أسئلة حول المعاد -ما هو المحشور من الأبدان المتعدد؟
أثبت العلم أنّ بدن الانسان وخلاياه في مهب التغيّر والتبدل، و انّه يأخذ لنفسه في كل عشرة أعوام بدناً، فلو عاش انسان ثمانين سنة، فانّه سيكون له ثمانية أبدان، ومن المعلوم أنّ الاطاعة والعصيان يقعان في جميع فترات عمر الانسان، و الجزاء و الثواب على مجموع الأعمال.
أثبت العلم أنّ بدن الانسان وخلاياه في مهب التغيّر والتبدل، و انّه يأخذ لنفسه في كل عشرة أعوام بدناً، فلو عاش انسان ثمانين سنة، فانّه سيكون له ثمانية أبدان، ومن المعلوم أنّ الاطاعة والعصيان يقعان في جميع فترات عمر الانسان، و الجزاء و الثواب على مجموع الأعمال.
وعندئذ يتساءل هل المحشور جميع أطوار بدن الانسان الواحد، فهو غير معقول، أو واحد من هذه الأبدان، وهو يستلزم نقض قانون الجزاء والثواب، وأن يكون بدن واحد حاملا لأوزار الأبدان الأُخر.
والجواب
انّ هذا السؤال نابع من إنكار الروح والاعتقاد بأصالة المادة وأمّا على ما ذكرنا من أنّ البدن ليس إلاّ أداة لتنعيم الإنسان وتعذيبه، وأن الأمور الروحية من الفرح والحزن واللذة والألم، كلها أمور مربوطة بالروح، ويتوصل إليها الروح بالبدن والاجهزة الظاهرية، فالنغمة الملذة، انما يصل إليها الانسان من طريق الجهاز السمعي، فانه آلة، والملتذ هو الروح، والمناظر الخلابة انما تصل إليها النفس عن الطريق العين، وهكذا سائر اللذات، والآلام الروحية، وعلى ذلك فالحافظ للعدالة هو أن ترد اللذة والألم على روح واحدة، من غير فرق بين الأبدان.
وهذا نظير تعذيب بعض المجرمين باكسائهم ثوباً ليمسهم العذاب من طريقه، فالمضروب ظاهراً هو اللباس، ولكن المتألم هو الانسان.
وبعبارة أخرى: إن الروح هي الرابط الوثيق بين جميع الأبدان، فهي تضفي عليها جميعها وصف الوحدة، و تعرّفها جميعاً بأنها فلان بن فلان، من دون أن يضر اختلافها في الهيئة والشكل والحجم بوحدة الانسان، هذا.
وربما يتخيّل أنّ المعاد هو البدن الأخير، الّذي هو عصارة جميع الأبدان الماضية، والجامع لعامة خصوصياتها.
ولكن غير خفيّ أنّ هذا الاصل المزعوم (وهو كون البدن الأخير، عصارة الأبدان المتقدمة) مما لا أصل له، لأنّ الأبدان في الفترات المتوسطة من العمر، لها من القوة والنشاط ما تفقده الأبدان الواقعة في العقود الأخيرة من العمر.
أضف إلى ذلك أن الجواب مبني على إعطاء الأصالة للمادة، وزعم أنّ الانسان هو نفس الجلود واللحوم والعظام وأن البدن الأخير عصارة كلّ ما تقدّم.
نعم، ربما يستظهر من قوله سبحانه: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِنَ الاَْجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ﴾(يس:51) أنّ المعاد هو البدن الأخير، ولكنّ الاستظهار في غير محله فانّ الآية كناية عن خروج الناس من التراب للحساب والجزاء نظير قوله تعالى: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى﴾(طه:55). وأما كون الخارج هو البدن الأخير فليست الآية بصدد بيانه.
والشاهد على ذلك أنّ من الناس من يخطفه الطير، أو تفترسه السباع، أو يحيط به الموج فتأكله حيتان البحر، أو تصيبه نار فتحرقه، والآية تعم هذه الأصناف أيضاً، مع أنهم لم يقبروا في الأجداث.
آية الله جعفر السبحاني
---------------------------------------------
الهوامش:
1- ولاحظ في ذلك الأعراف:187، الأنبياء: 40، الحج: 55، الشعراء 202، العنكبوت: 53، الزمر: 55، الزخرف: 66، محمد: 18، و الكل يدل على انّ تكون الانسان عند بعثه، يحصل دفعةً واحدة.
المعاد مجلى لتحقّق وعد الله ووعيده
الموت نافذة إلى حياة جديدة (3)
الصراط
بابِ التوبةِ
الحبط والتكفير
الجنة والنار وتجسد الاعمال
التوسل باختصار