدهم
أين الملايين الغثاة! أهانوا؟
أختاه! وانقطعت حبال ندائه
واغرورقت من دمعه الأجفانُ
وهوت معاول كي تدقَّ حياضه
وهوت على أمجاده الجدرانُ
القبلتان مرابعٌ موصولةٌ
درجت على ساحاتها الفتيانُ
القبلتان يموج بينهما الهدى
نوراً ويخشع عنده الإنسانُ
القبلتان وكلُّ رابية لها
حرمٌ وكلُّ شعابه أكنانُ
يهدي الحمام إلى الشِّعاف هديله
ويردُّ جنحيه رضىً وأمانُ
ويضمُّ بينهما ظلال نبوَّة
والصَّالحين فطاب منه مكانُ
والكعبة الغرَّاء بين حجيجها
نورٌ وتحت ظلاله ركبانُ
تتقطَّع الأيَّام من أحداثها
وحجيجها متواصلٌ ريَّانُ
يسعى وما ظمأ به ، وبهاجر
ظمأ الرُّبى ورضيعها ظمآنُ
أجرى لها الرَّحمَن زَمزم آيَةً
فَابتَلَّت السَّاحَات والأزمانُ
وجرى بكلِّ عروقها منه هوىً
وصفت على جنباتها الغدرانُ
أمقام إبراهيم والبيت العتيق
 هدىً وآياتٌ له وبيانُ
الطَّائفون الرَّاكعون لربِّهم
خفقت قلوبهم وضجَّ لسانُ
تتزاحم الأقدام في ساحاته
وترفُّ بين ظلاَله الأَبدَانُ
ومنىً صدى ربواتها التَّوحيد
والتكبير والإخبات والإذعانُ
عرفات ساحاتٌ تضجُّ ورحمةٌ
تغشى ودمعٌ بينها هتَّانُ
لبَّيك يا الله! وانطلقت بها
رسلٌ وفوَّحت الرُّبى وجنانُ
لبَّيك والدُّنيا صدَى والأفق
يرجعها ندىً يبتلُّ منه جنانُ
لبَّيك وحدك لاَ شَريكَ لَكَ الرِّضَا
وَالخير منكَ ببَابكَ الإحسَانُ
لبَّيك ، والتفت الفؤاد ودارت
 العينان وانفلتت لها الأشجانُ
دقَّت قوارعها الدِّيار فزُلزلت
تحت الخطى الأرباض والأركانُ
جمعت مراميه البلاد فمشرقٌ
غاف وغربٌ لفَّه النِّسيانُ
أين الحجيج! وكلُّ قلب ضارع
ومشارف الدُّنيا له آذانُ
نزعوا عن السَّاحات وانطلقت بهم
سبلٌ وفرَّق جمعهم بلدانُ
وطوتهم الدُّنيا بكلِّ ضجيجها
وهوىً يمزِّق شملهم وهوانُ
ومضى الحجيج كأنَّه ما ضمَّهم
عرفات أو حرمٌ له ومكانُ
بالأمس كم لبُّوا على ساحاته
بالأمس كم طافوا هناك وعانوا
عرفات ساحاتٌ يموت بها الصَّدى
وتغيب خلف بطاحه الألوانُ
لم يبق في عرفات إلاَّ دمعةٌ
 سقطت فبكَّت حولها الوديانُ
هي دمعة الإسلام يلمع حولها
أملٌ وتهرق بينها الأحزانُ
يا أمَّة القرآن دارك حلوةٌ
ما طوَّفت ذكرى وهاج حنانُ

 


الحج في الأدب العربي 2

أسماء مكّة

أسواق مكّة و المدينة

نبذة تاريخيّة عن القبلة في المسجد النّبويّ الشّريف

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)