كلمات غيرت التاريخ
و من كلماته ( عليه السلام ) ، التي دوَّت في تاريخ البشرية ، و كانت مدرسة للأجيال و لكل الأحرار و المفكرين و العظماء ، بل مدرسة لا يمكن التخلي عنها هي ، قوله ( عليه السلام ) " الناس عبيد الدنيا ، و الدين لعق على ألسنتهم ، يحوطونه ما درَّتْ معائشهم ، فإذا مـحّصوا بالبلاء قلَّ الديانون ".
ثم قال لهم : أهذه كربلاء ؟ ، قالوا : نعم .
فقال (عليه السلام) : " هذه موضع كرب وبلاء ، هاهنا مناخ ركابنا ، و مـحط رحالنا ، و مسفك دمائنا " .
و قولـه (عليه السلام) - مـخاطباً أصحابه بعد أن حمد الله و أثنى عليه - : " أيها الناس خط الموت على ولد آدم مـخط القلادة على جيد الفتاة ، و ما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف ، و خُيِّر لي مصرع أنا لاقيه ، كأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس و كربلاء ، فيملأن مني أكراشاً جوفاً ، و أجربة سغباً ، لا مـحيص عن يوم خط بالقلم ، رضى الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه و يوفينا أُجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لحمته، هي مـجموعة لنا في حضرة القدس ، تقرّ بهم عينه ، و ينجز لهم وعده ، فمن كان باذلاً فينا مهجته و موطّناً على لقاء الله نفسه فليرحل معي ، فأنا راحل مصبحاً إن شاء الله تعالى " .
و قوله (عليه السلام) - لما خرج من منزله ذات ليلة ، و أتى قبر جده (صلى الله عليه وآله وسلم) - : " السلام عليك يا رسول الله ، أنا الحسين بن فاطمة فرخك و ابن فرختك ، و سبطك و الثقل الذي خلّفته في أُمتك ، فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم قد خذلوني ، و ضيعوني و لم يحفظوني ، و هذه شكواي إليك حتى ألقاك صلّى الله عليك ،
و قوله (عليه السلام) - في وصية إلى أخيه مـحمد بن الحنفية - : " بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب لأخيه مـحمد بن الحنفية ، المعروف بابن الحنفية ، أنّ الحسين بن علي يشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، و أنّ مـحمداً عبده و رسوله ، جاء بالحق من عنده ، و أنّ الجنة حق ، و النار حق ، و انّ الساعة آتية لا ريب فيها ، و أنّ الله يبعث من في القبور ، و أنّي لم أخرج أشراً ، و لا بطراً ، و لا مفسداً ، و لا ظالم اً، وإ نما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي مـحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أُريد أن آمر بالمعروف ، و أنهى عن المنكر ، و أسير بسيرة جدُي مـحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، و سيرة أبي علي بن أبي طالب ، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، و من ردَّ عليَّ هذا ، أصبر حتى يقضي الله بيني و بين القوم بالحق ، و هو خير الحاكمين " ،
و قولـه (عليه السلام) - للوليد بن عتبة والي المدينة عندما طلب من الحسين (عليه السلام) البيعة ليزيد - : " أيها الأمير ، إنّا أهل بيت النبوة و معدن الرسالة و مـختلف الملائكة و مهبط الرحمة ، بنا فتح الله ، و بنا ختم ، و يزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل نفس معلن بالفسق ، فمثلي لا يبايع لمثله ، ولكن نصبح و تصبحون ، و ننظر و تنظرون ، أيّنا أحقّ بالخلافة و البيعة "
و قولـه (عليه السلام) : " و يزيد رجل فاسق معلن بالفسق ، يشرب الخمر ، و يلعب بالكلاب و الفهود ، و نـحن بقـية آل الرسول ، لا و الله لا يـكون ذلك أبداً " ،
و قوله (عليه السلام) - لما نزل عمر بن سعد بالحسين ، و أيقن انهم قاتلوه - : " أمّا بعد، إنه قد نزل من الأمر ما قد ترون ، و إن الدنيا قد تغيرت ، و تنكرت و أدبر معروفها ، و استمرت جداً فلم يبق منها إلاّ صُبابة كصُبابة الإناء و خسيس عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون أنّ الحق لا يُعمل به ، و أنّ الباطل لا يُتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله مُحقّاً ، فإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة و الحياة مع الظالمين إلاّ برماً " ،
و قال (عليه السلام) : " أيها الناس اعلموا أنّ الدنيا دار فناء و زوال متغيرة بأهلها من حال إلى حال ، معاشر الناس عرفتم شرائع الإسلام ، و قرأتم القرآن ، و علمتم أنّ مـحمداً رسول الملك الديّان ، و وثبتم على قتل ولده ظلماً و عدواناً ، معاشر الناس أما ترون إلى ماء الفرات يلوح ، كأنه بطون الحيَّات يشربه اليهود و النصارى و الكلاب و الخنازير ، و آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ي، موتون عطشاً " .
