• عدد المراجعات :
  • 4886
  • 7/7/2007
  • تاريخ :

الحرم الرضوي.. صرح حضاري على مر العصور

الحرم الرضوي

     يعتبر الرحالة الشهير ابن بطوطة، الذي زار طوس عام 734 هـ.ق، أحد أقدم و أهم الذين كتبوا حول ضريح الامام الرضا (ع) و هو يوضح في تاريخه أن ضريح الامام على بن موسى الرضا كان يتميز في ذلك التاريخ باعمار واهتمام كبيرين.

     تؤكد كافة القرائن و الشواهد التاريخية ان مدينة مشهد الحالية مركز اقليم خراسان (شمال شرق ايران) لم تكن لتحتل موقعها و مكانتها الاسلامية الرفعية قديماً و حديثاً لولا احتضانها لمرقد الامام علي بن موسى الرضا ثامن ائمة اهل البيت (ع)، حيث بدأت هذه المدينة التي لم تكن سوى قرية صغيرة (سناباد) تتحول شيئا فشيئا الى مأوى لمحبي اهل البيت و السائرين على نهجهم حتى غدت خلال القرون الأخيرة واحدة من أكبر مدن اقليم خراسان على الاطلاق.

     و تتفق الروايات في اطار حديثها عن تطور بناء الحرم الرضوي على ان الامام الرضا (ع) عندما توفي عام 203 هـ.ق مسموماً في الحادث الذي دبره له الخليفة العباسي السابع المأمون، قد دفن في بيت حميد بن قحطبة والي خراسان، وفي نفس البيت الذي كان قد دفن فيه قبله بعشر سنوات الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد. و لكن كيف حصلت مثل هذه الصدفة التي يدفن فيها امام معصوم و شخصية عملاقة تجمعت فيها كل خصال الصالحين من تقوى و ورع و علم و تواضع الى جانب حاكم طاغية متجبر تجمعت فيه كل خصال الظالمين من لؤم و ترف و فساد؟ و تشير نفس الروايات الى ان هارون الرشيد كان قد قصد خراسان عام 191 هـ.ق لغرض الاستجمام و الراحة و التمتع بطبيعة المدينة بدعوة من واليها حميد الخراساني، على ان الرشيد لم يكد يمضي بضعة ايام من وجوده في خراسان حتى عاجله المرض و جعله عاجزاً عن العودة لبغداد مما اضطره الى البقاء في قصر مضيفة والي خراسان حتى وفاته عام 193 هـ.ق، فدفن وسط هذا القصر.

و بعد أن استقر الحكم لصالح المأمون إثر مقتل اخيه الامين عام 198، و دعوة الامام الرضا من المدينة الى خراسان عام 201 هـ.ق، و استشهاده مسموماً عام 203 هـ.ق، اراد المأمون ان يغطي على فعلته بسم الامام. فقرر ان يدفن الجسد الطاهر للامام (ع) الى جوار قبر أبيه الرشيد الذي كان قد بني له قبة خاصة وسط القصر، لذا يمكن القول ان اول قبة بنيت لضريح الامام الرضا (ع) يعود تاريخها الى بداية القرن الثالث الهجري، على ان المسألة المثيرة للتأمل حقاً في هذا المجال هي ان هذه البقعة التي شاءت الاقدار ان تضم جسدين الاول لامام معصوم و الثاني لطاغية متجبر يبدو و كأنها أبت الا ان تعطي لكل ذي حق حقه، و هذه هي سنة التاريخ التي لا يمكن ان يحيد عنها اي مخلوق، مَن كان عمله لله بقي خالداً مخلداً و مكرماً و مَن عمل لهواه و نفسه لابد و أن يلفه النسيان و الاهمال و التجاهل و لعنات الباقين، فلقد تحول قبر هارون الرشيد و بمجرد انتهاء الحكم العباسي الاول و بعد عدة عقود من السنين الى نسي منسي لتسحقه اقدام القاصدين لزيارة مرقد الامام الرضا (ع) الذي لا يبعد عنه سوى عدة امتار فقط، بينما توضح الوقائع ان المرقد الرضوي المقدس لم يتعرض للتخريب إلا من قبل الغزاة و اعداء الاسلام، مرة في القرن الرابع الهجري على يد سبكتكين الغزنوي، و مرة اخرى على يد هولاكو في القرن السابع الهجري (618 هـ ق)، و مرة ثالثة لهجوم الاوزبك على يد الغزاة الروس في اوائل القرن العشرين.

