سامراء .. مشهد العسكريين .. و بلد المعجزات
إلى الشمال من بغداد بمائة و عشرين كم تربض مدينة سامراء على كتف صخري لنهر دجلة و هي مدينة صغيرة تقع فوق الأطلال العباسية و تحكي أسطورة الأمجاد الخالدة و التاريخ الذي يزهو بالذكرى العطرة لسلسلة من ثلاث من الأئمة الأطهار (عليهم السلام) الذين تهفو إليهم أفئدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بالإجلال و التقديس فالإمامان علي بن محمد الهادي (عليه السلام) وابنه الحسن العسكري (عليه السلام) ، يرقدان في أبهى مزار واروع مقام يسجد الذهب على اعتابة و هو الحضرة العسكرية الشريفة التي يمكن للزائر ان يلمحها من مسافات بعيدة وهي تزهو بذهبها الإبريز شامخة تناطح السماء علوا و تفاخرا و سموا ، لقد دفن الأمام الهادي في بيته بسامراء عام 254 هـــ ثم دفن ابنه الامام الحسن العسكري الى جواره عام 260 ه و يضم الضريح الشريف مرقد السيدة نرجس والدة الأمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) و زوجة الأمام العسكري و كذلك مرقد السيدة حكيمة بنت الأمام الجواد (عليه السلام).
وصف الضريح و الروضة
يزين الضريح من الاعلى حزام من الذهب المزخرف بشكل اوراق نباتية كبيرة يحيطها حزامان من الايات القرانية مع وجود مزهريات مطلية بالذهب الخالص والقبة الذهبية مكسوة من الداخل بالقاشاني المزين بالزخارف الملونة و من الخارج بالذهب الابريز و المعتقد انها اكبر قبة ذهبية للعتبات المقدسة يبلغ ارتفاعها 32 مترا ومحيطها 60 مترا و توجد داخل الروضة اربعة ابواب من الفضة الخالصة تصل الى اواوين الزوار اما الصحن الشريف فتبلغ مساحتة 21 الف متر مربع وله عدة ابواب منها باب القبلة وباب المراد وباب المهدي و باب الغيبة وب اب السلام و يمكن الدخول الى الحرم المطهر من الطارمة الامامية القابلة لباب السلام و ذلك من خلال الباب الذهبي الضخم الذي تزين واجهتة العليا ايات كريمة من القران الكريم اما الرواق الاول فهو مستطيل الشكل بطول 50 م وعرض 5 م فيه اواوين جانبية للزوار ولاقامة الصلاة مغلف من الاعلى بالمرايا والزجاج ذي الاشكال الهندسية الرائعة ومبلط بالرخام الجيد و يحيط هذا الرواق بالحضرة المطهرة من جميع الجوانب و يتم الدخول الى الحضرة المشرفة من بابين عظيمين صنعا من الذهب الخالص منقوشين باجمل وابهى الزخارف و قد طليا بالميناء الملونة مرت الاعمال العمرانية للمشهد بمراحل متعددة ابتداء من سنة 333 هــ على يد ناصر الدولة الحمداني و تابعة معز الدولة وعضد الدولة البويهي سنة368 هـــ ثم الامير ارسلان الذي ادخل الذهب سنة 444 هــ و يعدة (بركيا روق) السلجوقي سنة 606 هـــ واجرى المستنصر العباسي جملة اصلاحات بعد حريق المشهد سنة 640 هــ ثم اويس الجلائري سنة 750 هـــ واتم الشاه حسين الصفوي تزيين الروضة و تبليطها سنة 1106 هـــ وبعدة احمد خان الدنبلي و ولده حسين الدمبلي الذي وسع الروضة وزين القبة بالقاشاني سنة 1225 هـــ ومن ثم قام ناصر الدين شاه القاجاري بالتجديدات وذهبت القبة وكسا الماذن بالقاشاني وبلط الاضية بالرخام سنة 1285 هـــ وقد اكمل بعده مظفر الدين شاه تلك الاعمال ليصبح المشهد اية في الفخامة والريازة الاسلامية ..
