الشاعر أبو فراس الحمداني ( رحمه الله )
( 320 هـ ـ 357 هـ )
اسمه وكنيته ونسبه :
أبو فراس ، الحارث بن سعيد بن حمدان بن حمدون بن الحارث ... بن تغلب الحمداني التغلبي .
ولادته :
ولد الشاعر أبو فراس عام 320 هـ بمدينة الموصل في العراق .
نشأته :
نشأ الشاعر أبو فراس يتيماً ، وعاش في ظلّ والدته التي حدبت على تربيته ، وكان ابنا عمّه السلطان ناصر الدولة وسيف الدولة ، فاصبح فارس ميدان العقل والفراسة والشجاعة والرياسة ، وجمع بين ريادة الشعر وقيادة العسكر ، عنده هيبة الأُمراء ، ولطف الشعراء ، ومفاكهة الأدباء ، فلا الحرب تخيفه ، ولا القوافي تعصيه ، واشترك في معارك ابن عمّه سيف الدولة مع الروم ، وأُسر مرّتين .
دخل التشيّع في مدينة حلب قبل عهد الحمدانين ، وانتشر وقوى فيها على عهد الحمدانين ، فقد كانوا يكرمون الأدباء والشعراء والعلماء والمحدثين ، ومن أبرز شعراء الحمدانين أبو فراس ، شاعر الشجاعة والبطولة والولاء ، فله قصائد كثيرة في الشجاعة والفروسية ، وكما له في حقّ أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فقد ألقى قصيدته الشهيرة على جسر بغداد أنذاك ، يفضح فيها مساوئ خلفاء بني العباس ، حتّى قال المعتصم العباسي : لو خيّرنا بينها وبين مليون سيف مشهورة لاخترنا المليون سيف المشهورة على هذه القصيدة ، يقول أبو فراس :
لا يطغيـن بنـي العباس ملكهـم |
بنـو علي مواليهـم وإن زعمـوا |
أتفخـرون عليهـم لا أبـاً لـكم |
حتّـى كأنّ رســول الله جدّكـم |
نادى النبـيّ بـها يـوم الغديـر |
لهم والله يشـهد والأملاك والأُمـم |
حتّى إذا أصبحت في غرّ صاحبها |
باتت تنازعـها الذئبـان والرخـم |
ثمّ ادعـوها بنو العباس ملكـهم |
وما لهـم قـدم فيــها ولا قــدم |
ليس الرشـيد كموسـى بالقياس |
ولا مأمونكم كالرضا لو انصف الحكم |
تمس التلاوة في أبياتـهم سحراً |
وفـي بيوتكــم الأوتـار والنغــم |
كانت مودّة سـلمان لهـم رحماً |
ولم تكـن بيـن نوح وابنـه رحـم |
أقوال العلماء فيه : نذكر منهم ما يلي :
1ـ قال أبو منصور الثعالبي : كان فرد دهره ، وشمس عصره ، أدباً وفضلاً وكرماً ونبلاً ومجداً وبلاغةً وبراعةً وفروسيةً وشجاعةً ، وشعره مشهور سائر بين الحسن والجودة ، والسهولة والجزالة ، والعذوبة والفخامة ، والحلاوة والمتانة .
2ـ قال الصاحب بن عبّاد : ( بدأ الشعر بملك وختم بملك ) ، يعني امرئ القيس وأبا فراس الحمداني .
وفاته :
قتل الشاعر الحمداني ( رحمه الله ) في الثامن من ربيع الأوّل 357 ه ، ودفن في قرية صدد قرب حمص في سورية ، وقبره معروف يزار .
الشاعر أبو فراس الحمداني
ينظم في الغدير
قام النبي بها يوم الغدير لهم |
والله يشهد والأملاك والأُمم |
حتّى إذا أصبحت في غير صاحبها |
باتت تنازعها الذؤبان والرخم |
وصيّروا أمرهم شورى كأنّهم |
لا يعرفون ولاة الحقّ أيّهم |
تالله ما جهل الأقوام موضعها |
لكنّهم ستروا وجه الذي علموا |
ثمّ ادّعاها بنو العباس ملكهم |
ولا لهم قدم فيها ولا قدم |
لا يذكرون إذا ما معشر ذكروا |
ولا يحكم في أمر لهم حكم |
ولا رآهم أبو بكر وصاحبه |
أهلا لما طلبوا منها وما زعموا |
فهل هم مدعوها غير واجبة |
أم هل أئمّتهم في أخذها ظلموا |
أمّا علي فأدنى من قرابتكم |
عند الولاية إن لم تكفر النعم |
أينكر الحبر عبد الله نعمته |
أبوكم أم عبيد الله أم قثم |
بئس الجزاء جزيتم في بني حسن |
أباهم العلم الهادي وأُمهم |
لا بيعة ردعتكم عن دمائهم |
ولا يمين ولا قربى ولا ذمم |
هلا صفحتم عن الأسرى بلا سبب |
للصافحين ببدر عن أسيركم |
هلا كففتم عن الديباج سوطكم |
وعن بنات رسول الله شتمكم |
ما نزهت لرسول الله مهجته |
عن السياط فهلا نزه الحرم |