و طيلة القرون الماضية بقيت الروضة الرضوية الشريفة تحظى باهتمام متواصل على مختلف العصور و من قبل غالبية الحكام و السلاطين الذين كان بعضهم يتعمد اظهار اهتمامه و احترامه لمرقد الامام الرضا (ع) طبعاً في كسب ولاء عامة محبي اهل البيت.

الحرم الرضوي

     و يعتبر الرحالة الشهير ابن بطوطة الذي زار طوس عام 734 هـ ق أحد اقدم و اهم الذين كتبوا حول ضريح الامام الرضا (ع) و هو يوضح في تاريخه إلى ان ضريح الامام على بن موسى الرضا كان يتميز في ذلك التاريخ اعماراً و اهتماماً كبيراً، و يحتمل المؤرخون ان يعود الفضل في هذا الاعمار إلى السلطان محمد خدابنده الذي اشتهر بتشيعه و في ايام الملك شاهرخ التيموري الذي خضعت خراسان لحكمه بين (807 ـ 850 هـ ق) بادرت زوجته (گوهرشاد) إلى بناء ابنية تابعة للضريح و من هذه الابنية رواقين سميت فيما بعد بدار الحفاظ و دار السيادة، اضافة إلى بنائها لمسجد سمي ايضا بمسجد (گوهرشاد) الذي اكمل بناءه قوام الدين الشيرازي احد اشهر المعماريين آنذاك.

و خلال عهد السلطان حسين بايقرا (875 ـ 912هـ ق)، تم بناء الصحن العتيق للحرم، اما السلاطين الصفويين فقد اولوا الحرم الرضوي اهتماماً فائقاً و من بين الآثار التي شيدت او شهدت رعاية خاصة يمكن الاشاره إلى تذهيب قبة الضريح و المنارة، و في عهد الشاه عباس الصفوي الذي حكم بين (996 ـ 1038هـ ق) تمت توسعة الصحن العتيق و تذهيب و تجديد قبة الضريح مرة ثانية.

و في عهد الشاه سليمان الصفوي (1077 ـ 1105)، تمت اعادة بناء و تجديد قسم كبير من الحرم الرضوي الشريف و ذلك اثر الخراب الذي لحق به نتيجة تعرض مدينة مشهد لزلزال شديد، كذلك تم في عهد الشاه سليمان بناء عدة مدارس و اروقة جديدة، تواصل الاهتمام بمرقد الامام الرضا على عهد نادرشاه (1100 ـ 1160) حيث تم استحداث مكان لسقاية الماء وسط الصحن العتيق و تم شق ساقية ماء تمر اسفل حوض سقاية الماء، و لا يزال مكان السقي هذا قائماً إلى يومنا هذا بعد اجراء بعض الاصطلاحات و التغييرات المختصرة عليه. كذلك تواصلت في عهد نادر و اخيه ابراهيم خان اعمال التذهيب للمنارة و القبة و اعمال بناء اعمدة الاروقة بالمرمر.

     اما خلال عهد الملك فتح علي شاه القاجاري (1212 ـ 1250)، فقد تم البدء ببناء الصحن الجديد الذي استمر بناؤه في ايام الملك محمد شاه، و لم يفتتح بناء الصحن الجديد الا في عهد ناصر الدين شاه (1264 ـ 1313) الذي قام من جهته بتذهيب الايوان الخاص بهذا الصحن، و لا يزال يسمى هذا الايوان بايوان ناصري. و في ايام حكومة مظفر الدين شاه (1313 ـ 1324) تمت اعادة اعمار كلا الصحنين العتيق و الجديد.


صحون الحرم الرضوي الشريف

الإشعاع الثقافي والعلمي  للروضة الرضوية

النشاطات الاجتماعية والتجارية في مشهد

الحرم الرضوي يتعرض للاعتداء الاجنبي

مشهد المقدسة..الموقع والتأسيس(1)

مشهد المقدسة..معالمها القديمة والحديثة(2)

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)