و قوله (عليه السلام) - يعظ به أهل العراق - : " الحمد لله خلق الدنيا فجعلها دار فناء و زوال متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال ، فالمغرور من غرته ، و الشقي من فتنته ، فلا تغرّنكم هذه الدنيا فإنّها تقطع رجاء من ركن إليها ، و تخيب طمع من طمع فيها ، و أراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم ، و أعرض بوجهه الكريم عنكم ، و أحلّ بكم نقمته ، و جنَّبكم رحمته ، فنعم الرب ربنا ، و بئس العبيد أنتم ، أقررتم بالطاعة و آمنتم بالرسول مـحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ثم إنّكم زحفتم على ذرّيته و عترته تريدون قتلهم ، لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم ، فتبّاً لكم ، ولما تريدون، إنّا لله و إنّا إليه راجعون ، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم ، فبعداً للقوم الظالمين ... اتقوا الله ربكم ، و لا تقتلوني فإنه لا يحل لكم قتلي ، و لا انتهاك حرمتي ، فإني ابن نبيكم ، وجدتي خديجة زوجة نبيكم ، و لعله قد بلغكم قول نبيكم ،(الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة ) " ،
و قوله (عليه السلام) - في احتجاجه على أهل الكوفة : " أما بعد فانسبوني فانظروا من أنا ؟ ، ثم ارجعوا إلى أنفسكم و عاتبوها ، فانظروا ، هل يصلح ويحل لكم قتلي ، و انتهاك حرمتي ؟ ، ألست أنا ابن بنت نبيكم ، و ابن وصيه ، و ابن عمه و أوّل المؤمنين بالله ، و المصدّق برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، و بما جاء به من عند ربه ؟ ، أوليس حمزة سيد الشهداء عمي ؟ ، أوليس الشهيد جعفر الطيار في الجنة عمي ؟ ، أو لم يبلغكم ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لي و لأخي ، " هذان سيدا شباب أهل الجنة " ، فإن صدقتموني بما أقول و هو الحقّ و الله ما تعمّدت كذباً مذ علمت أنّ الله يمقت عليه أهله ، و إن كذبتموني ، فإن فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم ، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، و أبا سعيد الخدري ، و سهل بن سعد الساعدي ، و البراء بن عازب أو زيد بن أرقم ، أو أنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لي و لأخي . أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟ ، فإن كنتم في شك من هذا فتشكون في أني ابن بنت نبيكم ؟ ، فو الله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم ولا في غيركم ، و يحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ، أو مال لكم استهلكته ، أو بقصاص من جراحة؟ ... لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ، و لا أُقرّ إقرار العبيد ،
و قولـه (عليه السلام) : " ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين ، بين السلة و الذلة ، و هيهات منا الذلة ، يأبى الله ذلك لنا و رسوله و المؤمنين ، حجور طابت و حجور طهرت، أُنوف حميّة و نفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكـرام ، ألا قـد أعذرت و أنذرت ، ألا و إنـي زاحف بهذه الأُسرة مع قلة العدد ، و كثرة العدو ، و خذلان الناصر ، و خذلة الأصحاب " ،
