الشيعة و الاعتداء على المقدسات.. البقيع و سامراء مثالاً
لا يخفى على المتتبع ما يجري في العراق من تسويات و تصفيات سياسية دولية و إقليمية و محلية ، فأن الوضع القلق الذي ترغب قوات الاحتلال في أدامته و فرضه كواقع على المجتمع العراقي و المنطقة بشكل عام يسمح للعديد من المسارات السياسية ان تتحرك بداخله ، و في ظل هذه الإرادات المتصارعة أو المتناغمة أو المتفاهمة تقف الطائفة الشيعية بجماهيرها البريئة التي لاتملك بعداً في هذا الاتجاه على الأغلب ، ألا اللهم جماعة يدركون مسارات اللعبة السياسية ولكن بعضهم لاتربطه بالواقع الشيعي أي رابطة سوى الطقوس الدينية من دون أي التزامات عقائدية و بعضهم متفرج و لا يدري ماذا ينتظر ، و البعض القليل يعمل ولكن من دون إمكانيات دولة ولا موارد بشرية أمام حشود من الاستراتيجيات السياسية المدعومة بالانتحاريين والنفط والأموال ..
و دعوني أقول ان بعض القيادات الدينية ليست بمستوى الحدث العملاق في العراق ولذلك فهي تكتفي بالابتهالات أو بعض المشاريع التي لاتصب في إطار النجاة والمواجهة السلمية.
و يضاف إلى ذلك أن النظام السابق كان قد أنهى البنى التحتية للعراق، فجميع العاملين يبدئون من الصفر ثم يتعقد العمل رويداً رويداً ولكن ذلك لايثني العزم.
نحن بصراحة في العراق أمام جبهة عدوانية شرسة للغاية نقاتل في الاتجاهات المتعددة، فكانت حربنا هذه تمثل الواقع الشيعي في العالم وقد تعلمون ذلك جيدا، فلأول مرة في تأريخ المنطقة يتدخل ملك الأردن حول الوضع الشيعي، وهكذا وزير خارجية السعودية في أكثر من خطاب، و الإمارات وتخصص بعض الدول ثلاثة ملايين دولار لاحتضان مشروع إسقاط الحكومة في عاصمة دولة عربية قبل شهرين فضلاً عن مؤتمر تركيا والأردن وحواضن الإرهاب في السعودية ....
أن هذه التحركات تكشف أن الصراع في العراق أصبح إقليميا وعالمياً ولذلك صارت الحرب ضد الشيعة بحجمها العالمي الذي عليكم أن تدركوه.
ان انتصارنا في العراق يعني انتصار شيعة العالم والعكس بالعكس ولذلك صار الرهان في العراق على الورقة الشيعية.
طبيعة الحرب في عصرنا الحاضر
و خلال الخمسين عام المنصرمة كان العداء للشيعة لايعدوا عن كونه محاولة استفزازهم وأثارتهم أو إسقاطهم اجتماعيا وحرمانهم من بعض الاستحقاقات السياسية والقانونية.
إلا ان اليوم أصبح العداء حرباً مدمرة يخوضونها بعنوان القداسة والامتثال والطاعة لله تعالى ، كتلك التي خاضها أسلافهم ضد أمير المؤمنين علي (عليه السلام)
أنهم يذبحون بالسكاكين و الشفرات او حتى بقطعة معدنية من علب المعجون !!
و يحرقون المنازل بأهلها ، وينتهكون أعراض النساء أمام نواظر الآباء والأزواج ، و يمثلون بالإنسان فيضعون أعضائه في بطنه أو في جيوبه ، و يشوون الأطفال بالأفران ، فضلاً عن الهجمات المسلحة الكاسحة التي قد لاتقف أمامهم قوات الاحتلال ولا الجيش العراقي وفضلاً عن السيارات والأحزمة والعبوات الناسفة ... هذه صورة عن الحرب الأهلية المباشرة مع الإنسان الشيعي واما حربهم الاستيراتيجية فهي كما يلي:
هجمات دورية ضد أنابيب نقل النفط والناقلات والصهاريج وهذه الهجمات مدعومة بأسلحة ذات تقنية عالية مع خبراء ومهندسين ، حتى يصل الامر إلى مروحيات للإنقاذ .
