الآيات التي تذكر أصل الخلق
هذه المسائل المذكورة ، يمكن استفادتها من الآية 189 من سورة الأعراف : ( هو الذي خلقكم من نفس واحدة ، و جعل منها زوجها ) ، و من الآية 6 من سورة الزمر : ( خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها ) ، فمفاد الآيات التي تذكر أصل الخلق ، هو وحدة المبدأ القابلي لخلق جميع الرجال و النساء ، و كذلك أول رجل و أول امرأة ، اللذين ينتهي إليهما النسل الحاضر .
و أما الأحاديث الواردة في المبدأ القابلي للخلق ، كالحديث الذي ذكره محمد بن بابوية القمي ( الصدوق ) بشكل مسند في علل الشرائع ( ج أول ، باب 17 ، ح 3 ص 379 كتاب النكاح ) ، و بشكل مرسل في من لايحضره الفقيه ، عن زرارة بن أعين أنه قال :( سئل أبو عبدالله عليه السلام عن خلق حواء و قيل له ، إن إناساً عندنا يقولون ، إن الله عز و جل خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الاقصى فقال ، سبحان الله و تعالى عن ذلك علواً كبيراً ، أيقول من يقول هذا ، إن الله تبارك و تعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجة من غير ضلعه ؟! ، و يجعل للمتكلم من أهل التشنيع سبيلاً إلى الكلام ، أن يقول أن آدم كان ينكح بعضه بعضاً إذا كانت من ضلعه ... ، ثم قال ، ثم ابتدع له حواء ... ، فقال آدم عليه السلام عند ذلك : يا رب ما هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه و النظر إليه ؟ ، فقال الله تبارك و تعالى : يا آدم هذه أمتي حواء ، أفتحب ان تكون معك تؤنسك ، و تحدثك ، و تكون تبعاً لأمرك ؟ ، فقال : نعم يا رب ، ولك علي بذلك الحمد و الشكر ما بقيت ، فقال الله عز و جل : فاخطبها إلي فانها أمتي ، و قد تصلح لك أيضاً زوجة للشهوة ، و القى عليه الشهوة .. ، قال : يا رب فاني أخطبها إليك فما رضاك لذلك ؟ ، فقال عز و جل : رضاي ان تعلمها معالم ديني ... ) .
ان هذا الحديث ، رغم انه مفصل ، و لم تذكر منه بعض الفقرات ، و يتطلب تحقيقاً أكثر من حيث السند ، لأن بعض آحاد السلسلة مشترك و بعضها مجهول ، كما أن بعض مضامين ذلك ، تتطلب توضيحاً أكثر ، ولكن هناك مسائل مهمة و مفيدة تستفاد منه ، نشير إلى بعضها :
- أولاً : إن خلق حواء من الضلع الأيسر لآدم غير صحيح .
- ثانياً : ان خلق حواء هو كخلق آدم بديع و مستقل .
- ثالثاً : قرب و نظرة آدم إلى حواء كان عامل أنسه ، و الله جعل هذا الأصل أساساً لإقامة ارتباطهما معاً ، و هذا الأنس الإنساني كان قبل ظهور غريزة الشهوة الجنسية ؛ لأن مسألة الغريزة كانت موضوعاً طرح في ما بعد .
- رابعاً : إن الله لقن آدم الميل الجنسي و شهوة الزواج ، و كان ذلك بعد مسألة الأنس و المحبة التي أقيمت قبل ذلك .
- خامساً : إن أفضل مهر و صداق هو تعليم العلوم الإلهية و تعلم معالم الدين ، حيث جعل الله ذلك مهر حواء على آدم .
- سادساً : بعد الزواج قال آدم لحواء ان تأتي إليه و تدير وجهها له ، فقالت له حواء ان يلتفت إليها فأمر الله آدم بالنهوض و الذهاب إلى حواء ، و هذا هو سر خطبة الرجل للمرأة ، و إلا لكانت المرأة نهضت لخطبة الرجل ، طبعاً ليس المقصود من هذه الخطبة ، هي الخطبة قبل العقد التي وردت في هذا الحديث المفصل .
الجوادي الآملي
تعليم المواضيع عن طريق القرآن
الفرق بين التفسير الموضوعي والتفسير الترتيبي
حقيقتان مهمّتان في تحريف القران
هل يمكن معرفة القرآن