إخبار النبي ( صلي الله عليه وآله وسلّم) بقتل الحسين (عليه السلام)
• روى ابن عساكر بإسناده عن شداد أبي عمار ، قال : ( قالت أم الفضل بنت الحرث ، زوجة العباس بن عبد المطلب : يا رسول الله رأيت رؤيا أعظمك أن أذكرها لك! ، قال : اذكريها ،
قالت: رأيت كأن بضعة منك قطعت فوضعت في حجري! ،
فقال صلى الله عليه و سلم : إن فاطمة حبلى تلد غلاماً أسميه حسيناً و تضعه في حجرك ،
قالت : فولدت فاطمة حسيناً ، فكان في حجري أربيه ، فدخل عليّ رسول الله (صلّى الله عليه و آله و سلّم) يوماً وحسين معي فأخذه يلاعبه ساعة ، ثم ذرفت عيناه ! ،
فقلت: يا رسول الله ما يبكيك ؟ ، فقال : هذا جبرئيل يخبرني أن أمتي تقتل ابني هذا ) ، (1).
• روى الحاكم النيسابوري بإسناده عنها : ( أنها دخلت على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فقالت : يا رسول الله ، إني رأيت حلماً منكراً الليلة ،
قال: و ما هو ؟ ، قالت : إنه شديدٌ
قال : و ما هو ؟ ، قالت : رأيت كأن قطعه من جسدك قطعت و وضعت في حجري ،
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : رأيت خيراً تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً ، فيكون في حجرك ، فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري كما قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فدخلت يوماً إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فوضعته في حجره . ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تهريقان من الدموع قالت ، فقلت : يا نبي الله بأبي أنت و أمي مالك ؟ ،
قال: أتاني جبريل عليه الصلاة و السلام ، فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا ، فقلت : هذا ؟ ،
فقال : نعم و أتاني بتربة من تربته حمراء) ، (2).
• روى الخوارزمي بإسناده عنها : ( حين أدخلت حسيناً على رسول الله ، فأخذه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و بكى و أخبرها بقتله إلى أن قال :
ثم هبط جبرئيل في قبيل من الملائكة ، قد نشروا أجنحتهم يبكون حزناً على الحسين ، و جبرئيل معه قبضة من تربة الحسين تفوح مسكاً إذفر. فدفعها إلى النبي و قال : يا حبيب الله هذه تربة ولدك الحسين بن فاطمة و سيقتله اللعناء بأرض كربلا ، فقال النبي: حبيبي جبرئيل ، و هل تفلح أمة تقتل فرخي و فرخ ابنتي ؟ ، فقال جبرئيل : لا، بل يضربهم الله بالاختلاف فتختلف قلوبهم و ألسنتهم آخر الدهر ) ، (3).
• و روى بإسناده عن أسماء قالت : ( فلما كان بعد حول من مولد الحسن ولدت الحسين فجاءني النبي (ص) ، فقال: يا أسماء هاتي ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء ، فأذّن في أذنه اليمنى ، و أقام في اليسرى ، ثم وضعه في حجره و بكى قالت أسماء ، فقلت : فداك أبي و أمي ، ممّ بكاؤك ؟
قال : على ابني هذا ، قلت : إنه ولد الساعة ،
قال : يا أسماء تقتله الفئة الباغية لا أنالهم الله شفاعتي ، ثم قال : يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا فإنها قريبة عهد بولادته ، ثم قال لعلي : أي شيء سميت ابني ؟ ،
قال : ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول الله ، و قد كنت أحب أن أسميه حرباً ،
فقال النبي (ص) : ولا أنا أسبق باسمه ربّي عزّ و جل ،
فهبط جبرئيل (عليه السلام) و قال : يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام ، و يقول علي منك بمنزلة هارون من موسى ولا نبي بعدك ، سمّ ابنك باسم ابن هارون ، قال : ما اسم ابن هارون ؟ ، قال: شبير ،
قال : لساني عربي يا جبرئيل ، قال : سمه حسيناً ،
قالت أسماء : فسماه الحسين ، فلما كان يوم سابعه عق النبي (ص) عنه بكبشين أملحين ، و أعطى القابلة فخذا ، و حلق رأسه ، و تصدّق بوزن الشعر ورقاً و طلى رأسه بالخلوق ، وقال : يا أسماء ، الدم فعل الجاهلية ) ، (4).
