دور الأهل في صياغة شخصية الأبناء
يقول اللَّه تعالى في محكم كتابه العزيز: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً) ، و يقول النبي محمد (ص) فيما ينقل عنه: « علموهم سبعاً ، و أدبوهم سبعاً ، و آخوهم سبعا ً».
انطلاقاً مما ورد أعلاه ، نعرف أن للوالدين دوراً كبيراً هاماً في تربية ، و صياغة شخصية ولدهما وفق الآمال و الطموحات، فيجب على الأبوين ، أن يُبديا حبهما ، و تفهمهما لولدهما، و يقيما معه تلك العلاقة الطيبة المتبادلة ، التي تمكّنه من تنمية قدراته ، و السير على خطى والديه، فالوالدان يؤهلان ولدهما لدخول معترك الحياة من خلال ما يؤمنان به من آداب أو تقاليد اجتماعية خاصة بعد عدة سنوات.
و قد يظن كثير من الآباء و الأمهات ، أن مسألة التربية من أبسط الأمور ، و أسهلها، و هذا ناتج إما عن الجهل أو الاستخفاف، ولدى ملاحظة الكثير من التجارب بين الأهل و الأبناء، نجد نوعاً من التوتر و النفور المتبادل ، فالأب مثلاً ، يشقّ عليه هضم أفكار ، و تصرفات ولده، و كذلك الولد ، لا يتقبل أسلوب الأب الفوقي في العلاقة معه ، عندما يوجّه له الأب سيلاً من النصائح و المواعظ المستمرة، فما هو الحل؟ ، و كيف السبيل لإعادة اللحمة و التماسك، ليقف كل في مكانه المناسب يمارس دوره؟
أمام هذه الأزمة العابرة، و التي قد تتأصل ، إن لم يُحسِن الوالدان تداركها ، فتترك بصماتها السلبية على الوالدين من جهة و شخصية و مستقبل الولد من جهة أخرى. وبما أن هذا الموضوع يدخل في صميم التربية ، اقتضى الأمر توضيح صورة التربية و دورها، ثم استعراض ما يعرض للشباب في فترة البلوغ و المراهقة، و ما هو الموقف السليم إضافة إلى بعض النصائح و الإرشادات.
ما هي التربية؟
إن التربية ، تعني بذل الجهد و العمل الواعي من قبل الإنسان لإيجاد
التغييرات المنشودة ، فالمربّون الواعون ، يسعون من خلال التربية إلى تعليم الطفل أسلوب الاستمتاع بالحياة ، و تنمية
قواه الجسمية و
ملكاته الروحية ، لبلوغ الكمال المنشود،
إنهم ينقلون إليه ، أسس التفكير و الشعور و العمل المدروس، و يعملون على كشف الاستعدادات و القدرات و الملكات الكامنة لدى الطفل ، و توجيهها صوب الجوانب المراد تحقيقها.
فالعمل التربوي له عدّة أبعاد ، منها التربية الجسمية و الأخرى ، التربية الذهنية ، و ثالثة التربية الروحية و العاطفية ، فإذا حسنت ، و تكاملت هذه الأبعاد الثلاثة ، كان يمكن لنا صياغة شخصية طفل ناجح ، يراد له ، أن يكون رجل المستقبل.
و التربية في الرؤية الإسلامية هدفها كيان الإنسان ، و بناؤه وفق مقوّمات ، تقوم على العقيدة الإسلامية الصحيحة و الثقافة الواعية و العاطفة الإنسانية و التوازن بين الإرادة و السلوك.
فالمسلم بالدرجة الأولى مكلّف بتربية ولده تربية صالحة ليكون مصداق قوله تعالى: (إني جاعل في الأرض خليفة). فهذه مهمة صعبة وشاقة وحساسة وليست مجرد تسلية عقيمة.
الولد في فترة المراهقة و البلوغ:
و ضمن هذه الفقرة لا بد لنا ، من الوقوف قليلاً عند ظاهرة البلوغ ؛ فالبلوغ ، هو من علامات النمو الطبيعي ، فالذكور و الإناث ، يبلغون متى ما وصلوا إلى سنّ معيّنة ، فيقال إنهم انضّموا إلى عالم الرجال أو النساء، و يتمّ تحديد السنِّ للإناث ب(14) و للذكور ب(16) سنة، و حتى يكتمل البلوغ ، و يصل الشخص إلى مرحلة الكمال، فإن ذلك يتم للذكور في سن 18 سنة ، و للإناث في سن 16 سنة ، و بالتأكيد فإن هذا البلوغ ، يصاحبه عند الذكور والإناث علائم معينة يعرفها الوالدان جيداً.
و لا بدّ للوالدين من فهم هذا التطوّر الحاصل عند الولد، ليكون التعامل معه بطريقة و أسلوب ، يتسم بالحكمة ، و يراعي هذا التطور. و هو ما يشير إليه ما نسب إلى الرسول (ص) قوله: « إنا معاشر الأنبياء أمرنا ، أن نكلِّم الناس على قدر عقولهم» .
و يقول د. علي القائمي، بأن الأولاد في أغلبهم ، يعيشون في فترة المراهقة و البلوغ اضطراباً شديداً للأسباب التالية:
1. شعورهم بشخصياتهم قوي جداً ، و يرون لأنفسهم اعتباراً غير عادي.
2. مهاراتهم الاجتماعية قليلة ، و لا يعلمون كيف يجب ، أن يتغيّروا.
3. ليسوا مطّلعين على فنون الحياة الجماعية ، و لا يعلمون كيف يجب ، أن يكون نمط تصرفاتهم.
4. يعتبرون كثرة التوبيخ سبباً للإستهانة ويحبون أن تبقى كرامتهم مصانة.
5. يشعرون أنهم كبار ، و يجب أن لا يقبلوا بأي كلام ، و يستسلموا له.
6 .يضخمون الأشياء الصغيرة.
7. يمتازون بالتكبّر و الغرور ، و هم قلقون من احتمال النيل من كبريائهم.
8. إن افراز الهرمون الجنسي ، و دخولهم في مرحلة البلوغ و التحوّل الناتج عن ذلك ، له دور في ايجاد هذه المشاعر.
كما وي قول أيضاً: « و تظهر عنده رغبة في المخاصمة و القيام بأعمال كبيرة، و يتبدّل تصوّره لوالديه، حتى قد يظنّ بأنهما جاهلان و غافلان، و ذلك نتيجة الغرور و الخيال، إلا أن هذه الحالة تتغيّر ، و تتعدّل بالتدريج من خلال تحمل الأبوين »، و قد ذُكر أن العالم و المؤرخ ، مارك تواين ، كان في مرحلة البلوغ يعتبر أباه جاهلاً ، و صاحب أفكار بالية، و أنه أكثر الناس جهلاً، مع أن والده كان أستاذاً جامعياً، لكنه عند سن الحادية والعشرين، أصابته الدهشة من كثرة المعلومات، و المستوى العلمي الذي كان لدى أبيه.
بقلم: الشيخ علي نور الدين
التربية الذوقية والجمالية للشباب
التربية الوطنية والقيادية للشباب
التربية العقلية والعلمية للشباب
التربية في سن المراهقة ؛ نصائح للوالدين