مدارس الشيعة في الريّ
ضمّت منطقة الريّ عدداً كبيراً من علماء الشيعة الأعلام، ذكر الشيخ منتجب الدين أسماء معظمهم في كتابه « الفهرست ». ونوّه الشيخ عبدالجليل الرازي في كتابه « النقض » بكثرة المتكلّمين والفقهاء الشيعة في الريّ، حتّى أنّ مدرسة واحدة في الريّ كان يحضر فيها أربعمائة متكلّم وفقيه شيعيّ (1).
وتبعاً لهذه الحقائق، فإنّ من البديهيّ أن نتوقع كثرة مدارس الشيعة في منطقة الريّ.
ولحسن الحظّ فإنّ المعلومات التي قدّمها الشيخ عبدالجليل في خصوص مدارس الشيعة في الريّ تُعدّ معلومات قيّمة، وتؤهّل لرسم ملامح واضحة للحركة الثقافيّة الشيعيّة في الريّ يومذاك.
وقد أشار الشيخ عبدالجليل إلى كثرة مدارس الشيعة في بلاد خراسان ومازندران، ومدن حلب وحرّان ( من بلاد الشام )، ومدن قم وكاشان وآبة، التي ضمّت عدداً كبيراً من الطلاّب والكتب، وخُصّص لنفقات إدراتها طائفة من الأوقاف. ثمّ تحدّث بالتفصيل عن مدارس الريّ، فأشار إلى مدارس ذكرها بأسمائها، وأشار إلى أنّ تلك المدارس بُنيت في عهد السلطان طغرل والسلطان ملك شاه، ونجمل هذه المدارس فيما يلي:
ـ المدرسة الكبرى للسيّد تاج الدين محمّد الكيسكيّ (2) التي تقع في منطقة كلاهدوزان. وذكر الشيخ عبدالجليل أنّ تاريخ تأسيس هذه المدرسة يعود إلى ما يقرب من تسعين سنة، وأنّ صلاة الجماعة تقام في المدرسة يوميّاً، وأنّ مجالس ختم القرآن فيها مستمرّة، وأنّ مجالس الوعظ تقام مرّة أو مرّتين كلّ أسبوع. وذكر أنّ المدرسة تضمّ محلاًّ خاصّاً للمناظرة التي تحصل بين العلماء والساة المقيمين في الريّ وبين الفقهاء والعلماء الغرباء الذين يَفِدون على الريّ.
ـ مدرسة شمس الإسلام حسكا بابَوَيْه، التي يشرف عليها الشيخ حسكا بابَويه. وتقع هذه المدرسة بالقرب من السَّراي الموجود في الريّ، وتُقام فيها صلاة الجماعة، ويُدرّس فيها قراءة القرآن وتعليمه للصغار، وفيها مجلس للوعظ والإفتاء.
ـ مدرسة للسادات الكيسكيّة تقع بين المدرستين السابقتين، وتدعى هذه المدرسة بـ « خانقاه ريان » ويسكن فيها عدد من العلماء.
ـ مدرسة قرب البوّابة الحديديّة « دروازه آهنين » تُنسب إلى السيّد الزاهد أبي الفتوح.
ـ مدرسة الفقيه علي الجاسبيّ (3) الواقعة في منطقة « كوى اصفهانيان »، قال عنها الخواجه أميرك أنّها مدرسة لا يوجد لها مثيل، وتضمّ مجلساً للوعظ ومجلساً لختم القرآن، وتقام فيها صلاة الجماعة بانتظام، ويَدرس فيها عدد كبير من السادة. وكان تأسيسها في عصر السلطان « ملك شاه ».
ـ مدرسة الخواجة عبدالجبار مفيد (4) يحضر فيها أربعمائة فقيه ومتكلّم. وكان تأسيسها في عصر السلطان ملك شاه وبركيارق. وذكر الشيخ منتجب الدين أنّ هذه المدرسة تُعرف الآن ( أي في عصر الشيخ منتجب الدين ) بتدريس العلوم وختم القرآن وبحضور أصحاب الصلاح والتقوى فيها، ببركة شرف الدين مرتضى كبير السادة والشيعة في الري يومذاك.
ـ مدرسة « كوى فيروز ».
ـ خانقاه أمير إقبالي، أُسّس في عهد كريم الغياثيّ.
ـ خانقاه علي عثمان، ويضمّ طائفة من السادة العلماء الزهّاد، وتقام في هذا الخانقاه ( التكية ) صلاة الجماعة وختم القرآن. أُسّس في عصر السلطان ملك شاه.
ـ مدرسة الخواجة إمام رشيد الرازي في « دروازه جاروب بندان »، تخرّج منها أكثر من مائتي عالم، ودرسوا فيها أصول الدين وأصول الفقه وعلم الشريعة، وأضحى كلّ منهم علاّمة دهره. أُسّست في عصر السلطان السيّد محمد ولا زالت معمورة ومسكونة يقصدها الطلاّب لدراسة العلم وختم القرآن، وفيها مكتبة تزدان بأنواع الكتب، ويقطن فيها طائفة من العلماء والصلحاء.
ـ مدرسة الشيخ حيدر المكّيّ في منطقة « در مصلحگاه »، أُسّست في عصر السلطان محمّد (5).
ثمّ أشار الشيخ عبدالجليل إلى أنّ هناك مدارس شيعيّة عديدة في الريّ يُدرَّس فيها القرآن وتُقام فيها صلاة الجماعة، لكنّه لم يتعرّض لذكرها، لأنّه إنّما أورد هذه المدارس التي أُسّست في عصر السلاجقة ردّاً على كلام لمؤلّف كتاب الفضائح زعم فيه أنّ الشيعة ليس لديهم مدرسة في الريّ، ولأنّ ذِكر جميع مدارس الريّ يستوجب الإطالة المملّة (6).
وتجدر الإشارة إلى أنّ عبدالجليل الرازي قد حاول تقديم صورة حسنة عن علاقة الشيعة بالحكّام السلاجقة، من أجل أن يتوصّل إلى تحسين تلك العلاقات، بَيْد أنّ القارئ ينبغي ألاّ يغفل عن حقيقة المضايقات والإجحاف الذي لحق بشيعة الريّ من بعض سلاطين السلاجقة المتعصّبين.
---------------------------------------------------------
الهوامش:
1-النقض للشيخ عبد الجليل الرازي182
2- اسرة الکيسکي من الاسماءالعلوية الشيعية المعروفة في الري،و قد اورد الشيخ منتجب الدين ترجمة طائفة من رجالهم ،الفهرست:120-292-265 الي268
3- ورد اسمه في الفهرست شيخ منتجب الدين 114 بلفظ الحاستي
4-من تلامذة الطوسي و کان فقيه الاصحاب في الري،فهرست219
5- النقض 34-36
6- النقض37
المصدر:شبکة الامام الرضاعليه السلام
كتاب « الفهرست » لمنتجب الدين وصورة التشيّع في الريّ
العلويّون الذين قُتلوا في الريّ
علويّو الريّ خلال العصر السلجوقيّ
شيعة الريّ خلال العصر السلجوقيّ
شيعة الريّ وضغوط الغَزْنَويّين
أسرة آل بُوَيه في الريّ
انتشار التشيّع في الريّ في عصرِ آل بُوَيْه