• عدد المراجعات :
  • 1884
  • 5/31/2008
  • تاريخ :

إهتمامات  الإمام الخميني(قده)
  الإمام الخميني(قده)

لقد بات القاصي والداني يعرف تمام المعرفة، معالم الزهد والورع والاستقامة التي طبعت تعامل الإمام حيال مسائل الشهرة والزعامة والمرجعية، بحيث أن الخوض في هذا الموضوع يتطلب كتابة فصل مستقل عنه. على أي حال ـ ورغماً من إرادته الخاصة ـ فقد اقتضت الإرادة الإلهية أن يتربع سماحته على قمة لا تضاهي من الشهرة والمرجعية والمحبوبية. ونظراً لتصدره باب الزعامة والمرجعية المطلقة لعالم التشيع، وتزايد عدد محبيه ومريديه، فقد تدفقت سيول الحقوق والأموال الشرعية على مكتبه إلى حد بلغ معه مجموع الرواتب الشهرية التي تكفل الإمام بدفعها إلى الحوزات العلمية بالإضافة إلى سائر المصاريف الشرعية الشهرية، حوالي المليار ونصف المليار ريال.

إن الجهاز المالي المتوفر لدى المرجعية الشيعية لا مثيل له في العالم بدون شك. ولا أظن أن هناك مؤسسة أو شخصية يوجد في تصرفها هذا المقدار الهائل من الأموال. هذه الأموال التي تدفع من قبل أصحابها عن طيب خاطر كأداء للواجب الشرعي الإلهي الملقى على عاتقهم، بحيث لا يشعر المرجع الديني بأي حرج أو منّة تقع عليه بسبب ذلك. بل إن الطرف الآخر هو الذي يقدم الشكر على تقبل أمواله لأنه يعرف أنه بذلك يرفع التكليف الشرعي عن نفسه ويبرىء ذمته، فتصبح مسؤولية صرف الأموال في عهدة المرجع. هذه الطريقة المثلى هذه التي تحكم تعامل المرجع الديني مع سائر الذين يقومون بدفع الحقوق الشرعية. وأي اختلاف يلحظ في هذا المجال، يعتبر خروجاً عن المنهج السوي المتبع.

 

الاهتمام الخاص بالمزارعين

من المسائل الجديرة بالذكر في المجال، هي قصة الأرض الزراعية الواقعة بالقرب من اصفهان والتي قدمت إلى الإمام كحقوق شرعية، حيث كُلف أحد الفضلاء من قبل سماحته بأن يكون وكيلاً على القطعة لبيعها واستلام ثمنها. بعد مدة قصيرة، تناهى إلى سمع الإمام أن السيد فلان الذي عمل بوكالته قد باع قطعة الأرض المعينة واستلم ثمنها، إلا أن المزارعين العاملين هناك يعانون من أوضاع صعبة جداً. لذلك فقد قصدوا منزل شقيق سماحته، السيد بسنديده، وأخبروه بما سيحل بهم إذا أخذت الأرض منهم. وما كاد الإمام يسمع هذا الحديث المؤثر المنقول عن المزارعين، حتى أمر بنبرة حازمة قاطعة: لتنتقل ملكية الأرض إلى المزارعين، نفذوا هذا الطلب بسرعة.

 

الاهتمام الخاص بالمناطق المحرومة

لقد وضع الإمام الخميني قدس سره، نظاماً مالياً خاصاً لوكلائه المكلفين باستلام الحقوق الشرعية ووضع اللوائح الخاصة بها، يقضي بصرف ثلث الأموال الشرعية فقط في المناطق والنواحي القيمين عليها، وإرسال الثلثين الباقيين إلى مكتب سماحته من أجل صرفها إلى الحوزات العلمية وفي سبيل إعلاء كلمة الله. أما في المناطق النائية والمحرومة، فقد عكس سماحته القانون إياه، بحيث باتت ثلثي الأموال تصرف على تنمية تلك الأنحاء، بينما يرسل الثلث الباقي إلى المكتب الشرعي. وفي المناطق التي كانت تعاني من حرمان شديد، سمح الإمام لوكلائه بالتصرف التام بكل الأموال التي يجمعونها بشكل تصرف فيه على المساعدات الشرعية المعروفة، وعلى تلبية حاجات الفقراء الملتزمين. هذا النظام المالي انسحب أيضاً على كل وكلاء سماحته في كافة الأقطار الإسلامية. ومن جملة هذه الأقطار، لبنان؛ إذ أنه بالإضافة إلى الإجازة الشرعية الخطية التي نصت على صرف ثلث أو نصف الحقوق الشرعية على مناطق تواجدهم، فإن علماء أمة حزب الله كانوا يتمتعون بإجازة شفهية تعطيهم حق التصرف بثلثي الأموال الشرعية. أما الثلث الباقي الذي كان يرسل إلى المكتب، فكان يرجع بأمر من سماحته إلى لبنان مجدداً. كما أن السادة العلماء في لبنان عملوا على تأسيس صندوق (بيت مال المسلمين) الذي تولى صرف الأموال وخدمة المؤمنين الذين يستحقون وفي سبيل المصلحة الإسلامية العليا وخدمة المؤمنين الذي يستحقون المساعدة فعلاً. وفي نهاية كل عام، اعتدنا على استلام تقرير مفصل يتضمن بياناً بكافة النشاطات والخدمات التي أداها الصندوق المشار إليه.

وأكثر من ذلك، فقد أعطى سماحته إذناً لوكلائه في المناطق المحرومة والمستضعفة على وجه الخصوص، يقضي بأن يُنظر في حالة عوائل الشهداء، حرس الثورة، المقاتلين، وكل الذين يعملون في خدمة الإسلام بشكل عام، عندما يتقدمون لتأدية الواجبات المالية المترتبة عليهم. فإن تبين أنهم ذوي أوضاع مادية سيئة، وإذا اقتضت الضرورة، يُعمد بعد إجراء الحسابات الشرعية الدقيقة إلى تبرئة ذمتهم من هذه الناحية. وهذا الأسلوب اتبعه الإمام بنفسه في كثير من الحالات المشابهة.

 

القناعة والزهد عند الاقتدار

بعد هذا العرض المتواضع، يهمني أن أشير إلى أن الإمام الخميني، قد وضعت في تصرفه خلال فترة مرجعيته وزعامته برمتها، مئات المليارات من الريالات من باب الحقوق الشرعية. وعلاوة على ذلك، فإنه من موقع ولاية الأمر وقيادة الأمة الإسلامية، وزعامة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان ولياً وقيّماً على كل مخزونات الأموال ومصادر الثروة الطبيعية ومليارات المليارات من الأموال التي لا تعد ولا تحصى، وغيرها من أصناف الخيرات المتنوعة. مع كل ذلك، فإن هذا الإنسان المتكامل، العارف، الحكيم، والسالك إلى الله، لم يحاول الاستفادة ولو في أدنى الحدود والمقاييس، من القدرة الشرعية الكاملة أو القدرة السلطوية للدولة والنظام، وما تتيحاه له من حرية في اتخاذ القرار، للوصول إلى مكاسب مادية خاصة، أو أهداف شخصية ضيقة، أو امتياز يحمل طابعاً ذاتياً. وعلى نقيض ذلك، فقد عاشر حياته بأسرها في جو متواضع يعبق بالزهد والقناعة والبساطة، وقضى سحابة عمره طاهراً مرتاح الضمير.

حجة الإسلام حسن رحيميان

المنهج القويم في إصلاح الإنسان

من اقوال الامام الخميني

البرنامج اليومي للإمام الخميني(ره)

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)