وصول الإمام الحسين ( عليه السلام ) إلى كربلاء
في إحدى المحطَّات الواقعة في الطريق إلى كربلاء قام الإمام الحسين ( عليه السلام ) خطيباً ، موضِّحاً لأصحابه المصير الذي ينتظرهم .
فقال الإمام ( عليه السلام ) :
( إنَّه قدْ نَزَل بنا من الأمر ما قد تَرَون ، وإن الدنيا قد تغيَّرت وتنكَّرت ، وأدبَر مَعروفُها ، واستمرَّت حدَّاء [ مقطوعة ] ، ولم تبقَ منها إلا صبابة كَصبابة الإناء ، وخَسيس عَيشٍ كالمَرْعى الوَبيل .
ألاَ تَرَون إلى الحقِّ لا يُعمَل به ، وإلى الباطلِ لا يُتناهى عنه ، ليرغب المؤمنُ في لقاء ربِّه مُحقاً ، فإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا بَرَماً [ مللاً ] ) .
وسار الركب نحو كربلاء ، ولم يقطع مسافة طويلة حتى اعترضه الجيش الأموي ، واضطرَّه للنزول .
فراح الإمام ( عليه السلام ) يسأل وكأنَّه يبحث عن أرض كربلاء ، فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( مَا اسْمُ هَذه الأرض ؟ ) .
فقيل له : أرض الطف .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( هَلْ لَهَا اسمٌ غير هذا ؟ ) .
قيل : اسمُها كربلاء .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( اللَّهُمَّ أعوذُ بك من الكَرْبِ والبَلاء ) .
ثم قال الإمام ( عليه السلام ) : ( هَذا مَوضع كَربٍ وبَلاء ، انزلوا ، هَاهُنا مَحطُّ رِحالِنا ، ومَسفَكُ دِمائِنَا ، وهَاهُنا مَحلُّ قبورِنا ، بِهَذا حدَّثني جَدِّي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ) .
فنزل الإمام الحسين ( عليه السلام ) في أرض كربلاء ، وضَرَب فِسْطَاطه ، وراحَ يُعدُّ سِلاحه ، ويصلح سَيفه ، مُردِّدا ( عليه السلام ) الأبيات الآتية :
يَا دَهْرُ أُفُّ لَكَ مِن خَليلِ |
كمْ لك بالإشرَاقِ والأصيلِ |
مِن طَالبٍ وصَاحبٍ قَتيل |
والدَّهْر لا يَنفَعُ بالبَديلِ |
وكُلّ حيٍّ سَالِكٌ سَبيلِ |
مَا أقرَبُ الوَعْد مِن الرَّحيل |
وإنما الأمرُ إلى الجَليلِ
فكان الإمام الحسين ( عليه السلام ) يردد أبيات الشعر و زينب ( عليها السلام ) تنصت إليه ، وتقرأ من خلال الشعر مشاعره وأحاسيسه ، فتندبه وتناديه بصوتٍ يملأه الحنان ، فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( نَعَمْ يا أختَاه ) .
فقالت ( عليها السلام ) : ( وَاثكْلاه ، يَنعي الحُسَين إليَّ نَفسَه ) .