مسجد و سرداب الغيبة
و الى جانب مشهد الامامين العسكريين (عليهما السلام) يقوم جامع مستقل لكنه ملتصق بصحن المشهد و للجامع قبة عالية مكسوة بالبلاط القاشاني الملون يبلغ طول صحن الضريحين 79 م و عرضة 77 م وطول بناية الضريح نفسها 43 م و عرضها 38 م اما طول بناية الجامع 35 م وعرضها 29 م و يقع سرداب الغيبة في القسم الخاص بالجامع و يقع تحتة وهو مؤلف من ثلاثة اقسام اساسية غرفة مسدسة الاضلاع و غرفة مستطيلة صغيرة و غرفة مستطيلة كبيرة فالغرفة المستطيلة الكبيرة هي مصلى الرجال اما الغرفة الصغيرة فتعرف بمصلى للنساء و ان هذه الاقسام تتصل ببعضها بمجازين طويلين و سرداب الغيبة محفور في الطبقة الصخرية الصماء و لادخال النورفي الاقسام الثلاثة من السرداب فتحت نافذة تمتد من اعلى الجدار هي الجزء الاسفل من جدار الجامع الخارجي و يمك النزول الى السرداب بوساطة سلم يتالف من عشرين درجة ويقع مدخل هذا السلم في داخل بناية الجامع نفسة اما باب الغيبة فتقع في نهاية الغرفة المستطيلة الكبيرة أي في مصلى الرجال ويتصل السلم كذالك بالغرفة المسدسة ان سقوف السرداب مكسوة بالمرايا الزجاجية الهندسية الشكل ويكسو الجدران المرمر الايطالي الفاخر وقد كتبت على جوانبها ايات من القران الكريم وفي نهاية الغرفة الكبيرة توجد خلف الباب حجرة صغيرة طولها 180 م وعرضها 150 م وطول الباب 350 م وارتفاعة حوالي 3 م وتمتاز هذه الباب الخشبية بتراكيب على اشكال هندسية ذات مشبكات بديعة نافذة تكسب الباب جمالا" فنيا" رائعا" كما توجد فيها كتابة محفورة على الخشب المحيط بالباب وتدل الكتابة على ان الباب صنع بامر الخليفة العباسي الناصر لدين الله سنة 606 هــ / 1209 م اما الكتابة الكوفية داخل موضع الغيبة وعلى جدرانة فهي على زلاج ملون باشكال زهرية يوجد بينهما نطاق خشبي يمتد على طول الجدران الثلاثة والكتابة تشير الى انها نفذت في حياة الامام العاشر علي بن محمد الهادي (عليه السلام) (212_254) هــ . ان سرداب الغيبة هو موضع بيت الامامين العسكريين (عليهما السلام) كان الامامان يتهجدان فيه بالادعية والاذكار والاستغفار وقد حاول الخليفة العباسي المعتضد القبض على الامام المهدي (عجل الله فرجه) اثناء الغيبة الصغرى فلم يفلح لان الامام خرج من السرداب ومن والده دون ان يحس به الحرس الذي بعثة المعتضد لتطويق المكان وتكررت المحاولات الا ان المعجزة الالهية حفظت الامام لانه مدخر من الله تعالى لمهمة ينتظرها العالم وتترقبها البشرية للخلاص من الظلم والعدوان ولنشر القسط والعدل في ارجائها ...
السيدة نرجس
و من الجدير بالذكر ان السيدة نرجس خاتون والدة الامام المنتظر المهدي (عجل الله فرجه) هي بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم وهي من نسل الحواريين تنسب الى شمعون الصفا وص النبي عيسى (عليه السلام) و هي من سبايا الروم فيما يعرف اليوم بالبوسنة (يوغسلافيا سابقا") الذين جرى تبادلهم مع اسرى المسلمين في اثناء الخلافة العباسية وقد تزوجها الامام حسن العسكري (عليه السلام) وولدت الامام المنتظر (عجل الله فرجه) في سامراء ليلة الخامس عشر من شعبان عام 256 هــ او 255 هـ في رواية ثانية في معجزة الهية خالدة .