• عدد المراجعات :
  • 2867
  • 8/10/2007
  • تاريخ :

بعثة رسول الله ( صلى الله عليه و آله )

رسول الله

إنّ الله تعالى لم يخلُق الإنسان ، و يتركه مهملاً ضائعاً بلا رعاية ، بل جعل له الوحي وسيلة لتعريفه بنفسه ، و بربِّه ، و بخالقه ، و بعالمه ، و سبيلاً إلى هدايته ، لتنظيم حياته ، و تعامُله مع أبناء جنسه ، و كيفية توجهه إلى خالقه .

و هكذا شاء اللطف الإلهي و العناية الربَّانية للعباد ، أن يختار لهم أفراداً مخصوصين و مؤهلين للاتصال بالألطاف الإلهية ، لحمل الرسالة ، و تبليغ الأمانة إلى البشر ، فكان الأنبياء و الرسل .

فقال الله تعالى : ( اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) ، ( الحج : 75 ) .

و قال الله تعالى : ( وَ إِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ ، لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) ، ( الأنعام : 124 ) .

كان النبي ( صلى الله عليه و آله ) في أواخر العقد الثالث من عمره الشريف ، يلقى إليه الوحي عن طريق الإلهام و الإلقاء في نفسه ، و الانكشاف له من خلال الرؤية الصادقة ، فكان يرى في المنام الرؤية الصادقة ، و هي درجة من درجات الوحي .

و جاء في تفسير الدر المنثور : أول ما بدئ به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الوحي الرؤية الصادقة ، فكان لا يرى رؤياً إلاّ جاءت مثل فلق الصبح .

ثمّ حبَّبَ الله إليه الخلاء ، فكان يخلو بِغار حراء ، و هو كهف صغير في أعلى جبل حراء ، في الشمال الشرقي من مَكَّة ، فكان ( صلى الله عليه وآله ) يتحنَّث فيه و يتعبَّد ، إذ ينقطع عن عالم الحِسِّ و المادَّة ، و يستغرق في التأمّل و التعالي نحو عالم الغيب و الملكوت ، و الاتجاه إلى الله تعالى .

وح ينما بلغ ( صلى الله عليه وآله ) الأربعين من عمره ، عام ( 13 ) قبل الهجرة ( 610 م ) ، أتاه جبرائيل في غار حراء ، فألقى إليه كلمة الوحي ، و أبلغه بأنَّه نبي هذه البشرية ، و المبعوث إليها .

و تفيد الروايات أنّ أوَّل آيات القرآن الكريم ، التي قرأها جبرائيل على محمد ( صلى الله عليه وآله ) هي : ( بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيْمِ * اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) ، ( العلق : 1 - 5 ) .

و بعد تلقِّيه ( صلى الله عليه و آله ) ذلك البيان الإلهي ، عاد النبي إلى أهله ، و هو يحمل كلمة الوحي ، و مسؤولية حمل الأمانة ، التي كان ينتظر شرف التكليف بها ، فعاد و اضطجع في فراشه ، و تدثَّر ليمنح نفسه قِسطاً من الراحة و الاسترخاء ، و يفكِّر ويتأمل فيما كُلِّف به .

فجاءه الوحي ثانية ، و أمره بالقيامِ و تَركِ الفراش ، و البدء بالدعوة والإنذار ، إذ جاء هذا الخطاب في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) ، ( المدثر : 1 - 4 ) .

فانطلق مستجيباً لأمر الله تعالى ، مبشِّراً بدعوته ، و كان أول من دعاه إلى سبيل الله و فاتَحَه زوجته ، خديجة بنت خويلد ( رضوان الله عليها ) ، و ابن عمِّه الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، الذي كان صبيّاً في العاشرة من عمره ، فآمَنَا به ، و صدَّقاه ، ثمّ آمن به مَملوكه زيد بن حارثة ، فكانت النوات الأُولى لبدء الدعوة الإلهية الكبرى .

فقد كان ( صلى الله عليه وآله ) يختار أصحابه فرداً فرداً ، و لم يوجِّه دعوته إلى الجميع في تلك المرحلة ، إلى أن جاء الأمر الإلهي : ( وَ أَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) ، ( الشعراء : 214) .

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)