و عودة الى مقالات الكاتب أنيس منصور ، و أحاديث العقاد و مناقشاته في صالونه ، الذي خرجت في كتاب صدر عن دار الشروق بالقاهرة في طبعته الأولى عام 1403 هـ/1983 تحت عنوان ( في صالون العقاد كانت لنا أيام ) في 702 صفحة من القطع الكبير ، و كان قد انتهى من نشر آخر حلقاته في الجريدة في 6/10/1981م ، فقد جاء في الصفحة 642 ، ان العقاد احتفظ ببيته ك، ما وجدوا بعد موته بـ : " قطعة قماش سوداء من الكعبة و قطعة قماش ذهبية من مسجد كربلاء بعث بها أئمة الشيعة في العراق " . و حول علاقة العقاد بالإمام الحسين (ع) ، يقول أنيس منصور في الصفحة 635 من الكتاب ما نصه ، قال د. عبد العزيز الأهواني ، و كان عائدا من أسبانيا : " أمس كنت أزور أحد الشيعة في سيدنا الحسين ، فقال إنه زار الأستاذ – العقاد - ولكنه لم يستطع أن يدخل بيته ، فقد شمّ رائحة بخور قوية جدا ، كالتي يشمها الشيعة عند دخولهم مسجد كربلاء ، إنها رائحة أهل البيت ، و إن الذي كتبه العقاد عن علي وبنيه و فاطمة الزهراء كفيل بأن يدخله الجنة مع الأئمة ، و إن الرجل عندما اطمأن على الأستاذ اكتفى بهذا القدر ، و عاد الى بيته يحمد الله على النعمة الضافية الزاخرة ، التي حظى بها واحد من أعظم المفكرين الإسلاميين في كل العصور .. ، إني لا أعرف إن كان هذا البخور حقيقة أو خرافة ، ولكن من المؤكد أن العقاد كان رجلا عظيما و مفكرا عبقريا ".
ربما يكون من حق الدكتور الأهواني المتوفى عام 1982م ، أن يشكك في حقيقة البخور ، لأن التبخر في نظره هو من فعل العامة ، و ليس من فعل عليَّة القوم ، و إن تشكيكه ناتج عن عدم تقبل فكرة أن يقوم مفكر و أديب كبير ، مثل العقاد بالتبخر ببخور مسجد الحسين (ع)، ، و يعتبر الدكتور الأهواني من منظري الفكر القومي الليبرالي الإِشتراكي ، وله كتاب " أزمة الوحدة العربية : أبحاث حول الإشتراكية و العروبة " صادر عام 1972م.
ولكن الحقيقة هي الحقيقة ، فالإمام الحسين (ع) في قلب كل مسلم ، بل هو في قلب كل عاشق للحرية ، و لايهوى الحرية إلا من كان مرهف الحس ، مسلماً كان أو غير مسلم، فالحرية أمر فطري ، و الناس تواقة لركوب الفلك الذي يكون ربانه حراً ، فكيف و ربّان فلك الحرية هو أبو الأحرار الذي قال في عرصات كربلاء : ( و الله لاأعطيهم بيدي إعطاء الذليل ، و لاأقرّ لهم إقرار العبيد ) .
د. نضير الخزرجي*
الرأي الآخر للدراسات – لندن
كيف نظر العقاد إلى الألطاف الخفية؟