يا كاشف الضُّرِّ صفحاً عن جرائِمنا |
لقد أحاطت بنا ياربُّ بأساءُ |
نشكو إليك خطوباً لا نُطيق لها |
حَملا ونحنُ بها حقاً أحقّاء |
زلازلٌ تخشعُ الصُّمُّ الصِّلابُ لها |
وكيف تقوى على الزلزال شمّاء |
أقام سبعاً يرجُّ الأرض فانصدعت |
عن منظر منه عينُ الشمسِ عشواء |
بحرٌ من النار تجري فوقَه سفُنٌ |
من الهضاب لها في الأرض إرساء |
ترمي لها شرراً كالقَصْرِ طائشةً |
كأنَّها ديمةٌ تنصبُّ هطلاء |
تنشق منها بيوتُ الصخرِ إن زفَرَت |
رُعباً وترعد مثلَ السَّعفِ أضواء |
منها تكاثف في الجوِّ الدُّخانُ إلى |
أن عادت الشمسُ منه وهي دهماء |
قد أثَّرت سعفةً في البَدرِ لفْحتُها |
فليلةُ التِّمِّ بعد النور ليلاء |
تحدَّتِ النَّيِّرات السبعَ ألسُنُها |
بما تلاقى بها تحت الثرى الماء |
وقد أحاطَ لظاها بالبروج إلى |
أن كادَ يُلحقها بالأرض أهواء |
فيالها آيةٌ من معجزاتِ رسو |
ل الله يعقلُها القوم الألبَّاء |
فباسمك الأعظم المكنونِ إن عظُمَت |
منّا الذنوبُ وساءَ القلب أسواء |
فاسمح وهَبْ وتفضَّل بالرضى كرماً |
واصفح فكلٌّ لفرطِ الجهلِ خطّاء |
فقومُ يُونس لما آمنوا كشف التـ |
ـعذيب عنهم وعمَّ القومَ نعماء |
ونحنُ أمّةُ هذا المصطفى ولنا |
منه إلى عفوِكَ المرجوِّ دعّاء |
هذا الرسول الذي لولاه ما سلكت |
محجةٌ في سبيل الله بيضاء |
فارحم وصلِّ على المختارِ ما خطبتْ |
على عُلا منبرِ الأوراق ورقاء |
دار الحبيبِ أحقُّ أن تهواها |
وتحنُّ من طرَب إلى ذكراها |
وعلى الجفونِ متى هممْتَ بزَوْرة |
ياابن الكرامِ عليك أن تغشاها |
فلأنتَ أنتَ إذا حللتَ بطيبة |
وظللْتَ ترتَعُ في ظلالِ رُباها |
مغنْى الجَمال مُنَى الخواطِرِ والتي |
سلَبَتْ عقولَ العاشقين حُلاها |
لا تَحسب المِسكَ الزكيَّ كتُربِها |
هيهاتَ أينَ المِسكُ من رَيَّاها! |
طابَتْ فإن تَبْغِ التَّطيُّبَ يا فتى |
فأدم على الساعات لَثْمَ ثَراها |
وابشِرْ ففي الخبرِ الصحيح مُقرَّراً |
أنَّ الإلهَ بطابة سمَّاها |
واختَصَّها بالطَّيِّبين لِطيبها |
واختارها ودَعا إلى سُكناها |
لا كالمدينةِ منزلٌ وكفى لها |
شَرفاً حلولُ محمَّد بِفناها |
حظيَتْ بهجرةِ خيرِ من وَطِئَ الثَّرى |
وأجلِّهم قدراً فكيفَ تَراها |
كلُّ البلادِ إذا ذُكِرْنَ كأحْرُف |
في اسمِ المدينةِ لا خَلَت معناها |
حاشا مُسمَّى القُدْسِ فهي قريبةٌ |
منها ومكةَ إنّها إيّاها |
لا فرقَ إلا أنَّ ثَمَّ لطيفةً |
مهما بَدَتْ يجلُو الظلامَ سَناها |
جزم الجميعُ بأنَّ خيرَ الأرضِ ما |
قدْ حاطَ ذاتَ المصطفى وَحَوَاها |
ونَعَمْ لقد صدَقوا بساكِنها عَلَتْ |
كالنفسِ حينَ زَكَتْ زكا مأْوَاها |
وبهذه ظَهرتْ مزيَّةُ طيبة |
فغدَتْ وكلُّ الفضلِ في معناها |
حتى لقد خُصَّت بروضةِ جنَّة |
اللهُ شرَّفها بها وحبَاها |
ما بينَ قبر للنبيِّ ومنبر |
حيّا الإلهُ رسولَه وسقَاها |
هذي محاسِنُها فهل من عاشق |
كَلِف شحيح باخِل بنواها |
إنِّي لأرهبُ من توقُّعِ بينِها |
فيظلَّ قلبي موجَعاً أوَّاها |
ولقلَّما أبصرتُ حالَ مودِّع |
إلا رَثَتْ نفسي له وشجاها |
فَلَكَمْ أراكم قافِلينَ جماعةً |
في إثرِ أُخرى طالبينَ سِواها |
قَسَماً لقد أذكى فؤادي بينكم |
ناراً وفجَّرَ مُقلَتي ميَّاها |
إن كان يُعجزُكم طِلابُ فضيلة |
فالخيرُ أجمعُه لدى مثواها |
أو خِفتُمُ ضرَّاءَها فتأمَّلوا |
بركاتِ بُلغتها فما أزكاها |
أُفٍّ لِمَن يبغي الكثير لشهوة |
ورفاهة لم يدْرِ ما عُقباها |
والعيش ما يكفي وليس هو الذي |
يُطغي النفوسَ ولا خسيسَ مُناها |
ياربِّ أسأل منك فضلَ قناعة |
بيسيرها وتحبَّباً لِحِماها |
ورضاكَ عنِّي دائِماً ولزومَها |
حتى تُوافي مُهجتي أُخراها |
فَإِنِ الذي أعْطَيتَ نفسي سُؤلها |
وقَبلتَ دعْوتَها فيا بُشراها |
بجوار أوفى العالمينَ بذمَّة |
وأَعزِّ منْ بالقُرْب منه يُبَاهى |
مَن جاء بالآياتِ والنورِ الذي |
داوى القلوب من العَمىفشفاها |