و قولـه (عليه السلام) لعبد الله بن الزبير : " أما أنا فلا أُبايع أبداً ؛ لأن الأمر كان لي بعد أخي الحسن فصنع معاوية ما صنع ، و كان حلف لأخي الحسن أن لا يجعل الخلافة لأحد من ولده ، و أن يردّها عليَّ إن كنت حياً ، فإن كان معاوية خرج من دنياه ولم يف لي ، و لا لأخي بما ضمن فقد جاءنا ما لا قرار لنا به ، أتظن أبا بكر أني أُبايع ليزيد ، و يزيد رجل فاسق معلن بالفسق يشرب الخمر ، و يلعب بالكلاب و الفهود ، و نحن بقية آل الرسول ، لا و الله لا يكون ذلك أبداً " ،
و قولـه (عليه السلام) لمروان بن الحكم : " ويحك أتأمرني ببيعة يزيد ، و هو رجل فاسق لقد قلت شططاً من القول يا عظيم الزلل ، لا ألومك على قولك لأنّك اللعين الذي لعنك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، و أنت في صلب أبيك الحكم بن أبي العاص ؛ فإن من لعنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، لا يمكن له ، و لا منه إلاّ أن يدعو إلى بيعة يزيد " ،
و قوله (عليه السلام) : " اللهم أنت ثقتي في كل كرب ، و رجائي في كُلِّ شدة ، و أنت فيما نزل بي ثقة ، و أنت وليُّ كلِّ نعمة ، و صاحبُ كلِّ حسنة " .
و قال لعُمر و جندِه : " لا تعجلوا ، والله ما أتيتكُم حتى أتتني كتبُ أماثلكم بأنَّ السُّنَّةَ قد أُميتت ، و النفاق قد نجم ، و الحدود قد عُطِّلت ؛ فاقدم لعلَّ يُصلح بك الأُمّة ، فأتيتُ ؛ فإذْ كرهتُم ذلك ، فأنا راجع ، فارجعوا إلى أنفسكم ؛ هل يصلح لكم قتلي ، أو يحلُّ دمي ؟ ، ألستُ ابنَ بنتِ نبيكم و ابنَ ابنِ عمه ؟ ، أوَليس حمزةُ و العباسُ و جعفر عمومتي؟ ، ألم يبلغكم قولُ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيَّ و في أخي : ( هذان سيِّدا شباب أهل الجنة ) " .
و قولـه (عليه السلام) لما جمع أصحابه بعد رجوع عمر : " أما بعد ، فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ، ولا أهل بيت أبرّ و لا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله جميعاً عني خيراً ، ألا وإنّي لأظنّ يومنا من هؤلاء الأعداء غداً ، و إنّي قد أذنت لكم جميعاً ، فانطلقوا في حلّ ليس عليكم مني ذِمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً ، و ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، فجزاكم الله جميعاً ، ثم تفرّقوا في سوادكم و مدائنكم حتى يفرّج الله ، فإنّ القوم يطلبونني ، ولو أصابوني لهوا عن طلب غيري " ،
لذا ورد ، أنّ الفرزدق لقيه (عليه السلام) و هو متوجه إلى الكوفة فقال له: " يا ابن رسول الله كيف تركن إلى أهل الكوفة و هم الذين قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل ؟، فترحَّم على مسلم بن عقيل ، و قال : أما إنّه صار إلى رحمة الله تعالى و رضوانه ، و قضى ما عليه ، و بقي ما علينا " ، و أنشد يقول:
وإن تكن الدنيا تعدّ نفيسة |
فإنّ ثواب الله أعلى وأنبل |
وإن تكن الأبدان للموت أُنشئت |
فقتل امرئ بالسيف في الله أفضلُ |
وإن تكن الأرزاق قسماً مقدراً |
فقلّة حرص المرء في الكسب أجمل |
وإن تكن الأموال للترك جمعها |
فما بال متروك به المرء يبخل |