• روى نصر بن مزاحم بإسناده عن هرثمة بن سليم قال : ( غزونا مع عليّ بن أبي طالب غزوة صفّين ، فلمّا نزلنا بكربلا ء صلى بنا صلاة ، فلما سلّم رفع إليه من تربتها فشمّها ، ثم قال : ( واهاً لك أيتها التربة ، ليحشرنّ منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب ) ،
فلمّا رجع هرثمة من غزوته إلى امرأته و هي جرداء بنت سمير ـ و كانت شيعة لعليّ ـ فقال لها زوجها هرثمة ألا أعجبك من صديقك أبي الحسن ؟ ، لمّا نزلنا كربلاء رفع إليه من تربتها ، فشمها ، و قال : ( واهاً لك يا تربة ، ليحشرنّ منك قوم يدخلون الجنّة بغير حساب ) ، و ما علمه بالغيب ؟ ، فقالت : دعنا منك أيّها الرجل ، فإن أمير المؤمنين لم يقل إلاّ حقاً ، فلمّا بعث عبيد الله بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين بن عليّ و أصحابه ، قال: كنت فيهم في الخيل التي بعث إليهم ، فلمّا أنهيت إلى القوم و حسين وأ صحابه ، عرفت المنزل الذي نزل بنا عليّ فيه و البقعة التي رفع إليه من ترابها ، و القول الذي قاله ، فكرهت مسيري ، فأقبلت على فرسي حتى وقفت على الحسين ، فسلّمت عليه و حدثته بالذي سمعتُ من أبيه في هذا المنزل ،
فقال الحسين : معنا أنت أو علينا ؟ ،
فقلت : يابن رسول الله لا معك و لا عليك ، تركت أهلي و ولدي أخاف عليهم من ابن زياد ،
فقال الحسين : فولّ هرباً حتى لا ترى لنا مقتلاً ، فوالذي نفس محمد بيده لا يرى مقتلنا اليوم رجلٌ ، و لا يغيثنا إلاّ أدخله الله النا ر،
قال: فأقبلت في الأرض هارباً حتى خفي عليّ مقتله ) ، (5).
• و روى بإسناده عن أبي جحيفة قال: ( جاء عروة البارقي إلى سعيد بن وهب ، فسأله و أنا أسمع ، فقال : حديث حدثتنيه عن علي بن ابي طالب ،
قال : نعم بعثني مخنف بن سُليم إلى علي ، فأتيته بكربلاء ، فوجدتُه يشير بيده ، و يقول: (
ها هنا ) ،
فقال له رجل : و ما ذلك يا أمير المؤمنين ؟ ،
قال ثقلٌ لآل محمد ينزل هنا فويلٌ لهم منكم ، و ويلٌ لكم منهم ،
فقال له الرجل : ما معنى هذا الكلام يا أمير المؤمنين ؟ ،
قال: ويلٌ لهم منكم ، تقتلونهم ، و ويلٌ لكم منهم ، يدخلكم الله بقتلهم إلى النار ) ، (6).
• وقد روي هذا الكلام على وجه آخر: ( أنه عليه السلام قال : فويلٌ لكم منهم ، و ويلّ لكم عليهم ،
قال الرجل : أمّا ويل لنا منهم فقد عرفت ، و ويلٌ لنا عليهم ما هو ؟ ،
قال: ترونهم يقتلون و لا تستطيعون نصرهم ) ، (7).
• و روى بإسناده عن الحسن بن كثير عن أبيه: ( أن عليّاً أتى كربلاء فوقف بها ، فقيل: يا أمير المؤمنين ، هذه كربلاء ،
قال : ذات كرب و بلاء ، ثم أومأ بيده إلى مكان ، فقال : هاهنا موضع رحالهم ، و مناخ ركابهم ،
و أومأ بيده إلى موضع آخر فقال : هاهنا مهراق دمائهم ) ، (8).
• روى ابن عساكر بإسناده عن أبي عبيد الضبي قال : (دخلنا على أبي هرثم الضبي حين أقبل من صفّين مع علي ، و هو جالس على دكان له ، و له امرأة يقال لها جرداء ، و هي أشدّ حباً لعلي ، و أشد لقوله تصديقاً ، فجاءت شاة له فبعرت ، فقال: لقد ذكرني بعر هذه الشاة حديثاً لعلي!!
قالوا : و ما علم علي بهذا ؟ ،
قال : أقبلنا مرجعنا من صفّين فنزلنا كربلاء ، فصلّى بنا علي صلاة الفجر بين شجيرات و دوحات حرمل ، ثم أخذ كفاً من بعر الغزلان ، فشمّه ثم قال : أوه أوه يقتل بهذا الغائط ، قوم يدخلون الجنّة بغير حساب ،
قال أبو عبيد ، قالت جرداء : و ما تنكر من هذا ؟ ، هو أعلم بما قال منك ، نادت بذلك و هي في جوف البيت ) ، (9).
- ما روي عن الأئمة الاثني عشر في شهادة الحسين (عليه السلام)
• روى الحضرمي الشافعي بإسناده عن الربيع بن المنذر عن أبيه قال : ( كان الحسين بن علي (رضي الله عنهما) يقول :
من دمعت عيناه فينا دمعة أو قطرت عيناه فينا قطرة آتاه الله ـ و في رواية بوّأه الله ـ الجنّة ) ، (10).
• روى الشيخ الطوسي بإسناده عن الربيع بن المنذر عن أبيه عن الحسين بن علي (عليه السلام) قال : ( ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة ، إلاّ بوأه الله في الجنّة حقباً ،
قال أحمد بن يحيى الأودي : فرأيت الحسين بن علي في المنام ، فقلت : حدثني محول بن إبراهيم ، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، عنك أنك قلت: ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة أو دمعت عيناه فينا دمعة إلاّ بوّأه الله بها في الجنّة حقبا ، قال: نعم قلت ، سقط الإسناد بيني و بينك) ، (11).
