الشاعر أبو نؤاس ( رحمه الله )
( 145 هـ ـ 199 هـ )
اسمه ونسبه :
الشاعر الحسن بن هاني بن عبد الأوّل بن الصباح بن عبد الله بن الجرّاح .
ولادته :
ولد الشاعر أبو نؤاس عام 145 ه بمدينة الأهواز أو البصرة .
نشأته :
تعلّم في البصرة ، وحفظ القران الكريم ، ودخل البادية وخالط أعرابها ، فاستقام لسانه وقوي بيانه ، ويعدّ من أكبر شعراء العصر العباسي .
فقيه غلب عليه الشعر :
هو في طليعة الشعراء المحدّثين ، بل هو مقدّم على جميعهم بشهادة جماعات من أكابر العلماء والأُدباء وفحول الشعراء ، فجعله أشعر الناس ، وهو أكثر المحدّثين تفنّناً ، وأبدعهم خيالاً مع رقّة لفظ وبديع معنى ، وهو شاعر مطبوع ، برز في كلّ فنّ من فنون الشعر .
كان أبو نؤاس شيعياً ، لذا نظم أبياتاً في أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وخاصّة في الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، فقد روي أنّه دخل على المأمون فقال له : يا أبا نؤاس قد علمت مكان علي بن موسى الرضا منّي ، وما أكرمته به ، فلماذا أخّرت
مدحه ، وأنت شاعر زمانك ، وقريع دهرك ؟ فأنشأ يقول :
قيل لي أنت أوحد الناس طـرّاً |
في فنون من الكلام النبيـه |
لك مـن جوهـر الكلام بديـع |
يثمر الدرّ في يدي مجتنيه |
فعلى ما تركت مدح ابن موسى |
والخصال التي تجمعن فيه |
قلت لا أهتـدي لمـدح إمـام |
كان جبريـل خادماً لأبيه |
وقال في أهل البيت ( عليهم السلام ) :
مطهّرون نقيّـات جيوبهـم |
تتلى الصلاة عليهم أينما ذكروا |
من لم يكن علوياً حين تنسبه |
فما له في قديم الدهر مفتخـر |
والله لمّـا برى خلقاً فأتقنـه |
صفاكم واصطفاكم أيّها البشـر |
فأنتم الملا الأعلى وعندكـم |
علم الكتاب وما جاءت به السور |
روي أنّه لمّا أنشدها قال له الإمام الرضا ( عليه السلام ) : ( قد جئتنا بأبيات ما سبقك أحد إليها ، يا غلام هل معك من نفقتنا شيء ) ؟ فقال : ثلاثمائة دينار ، فقال ( عليه السلام ) : ( أعطها إيّاه ) ، ثمّ قال ( عليه السلام ) : ( يا غلام سق إليه البغلة ) .
أقوال العلماء فيه : نذكر منهم ما يلي :
1ـ قال الشيخ أبو علي الحائري في منتهى المقال : وأمّا الحكايات المتضمّنة لذمّه فكثيرة ، لكن غير مسندة إلى كتاب يستند إليه ، أو ناقل يعوّل عليه ، وكيف كان هو من خلّص المحبّين لهم ( عليهم السلام ) ، والمادحين إيّاهم .
2ـ قال ابن منظور صاحب لسان العرب : أنّ أغلب ما ينسب إلى أبي نؤاس من المجون والخلاعة كذب ملفّق لا تصحّ نسبته إليه بحجج ناصعة وأدلّة واضحة ، وممّا يشهد بذلك استماع كبار الأئمّة لأشعاره المختلفة .
3ـ قال الإمام أبو عبيدة اللغوي : المشهور كان أبو نواس للمحدّثين مثل امرئ القيس للمتقدّمين .
وفاته :
توفّي الشاعر أبو نؤاس ( رحمه الله ) عام 198 أو 199 ه بالعاصمة بغداد ، ودفن فيها .
