دفن الإمام الحسين ( عليه السلام ) وباقي شُهَداء الطف
بقيت الجُثث الزاكيات مطرَّحة في ميدان المعركة ، فَهُنا يربض جسد الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وهناك يمتدُّ جثمان أخيه أبي الفضل العباس ( عليه السلام ) .
وهنا تتحلَّق نجوم من أجساد آل أبي طالب ، وترقد جثمان كواكب الأنصار ، فهم متناثرون يملئُون أرض المعركة ، فكانت بهم سماء ، وكانوا فيها أنجماً .
ومَضى ركب السبايا وغاب في الصحراء ، وبقي خيال الشعراء يرسم بقوافيه لوحة الطف الحمراء ، ويفيض بمشاعر الحزن واللَّوعة ، ويذكي روح الكِفاح والثورة .
ولنستمع هنا إلى ما يقوله أحد الشعراء حول مصرع سيد الشهداء الإمام الحسين ( عليه السلام ) :
جَاءُوا بِرأسِكَ يَا ابنَ بِنْت مُحمَّدٍ |
مُترَمِّلاً بِدمِائِهِ تَرمِيلا |
وَكأنَّما بِكَ يَا ابْنَ بِنتِ مُحمَّدٍ |
قَتلوا جِهَاراً عَامِدينَ رَسُولا |
قَتَلوكَ عَطْشاناً وَلمَّا يَرقَبُوا |
في قَتْلِكَ التأويلَ والتنْزيلا |
وَيُكبِّرونَ بِأنْ قُتلْتَ وإنَّما |
قَتلوا بِكَ التكبيرَ والتَّهليلا |
لنترك الشعر والشعراء ، ونذهب إلى رجال قبيلة بني أسد ، وهي القبيلة التي وقعت معركة الطف بالقرب منها .
فقد خرج رجالها يتفحَّصون القتلى ، ويتتبَّعون أنباء الواقعة بعد رحيل جيش عمر بن سعد ، حيث بقيت جثث الشهداء مطرَّحه في مصارعها ثلاثة أيام ، تَنْتابُها الوحوش ، وتلفحُها حَرارة الشمس المحرقة .
وقد روى الشيخ المفيد حول ذلك وقال : توجَّه رجال بني أسد وكانوا نزولاً بالغاضرية إلى الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ، فَصلّوا عليهم ، ودفنوا الحسين ( عليه السلام ) حَيثُ قبره الآن ، ودفنوا ابنه علي بن الحسين ( عليه السلام ) عند رجله .
وحفروا للشهَداء من أهل بيته وأصحابه ، الذين صُرعوا حوله ، مما يلي رجلي الحسين ( عليه السلام ) .
فجمعوهم ودفنوهم جميعاً معاً ، ودفنوا العبَّاس بن علي ( عليهما السلام ) في موضعه الذي قُتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن ( الإرشاد : 243 ) .
وهكذا ربض الجسد الشريف للإمام الحسين ( عليه السلام ) على مقربة من نهر الفرات ، في أرض كربلاء ، عَلَماً تهوي إليه الأفئدة ، ومناراً ينير الدرب للثوَّار .
فالتحق الإمام الحسين ( عليه السلام ) بالشهداء والصدِّيقين ، والصالحين والنبيِّين ، وحَسُن أولئكَ رَفيقاً .
شهادة الإمام الحسن ( ع ) ودفنه
مقتله