الفكر الأصيل _ الحكومَة الإسلاميّة (1)
1- حَول الحكومَة الإسلاميّة
إن "الحكومة الإسلامية" تعتبر من أهم القضايا الراهنة للعالم الإسلامي، بل وحتى للعالم غير الإسلامي، فهي أدق المسائل وأكثرها إثارة.
وعندما يكون اسم الإسلام مقروناً بالحكومة والنظام السياسي وتشكيل مجتمع ما، فإنه يكون مثيراً بالنسبة للمسلمين، وفي نفس الوقت مرعباً ومخيفاً لأعداء الإسلام.
ومنذ أن بدأت النهضة الإسلامية (أي منذ بداية القرن التاسع عشر الميلادي)، فإن العالم غير الإسلامي والقوى السياسية العظمى في العالم، التي كانت - آنئذ - في بداية تكوينها، أحسّت جميعها بالخطر، خاصة وأن استعادة الإسلام لحياته؛ أو بتعبير أدق الإسلام الذي يدّعي الحكومة والنظامالإجتماعي، ظهر أول ما ظهر في المناطق التي كان الإستعمار باسطاً سلطته عليها، والتي كانت تواجه مطامع السياسات السلطوية العالمية.
إن "الحكومة الإسلامية" تعتبر من أهم القضايا الراهنة للعالم الإسلامي، بل وحتى للعالم غير الإسلامي، فهي أدق المسائل وأكثرها إثارة.
إن الفكر الإسلامي الثوري الذي يدعو الى الإستقلال و حاكمية الإسلام ظهر خلال القرن الأخير في الهند، ثم في بعض دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط التي كانت تعاني من الظلموالإضطهاد، ومن هنا بدأ الإستعمار يحسب حساباً لتلك المناطق.
إن الإستعمار البريطاني العجوز - وللمحافظة على شبه القارة الهندية - إرتكب في تلك المنطقة جرائم لم يكن لها مثيل وقد لا نبالغ إذا قلنا إن مبادرة بريطانيا لإقامة سلطة لها في بعض مناطق أفريقيا والشرق الأوسط، جاءت لحفظ سلطتها على الهند.
و تزامناً مع الإهتمام الذي كان يوليهالإستعمار البريطاني للهند، سُمِعَت في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي صيحات بعض القادة الدينيين لتلك المنطقة الذين كانوا يدعون الى الجهاد والشهادة، فأدخلت الرعب في نفوس الإنجليز. ولذلك وحتى بعد مرور 50 عاماً على الإنطفاء المؤقت للشعلة التي أوقدها كبار علماء الهند في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، مثل السيد أحمد عرفان والشاه عبد العزيز دهلوي، كان عملاء الإنجليز يحاولون تشويه صورة تلك الشخصيات أمام الشعب الهندي وإثارة الناس ضدهم، كما أوجدوا ديناً مأجوراً ليتحدى الدين الإسلامي. لذلك ليس من العجب أن نرى أنه عندما يحمل السيد جمال الدين راية الإسلام في إيران والهند ومصر وأوروبا وتركيا، ويدعو الناس الى الإسلام، فإن ردود فعل المستعمرين في ذلك الوقت، تشكل في الحقيقة جزءاً من أكبر ردود الفعل التي تواجه أي حركة ثورية. وإلا فهل كان السيد جمال يعمل شيئاً آخر في مصر وبقية الدول الأخرى عدا دعوته الناس الى الإسلام؟!
إن الفكر الإسلامي الثوري الذي يدعو الى الإستقلال و حاكمية الإسلام ظهر خلال القرن الأخير في الهند، ثم في بعض دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط التي كانت تعاني من الظلموالإضطهاد، ومن هنا بدأ الإستعمار يحسب حساباً لتلك المناطق.
