الفكر الأصيل- الحكومة الإسلامية في ظل ولاية الفقيه (1)
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله مالك الملك، خالق الخلق، باسط الرزق، فالق الإصباح، ديّان الدين، رب العالمين، والحمد لله على حلمه بعد علمه، وعلى طول أناته في غضبه وهو قادر على ما يريدوالصلاة والسلام على نبي الرحمة ورسول الهدى والسلام، وبشير رحمة الله ونذير نقمته، سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد صلى الله عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه المنتجبين.
قال الله الحكيم في كتابه «بسم الله الرحمن الرحيم يا داودإنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتّبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد..»،(ص،26).
لقد شهدت النظم الإجتماعية والأمم على امتداد التاريخ وفي فترات متباعدة حالات من هذا القبيل، وهي حالات ترى فيها الأمم الذكية وشخصياتها التي لها ما يكفي من الذكاء والفطنة بشائر ببزوغ يوم أفضل وحالة فضلى.
وعلى الرغم من أن الأزمة الحاضرة بما فيها من مشقة وحرارة وثقل وظلام وصعوبة لا تصيب عادة إلا الشعوب الضعيفة، وعلى الرغم من أن هذه الشعوب الضعيفة هي التي تتحمل التضحيات في خضم هذا التناحر العالمي العنيف والمتزايد، فإن موطن هذه الأزمة ومسقط رأسها في مكان آخر، إن بؤرة هذه الأزمة تقع في قلب النظم القائمة على المدنية المادية. إن أفضل المرض هناك، وأولئك هم المرضى الحقيقيون، وإن الخطر الحقيقي في نهاية المطاف يتهددهم هم.
في الواقع إن أخطار هذه الأزمة التي أشرت إليها إنما تهدد الأنظمة القائمة على الصناعة والمدنية المادية، وتلك الأنظمة الإجتماعيةوالإقتصادية المبنية على الحضارة المادية والإيديولوجية المادية (شرقية كانت أم غربية). إن الزلزلة ستقع هناك، على الرغم من أننا نشهد آثارها ومشاكلها وأزماتها وأمراضها، كما قلت، في أفريقيا وفي الشرق الأوسط وفي آسيا وفي بلدان أميركا الوسطى وأميركا اللاتينية.
غير أن المرضى الحقيقيين هم أولئك، وأعراض المرض بادية عليهم، إنها إخفاق المدنية الصناعية المادية في إدارة أمور الإنسان، إنها الأمراض المستعصية المنتشرة في أوروبا وأميركا، كالتضخم والبطالة والفسادالإجتماعي المستحكم، وضروب من الإختلالات النفسية التي تزرع اليأس في الجيل الشاب وتشيع الخمول بين قوى المجتمع النشطة، وتجعلهم يركضون وراء التافهات من الأمور والخاويات من الأفكار، ومن ثم التحول الى الجريمة.
هذه دلائل سوء في المجتمع، وظهورها في أي مجتمع دليل على أن ذلك المجتمع قد أصيب بالشلل، ولم يعد قادراً على إدارة شؤونه، وخاصة إذا عرفنا أن تلك الأمراض ليست سريعة الزوال، بل إن تلك المشاكلوالإختلالات خرجت من نطاقها الضيق الخاص بالمحللين والمختصين الى حيث المؤسسات العامة والناس، ففضلاً عن كونهم يلمسون تلك الأمارات والآثار بكل وجودهم فإنهم يحسون بها في أفكارهم وعقولهم أيضاً، بما ينطبق تماماً مع الآية الشريفة «ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس...» (الروم،41).
هذه هي حصيلة ذلك الحطب الأخضر الذي باعه مؤسسو التمدن المادي، الغربيون والشرقيون، للناس والأجيال، إن دخانه اليوم يعمي عيونهم هم ويهددهم بالزوال والفناء.
آية الله العظمى السيد علي الخامنئي
الفكر الأصيل
الفكر الأصيل _الحكومَة الإسلاميّة (2)
الفكر الأصيل_ الحكومَة الإسلاميّة (3)
الفكر الأصيل_ الحكومَة الإسلاميّة(4)
الفكر الأصيل_ الحكومَة الإسلاميّة(5)
الفكر الأصيل_ الحكومَة الإسلاميّة (6)