بكيـتُ لرسـمِ الـدار مـن عَرَفـاتِ |
وأذريتُ دمعَ العيـنِ بالعَبـَراتِ |
وفَكَّ عُرى صـبري وهاجت صَبابتي |
رسومُ ديارٍ قد عَفَـت وعِـراتِ |
مـدارسُ آيـاتٍ خَلَـت مـن تـلاوةٍ |
ومنزلُ وحيٍ مُقفِر العَرَصـاتِ |
لآلِ رسولِ الله بالخيـفِ مـن مِنـىً |
وبالركن والتعريف والجمَـراتِ |
ديـار علـيٍّ والحســينِ وجعفـرٍ |
وحمزةَ والسـجّادِ ذي الثَّفِنـاتِ |
منـازل وحـيِ الله يَنــزِلُ بينَهـا |
على أحمدَ المذكورِ في السُّورات |
منـازل قـومٍ يُهتــدى بهداهــمُ |
فتُؤمَـنُ منهـم زَلّـةُ العَثَـراتِ |
منـازل كانـت للصــلاةِ وللتُّقـى |
وللصـومِ والتطهيرِ والحسـَناتِ |
منـازلُ جِبريـلُ الأميــنُ يَحِلُّهـا |
مـن الله بالتسـليم والرَّحَمـاتِ |
منـازل وحـيِ الله مَعـدِن علمـِه |
سـبيلُ رشـادٍ واضح الطُّرُقاتِ |
ديـارٌ عفاهـا جـورُ كـلِّ مُنابـذٍ |
ولم تَعـفُ للأيـام والسـنواتِ |
قِفا نسـألِ الدارَ التـي خَفَّ أهلهـا |
متّى عهدُها بالصومِ والصلوات |
وأين الأُلى شَطّت بهم غربةُ النـوى |
أفانيـنَ في الآفـاقِ مُفتَرِقـاتِ |
همُ أهلُ ميـراثِ النبيِّ إذا اعتـزَوا |
وهم خيرُ سـاداتٍ وخيرُ حُماةِ |
وما النـاسُ إلاّ غاصـبٌ ومكـذِّبٌ |
ومُضطغنٌ ذو إحنَـةٍ وتـِراتِ |
فكيـف يُحبّـون النبـيَّ ورهطَـهُ |
وهم تركوا أحشـاءهم وَغِراتِ |
أفاطـمُ قُومي يا ابنةَ الخير واندُبي |
نجومَ سـماواتٍ بأرضِ فَـلاةِ |
قبـورٌ بكوفـان وأخـرى بطيبـةٍ |
وأخـرى بفَخٍّ نالَها صَـلَواتي |
وقبـرٌ بأرضِ الجَوزَجـانِ مَحِلُّـهُ |
وقبر بباخَمْـرى لدى الغُرباتِ |
وقبـر ببغـدادٍ لنفــسٍ زكيّــةٍ |
تَضـمّنها الرحمنُ في الغُرُفاتِ |
وقبرٌ بطوسٍ يا لَها مـن مُصـيبةٍ |
ألَحَّت على الأحشـاءِ بالزَّفَراتِ |
إلى الحشـرِ حتّـى يبعثَ اللهُ قائماً |
يُفرِّجُ عنّـا الهـمَّ والكُرُبـاتِ |
فأمّا المُمِضّـاتُ التي لسـتُ بالغاً |
مبالغَهـا منّـي بكُنـهِ صفاتِ |
قبورٌ بجنبِ النهرِ من أرضِ كربلا |
مُعَرَّسُـهم فيهـا بشـطِّ فُراتِ |
تُوفُّـوا عُطاشـى بالفراتِ فليتَنـي |
تُوفِّيـتُ فيهـم قبلَ حينِ وفاتي |
إلى اللهِ أشـكو لَوعةً عند ذِكرِهـم |
سَقَتني بكأسِ الثُّكلِ والفَظَعـاتِ |
أخـافُ بأن أزدارَهـُم فتَشـوقَني |
مصارعُهم بالجزعِ فالنَّخَـلاتِ |
تَقسّمَهُم رَيبُ المَنونِ فمـا تَـرى |
لهم عُقوة مَغشـيّة الحجـراتِ |
سـوى أنّ منهم بالمدينة عُصـبةً |
مدى الدهرِ أنضاءً مِن اللَّزَباتِ |
قليلـة زُوّارٍ سـوى بعـضِ زُوَّرٍ |
من الضُّبع والعِقبان والرخَماتِ |
لهـم كلَّ يـومٍ نَومـةٌ بمَضـاجِعٍ |
لهم في نواحي الأرض مختلِفاتِ |
سـأبكيهـمُ مـا حَـجَّ للهِ راكـبٌ |
وما ناحَ قُمريٌّ على الشـجراتِ |
وإنّـي لمَولاهـم وقـالٍ عدوَّهـم |
وإني لمحزونٌ بطـولِ حياتـي |
أُحبُّ قَصـيَّ الرحم من أجل حبّكم |
وأهجُر فيكـم أُسـرتي وبناتي |
وأكتـمُ حُبِّيكُـم مخافـةَ كاشـحٍ |
عنيدٍ لأهلِ الحقِّ غيـرِ مُواتِ |
فيا عيـنُ بَكِّيهـم وجودي بعَبـرةٍ |
فقد آنَ للتَّسـكابِ والهمَـلاتِ |
لقد خِفتُ في الدنيا وأيـامِ سـعيها |
وإنّي لأرجو الأمنَ بعد وفاتي |
ألَم تَرَ أنّـي مـذ ثلاثيـنَ حجّـةً |
أروحُ وأغدو دائمَ الحسَـراتِ |
أرى فَيأهُـم في غيرهم مُتَقسَّـماً |
وأيديهمُ من فَيئهـم صَـفِراتِ |
سأبكيهمُ ما ذَرَّ في الأرضِ شارقٌ |
ونادى مُنادي الخير بالصلواتِ |
وما طَلَعت شمسٌ وحانَ غُروبُهـا |
وبالليـل أبكيهـم وبالغـُدُواتِ |
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غدٍ |
تَقَطَّع نفسـي إثرَهُم حَسَـراتِ |
خروجُ إمـامٍ لا مَحالـةَ خـارجٌ |
يقوم على اسـم الله والبركاتِ |