مراتب العبادة الدانية
لنتكلم على عبادة الطمع بالجنة أو الخوف من النار. هل إن هذه العبادة لا قيمة لها واقعاً؟ وهل هي كما قالوا شره كبير؟ أو طمع عظيم؟ وأسوأ من حب الدنيا بمائة مرة؟ كلا، فلا يصح تخطئتها بهذا الشكل.
لا شك في أنه ليس للعبادة من أجل الجنة أو الخوف من النار قيمة كما للعبادات التي ذكرناها، لكنها ليست دون قيمة وأهمية. بل إنها تعتبر درجة عالية لبعض الناس، لأن هناك فرقاً بين من يقوم بعمل لأجل الطمع مباشرة وبين من يجعل الله واسطة للقيام بذلك العمل. كأن الإنسان يسعى مرة وراء المال مباشرة، فهذا عاشق المال مئة بالمئة، ومرة أخرى يريد المال من الله تعالى، يذهب إلى الله ويطلب منه المال. وهذا يختلف كثيراً عمن يقطع روابطه مع الله كلياً ويسعى وراء المال مباشرة، فذلك يختار طريقه هكذا بأن يقول: إن لله أوامر، فأنا أعمل طبقاً لأوامره وأطلب منه أن يعطينا مالاً. وهذه مرتبة من مراتب عبادة الله، واللجوء إليه تعالى، ولو لأجل المال، ولكنه يختلف عن عدم الذهاب والالتجاء إلى الله كلياً.
فالتوجه إلى الله واللجوء إليه لأجله فقط له أهمية عظمى، واللجوء إليه لأجل شيء، وطلبه منه هو توجه ولجوء أيضاً، يضيء قلب الإنسان إلى حدٍّ ما، ويجعل فيه صفاء فيغفل عن غير الله ويتوجه إليه تعالى، وهذه مرتبة للعبادة وإن كانت مرتبة دانية.
ولهذا فلا يمكن نفي صفة العبادة عن هذا التوجه. وبما أن جميع الناس ليسوا على درجة ومستوى واحد وعالٍ، فلو أردنا تربية أكثر الناس بحيث نصلح نظام حياتهم الدنيوية ونقربهم إلى الله أيضاً فعلينا أن نبتدئ بهذا الطريق. أو على الأقل ندخل الأفراد من هذا الطريق أولاً ثم نرفعهم إلى مراتب أعلى. وهذا هو سبب اهتمام القرآن الكثير بالأمور المادية وأيضاً يوجد في القرآن ﴿وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ﴾ التوبة: 72. فعندما يذكر: (جنات تجري من تحتها الأنهار) ثم بعد ذلك يقول: (ورضوان من الله أكبر) أي أن الذي يعبد الله لأجل رضوانه، فهو شيء آخر ولكن متبعي (ورضوان من الله أكبر) ليس جميع الناس بل حتى ليس نصفهم. وإنما هم مجموعة قليلة وصلت إلى مراتب راقية فقط.
فالطريق العملي لغالبية الناس هو أن نذكر لهم الجنان التي فيها لذات مادية. طبعاً يذكر القرآن ذلك لتربية الناس فقط، فإن القرآن يقول ليس في كلامنا باطل وكذب حتى لو كان ذلك الكذب نافعاً والعياذ بالله لكي يصح توهم البعض أن القرآن قال ذلك ليجبر الإنسان على عمل الخير، فإن له هدفاً حسناً، ولأجل تحقيق هذا الهدف الصحيح يمكن التحدث والتكلم بأي نوع من الكلام ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ فصلت: 42 . كلا، ان كلام القرآن حول لذات الجنة المادية والجسمية هو أمر حقيقي. فلا يتعدى أغلب الناس عن حد الجسم والشهوات الجسمية ولهذا فإنهم نشأوا هكذا نشأة. أما الذين يرتفعون إلى حد أعلى، فانهم يذهبون إلى نشأة أعلى رتبة من الجنة الجسمانية المادية.
أبعاد الروح الإنسانية– العبادة
معني الايمان لغويا
معني الإيمان اصطلاحاً
ما هي الخطوات المعتبرة لمعرفة الدين؟
الطريق الثاني لمعرفة الله الطريق من خارج
لماذا نبحث عن وجود الله سبحانه؟
لماذا نبحث ونفكر لمعرفة خالق الكون