سحق الإنتفاضات الإسلامية
وخلال مئة عام، أي منذ بدء النهضة الإسلامية الحديثة، كان الإستكبار العالمي والذي كان - آنئذ - متمثلاًبالإستعمار الإنجليزي يقضي على كل حركة من جانب العلماء المسلمين، تحمل اسم الإسلام ولها دوافع إسلامية، وكمثال على ذلك سحق الحركات الإسلامية في الهند ومصر وبقية الدول الإسلامية.
هذه المسائل إنما تبين مدى تخوّف العالم الإستكباري والسلطات العالمية من اسم الإسلام الذي يدعو الى الحاكمية وإدارة حياة أتباعه.
وبديهي أن هناك قانوناً عاماً، وهو أن أهل الحق لو صمدوا في دعوتهم لانتظروا وانسحب العدو، وهذا ما حصل بالفعل. لذا فإن أول نموذج لمثل هذا التراجع نراه في مقابل "نهضة التنباك" في إيران التي قادها الميرزا الشيرازي والذي كان يناضل ضد السلطةالإقتصادية لبريطانيا.
فالمرحوم الشيرازي حرك بخطوته تلك الشعب الإيراني، معتمداً على الإيمان الديني لأفراد الشعب، بحيث استطاع في نهاية الأمر أن يهزم العدو.
وبعد أعوام على تلك النهضة، إنطلقت "الثورة الدستورية"، حيث تحرك الناس في ذلك الوقت بفتوى وقيادة المراجع الدينيين وعلماء الإسلام، وأجبروا السلطة الإستبدادية على التراجع، كما أفشلوا السياسات العالمية التي كانت تدعم الإستبداد، واستطاعوا أن يشكلوا حكومة تستند الى أحكام الإسلام؛ لكن تلك الثورة فشلت بعد انتصارها، وذلك بسبب أحابيلالإستعمار.
وبعد عدة سنين حدثت في إيران مجدداً انتفاضة مسلحة باسم "إنتفاضة الغابة" يقودها أحد علماء الدين المسلمين وبعض المسلمين المجاهدين، يدعمها أكثر علماء الدين.
والتجربة التي مر بها المسلمون وغير المسلمين طوال هذه المدة، أثبتت الحقيقة التالية وهي أن الإسلام إذا ما تحرك في نقطة من العالم بهدف إقامة نظام إسلامي، فستكون له القدرة على تعبئة وتشكيل القوى وتحدي القوى الإستعمارية.
وفي نفس الوقت، أي بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بدأت في العراق أكبر ثورة لعلماء الدين ضدالإستعمار البريطاني.
وكانت تلك الثورة تعكس - في الحقيقة - المقاومة العظيمة للحوزة العلمية في النجف الأشرف أمام سلطة بريطانيا على العراق.
وخلال تلك الإنتفاضات، حقق المسلمون بعض الإنتصارات، وتلقَّوا في نفس الوقت بعض الضربات.
والتجربة التي مر بها المسلمون وغير المسلمين طوال هذه المدة، أثبتت الحقيقة التالية وهي أن الإسلام إذا ما تحرك في نقطة من العالم بهدف إقامة نظام إسلامي، فستكون له القدرة على تعبئة وتشكيل القوى وتحدي القوى الإستعمارية. وقد مررنا نحن بهذه التجربة وخرجنا بهذه النتيجة وهي أنه أينما ظهرت حركة إسلامية شعرالإستكبار العالمي بالرعب منها وحاول التصدي لها.
بديهي أننا نعتقد أن الحق يخرج نتصراً في كل صراع يخوضه ضد الباطل، بالضبط كما يعد القرآن الكريم بذلك «أم يقولون نحن جميعٌ منتصرٌ. سيهزم الجمع ويولون الدبر» (القمر، 44 - 45).
آية الله العظمى السيد علي الخامنئي
دور العقل و الاجماع في تبيين المعارف الإسلامية
القيادة الدينية وقوى الضغط
السلم ركيزة الإسلام
الإسلام والنظرة الشمولية لحقوق الإنسان