• روى الصدوق بإسناده عن إبراهيم بن أبي محمود قال : ( قال
الرضا (عليه السلام) إن المحرّم شهر كان أهل الجاهلية ، يحرمون فيه القتال ، فاستحلّت فيه دماؤنا ، و هتك فيه حرمتنا ، و سبي فيه ذرارينا ، و نساؤنا ، و أضرمت النيران في مضاربنا ، و انتهب ما فيها من ثقلنا ، و لم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا ، إن يوم الحسين أقرح جفوننا ، و أسبل دموعنا ، و أذلّ عزيزنا بأرض كرب و بلاء ، و أورثنا الكرب و البلاء إلى يوم الانقضاء ، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإن البكاء يحط الذنوب العظام ،
ثم قال : كان أبي إذا دخل شهر المحرّم لا يُرى ضاحكاً ، و كانت الكآبة تغلب عليه ، حتى يمضي منه عشرة أيّام ، فإذا كان يوم العاشر ، كان ذلك اليوم يوم مصيبته و حزنه و بكائه و يقول :
هو اليوم الذي قتل فيه الحسين ) ، (12).
• و روى بإسناده عن الريان بن شبيب ، قال : ( دخلت على الرضا (عليه السلام) في أول يوم من المحرّم ، فقال لي: يابن شبيب أصائم أنت ؟ ،
فقلت: لا، فقال إن هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريّا ربّه عزّ و جل فقال : ربّ هب لي من لدنك ذريّة طيّبة ، انّك سميع الدعاء فاستجاب الله له ، و أمر الملائكة ، فنادت زكريّا ، و هو قائم يصلّي في المحراب ، إن الله يبشّرك بيحيى ، فمن صام هذا اليوم ، ثم دعا الله عز و جل استجاب الله له ، كما استجاب لزكريا ،
ثم قال : يابن شبيب إنّ المحرّم ، هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرمون فيه الظلم و القتال لحرمته ، فما عرفت هذه الأمة حرمة شهرها ، و لا حرمة نبيها (ص) ، لقد قتلوا في هذا الشهر ذرّيته ، و سبوا نساءه ، و انتهبوا ثقله ، فلا غفر الله لهم ذلك أبداً ،
يا بن شبيب ، إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فإنه ذبح كما يذبح الكبش ، و قتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لهم في الأرض شبيهون ، و لقد بكت السماوات السبع و الأرضون لقتله ، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره فوجدوه قد قتل ، فهم عند قبره شعث غبر إلى أن يقوم القائم ، فيكونون من أنصاره و شعارهم :
يا لثارات الحسين، يا ابن شبيب لقد حدثني أبي عن أبيه عن جده (عليه السلام) ، إنّه لما قتل الحسين جدي (صلوات الله عليه) ، مطرت السماء دماً و تراباً أحمر ،
يا ابن شبيب ، إن بكيت على الحسين (عليه السلام) حتى تصير دموعك على خديك ، غفر الله لك كل ذنب أذنبته صغيراً كان أو كبيراً ، قليلاً كان أو كثيراً ،
يابن شبيب ، إن سرك أن تلقى الله عزّ و جلّ و لا ذنب عليك ، فزر الحسين (عليه السلام) ،
يا بن شبيب ، إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي و آله صلوات الله عليهم ، فالعن قتلة الحسين،
يا بن شبيب ، إن سرّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين (عليه السلام) ، فقل متى ما ذكرته :
يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً .
يا بن شبيب ، إن سرّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا ، و افرح لفرحنا و عليك بولايتنا ، فلو أنّ رجلاً تولى حجراً لحشره الله معه يوم القيامة ) ، (13).
-----------------------------------------------------------------------------------------
الهوامش
1 ـ ترجمة الإمام الحسين من تاريخ مدينة دمشق: ص 183، رقم: 182.
2 ـ المستدرك على الصحيحين: ج 3 ص 176، ورواه الخوارزمي في مقتل الحسين: ج 1 ص 159 والسيوطي في الخصائص الكبرى: ج 2 ص 449 مع فرق يسير.
3 ـ مقتل الحسين: ج 1 ص 162.
4 ـ المصدر: ص 88.
5 ـ وقعة صفين: ص140.
6 ـ وقعة صفين: ص141.
7 ـ وقعة صفّين: ص 141.
8 ـ المصدر: ص 142.
9 ـ ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من تاريخ مدينة دمشق: ص 187 رقم 237.
10 ـ وسيلة المآل: ص 115 ورواه السمهودي في (جواهر العقدين) العقد الثاني، الذكر العاشر: ص 255.
11 ـ الأمالي: ج 4 ص 72.
12 ـ أمالي الصدوق المجلس السابع والعشرون: ص 128 الحديث: 2.
13 ـ المصدر: ص 129 الحديث 5.