الشاعر أبو نؤاس
ينظم في توحيد الله
تأمّل في نبات الأرض وانظر |
إلى آثار ما صنع المليك |
عيون من لجين شاخصات |
وأزهار كما الذهب السبيك |
على قضب الزبر جد شاهدات |
بأنّ الله ليس له شريك |
الشاعر أبو نؤاس
ينظم في غدير خم
قام النبي بها يوم الغدير لهم |
والله يشهد والأملاك والأُمم |
حتّى إذا أنكر الشيخان صاحبها |
باتت تنازعها الذئبان والرخم |
وصيّرت بينهم شورى كأنّهم |
لا يعلمون ولاة الأمر أين هُم |
تالله ما جهل الأقوام موضعها |
لكنّهم ستروا وجه الذي علموا |
الشاعر أبو نؤاس
ينظم في مدح الإمام الرضا ( عليه السلام )
أبصرتك العين من غير ريبة |
وعارض فيه الشكّ أثبتك القلب |
ولو أن ركباً أمموك لقادهم |
نسيمك حتّى يستدل بك الركب |
جعلتك حسبي في أُموري كلّها |
وما خاب من أضحى وأنت له حسب |
وقال :
قيل لي أنت أوحد الناس طرّاً |
في فنون من الكلام النبيه |
لك من جوهر الكلام بديع |
يثمر الدرّ في يدي مجتنيه |
فعلى ما تركت مدح ابن موسى |
والخصال التي تجمعن فيه |
قلت لا أهتدي لمدح إمام |
كان جبريل خادماً لأبيه |
الشاعر أبو نؤاس
قيل لي قل لعلي مدحاً |
ذكره يخمد ناراً موصده |
قلت لا أقدم في مدح امرء |
حار ذو اللب إلى أن عبده |
والنبي المصطفى قال لنا |
ليلة المعراج لما صعده |
وضع الله على ظهري يداً |
فأحسّ القلب إن قد برده |
وعلي واضع أقدامه |
في محلّ وضع الله يده |
الشاعر أبو نؤاس
ينظم في مدح أهل البيت ( عليهم السلام )
يا ربّ إن عظمت ذنوبي كثرة |
فلقد علمت بأنّ عفوك أعظم |
أدعوك ربّ كما أمرت تضرّعاً |
فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم |
إن كان لا يرجوك إلاّ محسن |
فمن الذي يرجو ويدعو المجرم |
مالي إليك وسيلة إلاّ الرجا |
وجميل ظنّي ثمّ إنّي مسلم |
مستمسّكاً بمحمّد وبآله |
ان الموفق من بهم يستعصم |
ثمّ الشفاعة من نبيّك أحمد |
ثمّ الحماية من علي أعلم |
ثمّ الحسين وبعده أولاده |
ساداتنا حتّى الإمام المكتم |
سادات حرّ ملجأ مستعصم |
بهم ألوذ فذاك حصن محمكم |
الشاعر أبو نؤاس
ينظم في مدح أهل البيت ( عليهم السلام )
مطهّرون نقيّات ثيابهم |
تجري الصلاة عليهم أين ما ذكروا |
من لم يكن علوياً حين تنسبه |
فما له من قديم الذكر من مفتخر |
وأنتم الملأ الأعلى وعندكم |
علم الكتاب وما جاءت به السور |
وقال :
من كان في الحشر له شافع |
فليس لي في الحشر من شافع |
سوى النبي المصطفى أحمد |
ثم المزكي الخاشع الراكع |
وقال :
فهو الذي قدّم الله العلي له |
أن لا يكون له في فضله اثان |
فهو الذي امتحن الله القلوب به |
عما تجمجمن من كفر وإيمان |
وأن قوماً رجوا إبطال حقّكم |
أمسوا من الله في سخط وعصيان |
لن يدفعوا حقّكم إلاّ بدفعهم |
ما انزل الله من آي وقرآن |
فقلّدوها لأهل البيت إنّهم |
صنو النبي وأنتم غير صنوان |
تكملة الإمام الرضا ( عليه السلام ) لقصيدة دعبل الخزاعي