ولادة الامام الحسين ( عليه السلام )
- رؤيا أم الفضل :
رأت أم الفضل بنت الحارث في منامها رؤيا غريبة لم تهتدِ إلى تأويلها ، فهرعت إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قائلة له : إني رأيت حلماً مُنكراً ، كأنَّ قطعة من جَسدِك قُطعت وَوُضعت في حِجري ؟!!
فأزاح النبي ( صلى الله عليه وآله ) مخاوفها ، و بشَّرها بخير قائلاً : ( خيراً رأيتِ ، تَلد فاطمةُ إن شاء الله غلاماً فيكون في حِجرك ) .
- الوليد المبارك :
وضعت سيدة نساء العالمين ( عليها السلام ) وليدها العظيم الذي لم تَضع مثله سيدة من بنات حوَّاء – لا في عصر النبوة ولا فيما بعده – أعظمُ بركة ولا أكثر عائدة على الإنسانية منه ، فلم يكن أطيب ولا أزكى ولا أنور منه . و تردَّد في آفاق المدينة المنورة صدى هذا النبأ المفرح ، فهرعت أمَّهات المؤمنين وسائر السيدات من نساء المسلمين إلى دار سيدة النساء فاطمة ( عليها السلام ) وَ هُنَّ يُهَنِّئْنَها بمولودِها الجديد .
- وُجوم النبي ( صلى الله عليه وآله ) و بكاؤه :
ولمَّا بُشِّر الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) بسبطه المبارك ، خف مسرعاً إلى بيت بضعته فاطمة ( عليها السلام ) و هو ثقيل الخطوات ، وقد ساد عليه الوجوم والحزن ، فنادى بصوت خافت حزين النبرات : ( يَا أسماء ، هَلُمِّي ابنِي ) .
فَناولَتْهُ أسماء ، فاحتضنه النبي ( صلى الله عليه وآله ) وجعل يُوسعه تَقبيلاً وقد انفجر بالبكاء .
فَذُهِلت أسماء و انبرت تقول : فِداك أبي وأمي ، ممّ بكاؤك ؟!
فأجابها النبي ( صلى الله عليه وآله ) وقد غامت عيناه بالدموع : ( مِن ابنِي هَذا ) .
و ملكت الحيرة إهابها ، فلم تدرك معنى هذه الظاهرة ومغزاها ، فقالت : إنه وُلد الساعة !!.
فأجابها الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بصوت متقطع النبرات حزناً وأسىً قائلاً : ( تَقتُلُه الفِئةُ البَاغية من بعدي ، لا أنَالَهُمُ اللهُ شفاعَتي ) .
ثم نهض و هو مُثـقل بِالهَم ، وأَسَرَّ إلى أسماء قائلاً : ( لا تُخبري فاطمة ، فإنها حديثة عهد بولادته ) .
وكانت ولادته ( عليه السلام ) في الثالث من شهر شعبان من السنة الثالثة أو الرابعة للهجرة النبوية الشريفة .
- مراسيم ولادته :
و أجرى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بنفسه أكثر المراسيم الشرعية لوليده المبارك ، فقام ( صلى الله عليه وآله ) بما يلي :
1 - الأذان والإقامة : فأذّن ( صلى الله عليه وآله ) في أذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى .
وجاء في الخبر : أن ذلكَ عِصمةٌ للمولود من الشيطان الرجيم .
2 - التسمية : فَسمَّاه النبي ( صلى الله عليه وآله ) ( حُسَيْناً ) كما سَمَّى أخاه ( حَسَناً ) .
ويقول المؤرخون لم تكن العرب في جاهليتها تعرف هذين الاسمين حتى تُسَمِّي أبناءهم بهما ، وإنما سَمَّاها النبي ( صلى الله عليه وآله ) بهما بوحي من السماء .
3 - العَقيقة : وبعدما انطوت سبعة أيام من ولادة الحسين ( عليه السلام ) أمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يُعَقَّ عنه بِكَبْش ، ويُوزَّع لحمه على الفقراء .
كما أمر ( صلى الله عليه وآله ) أن تُعطى القابلة فخذاً منها ، وكان ذلك من جملة ما شرعه الإسلام في ميادين البِرِّ والإحسان إلى الفقراء .
4 - حَلْق رأسه : وأمر النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يُحلَقَ رأس وليده ، ويُتَصَدَّق بِزِنَتِهِ فضة على الفقراء – وكان وزنه كما في الحديث درهماً ونصفاً – ، وطلى رأسه بِالخَلُوق ، ونهى عمّا كان يفعله أهل الجاهلية من طلاء رأس الوليد بالدم .
5 - الخِتَان : وأَوْعزَ النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى أهل بيته بإجراء الخِتَان على وليده في اليوم السابع من ولادته ، وقد حثّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) على خِتَان الطفل في هذا الوقت المبكر لأنه أطيبُ له وأطهر .