و لا يخفى أن هذه الهجمات تصب في مصلحة بعض الدول المصدرة للنفط أذن فلا مانع والحال هذه ان ترعى هذه الدول مثل هذه الهجمات مادامت توفر لها الملايين من الدولارات في سوق النفط ... ، و استراتيجيا عملت عصابة القاعدة على تدجين أهل السنة وخلق اصطفاف موحد ضد الشيعة بالترغيب والترهيب ابتداءاً بالوزراء وبعض أعضاء مجلس النواب وانتهاءاً بالمواطنين ، وقد نجحوا نوعاً ما ، فمثلاً لازالت البعثات الدراسية للدراسات العليا بأيديهم والمناهج الدراسية بأيديهم كذلك فضلاً عن توزيع المطبوعات السلفية في جامعات ومدارس المدن السنية بطبعاتها الرشيقة .
و استراتيجيا أيضا عملوا تحالف مع البعثيين وتم تدجين هؤلاء في خط القاعدة ، بل وفتحوا حوارات متعددة مع القوات المحتلة لإعادة توازن القوى وما شابه ذلك .
ضرب للمقدسات
و استراتيجيا أيضا هو ضرب المراقد المقدسة التي تتجلى فيها العديد من الأهداف والأبعاد التي أشير إلى بعضها:
1. منها أثارة الشيعة و إخراجهم من حالة التوازن السياسي والديني وبالتالي انجرارهم وراء فلول القاعدة واستنزاف مواردهم البشرية وصرف جهودهم نحو الحرب الأهلية تاركين بناء الدولة وأعمار البلد .
2. محاولة إيجاد خرق عميق لتبقى الحالة العامة في البلاد قلقة ساخنة وبذلك تتفق هذه السياسة مع أهداف المحتل مما دعى الأخير إلى تسهيل عملية تفجير المرقد الشريف ، فقد جرى نسف الضريح تحت أنظار المحتلين بعده تم إعلان حضر التجوال داخل مركز مدينة سامراء !!
3. و مس المقدسات الشيعية بهذه الطريقة القذرة ، يمثل رسالة من بعض دول الجوار بضرورة توازن المقاعد السياسية ، وعدم التفرد بالحكم فأنهم قادرون على إيجاد عالم من القلق والزعزعة في الحياة العراقية .
4. محاولتهم إيقاف المد الشيعي من المدن السنية لتغيير الخارطة السكانية بدليل عدم نسفهم للمراقد السنية في بغداد ، فيظهر ان الدافع ليس دافعاً عقائدياً كخرافة حرمة البناء على القبور ، وإنما الدافع سياسي محض للحيلولة دون تقدم المد الشيعي في المناطق الأخرى ، ومحاولة قلع المظاهر الشيعية في المدن السنية لكيلا تبقى ذريعة لبقاء الشيعة فيها او حتى زيارتها .
هذه و غيرها من الدوافع التي نقرأها في حادث تفجير سامراء فنحن ( الشيعة بشكل عام) في خطر يهدد واقعنا المقدس وحريتنا وعقائدنا ، فمثلاً إذا تم إهمال الضغوط الدولية حول ملف سامراء فالصورة المستقبلية كالتالي :
1. تدمير المرقد شيئاً فشيئاً حتى تسويته مع الأرض
2. توسيع دائرة تفجير المراقد لتطال الكاظمية والنجف وكربلاء، ثمة بوادر في هذا الاتجاه، فأن مرقد الكاظميّن تعرض ولا يزال إلى قصف مدفعي وكربلاء والنجف تتعرض الى تهديدات حقيقية ، صحيح ان هناك إجراءات أمنية مشددة ولكن الحرب ليست سهلة .
3. في حالة بناء المرقدين في سامراء ، فانه سيبقى بشكل خجل ويدار من قبل الواجهات السنية ذات الفكر السلفي التكفيري فيكون المرقد أسيراً كما هو الحال لمرقد النبي (صلى الله عليه وآله)
و عليه فلا نملك الحرية في ممارسة العبادة هناك ، لاسيما وهو الى الآن تحت إدارة الوقف السني فالصورة المستقبلية لا تكون بهذا الشكل .
الشيخ فاضل الفراتي
البيان الذي أصدره قائد الثورة الاسلامية سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي
الشيعة والاعتداء على المقدسات.. البقيع وسامراء مثالاً
سامراء .. مشهد العسكريين .. وبلد المعجزات