• عدد المراجعات :
  • 3309
  • 6/17/2007
  • تاريخ :

فاطمة الزهراء ( ع ) هي الكوثر

فاطمة الزهراء

يقول المفسرون في سبب نزول سورة الكوثر :

أن أحد أقطاب المشركين ، و هو العاص بن وائل ، التقى يوماً برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند باب المسجد الحرام ، فتحدّث مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، و ذلك بمرأى من جماعة من صناديد قريش ، و هم جلوس في المسجد الحرام ، فما أن أتمَّ حديثه مع الرسول ( صلى الله عليه وآله ) و فارقه ، جاء إلى أولئك الجالسين ، فقالوا له : من كنت تُحَدِّث ؟

قال : ذلك الأبتر ، و كان مقصوده من هذا الكلام أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ليس له أولاد و عقب ، إذن سينقطع نسلُه ، فكان هذا سبباً لنزول سورة الكوثر ، و هي : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ) سورة الكوثر .

رَدّاً على العاص ، الذي زعم أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أبتر .

أما المعنى ، فهو أن الله سوف يُعطيك نسلاً في غاية الكثرة ، لا ينقطع إلى يوم القيامة .

و قال فخر الدين الرازي في تفسيره ، الكوثر أولاده ( صلى الله عليه وآله ) ، لأن هذه السورة ، إنما نزلت رَدّاً على مَن عَابَهُ ( صلى الله عليه وآله ) بعدم الأولاد .

فالمعنى أنَّه سيعطيه نسلاً يبقون على مَرِّ الزمان ، فانظر كم قُتل من ذرية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، لكن العالم ممتلئٌ منهم ، بينما لم يبق من بني أمية أحد يُعبَأُ به .

هذا ، و إنَّ للمفسرين آراءً أخرى في معنى الكوثر ، تصل إلى ( 26 ) رأياً ، منها : العِلْم ، النبوَّة ، القرآن ، الشفَاعة ، شَرَف الجنة ، الحوض ، إلى غيرها من الأقوال في معنى الكوثر ، لكنَّ جميع ما قيل في معنى الكوثر ، يندرج تحت عنوان الخير الكثير ، فلا تناقض بين الأقوال إذن .

و ممّا يؤيِّد ذلك ما روي عن ابن عباس ، أنه قد فَسَّر الكوثر بالخير الكثير ، فقال له سعيد بن جبير ، ان أناساً يقولون هو نهر في الجنة .

فقال : هو من الخير الكثير .

و لعلَّ أحسن الأقوال و أكثرها إنطباقاً على سبب نزول السورة ، هو ما قيل بأن المراد من الكوثر كثرة النسل و الذرية .

و قد ظهر ذلك في نسله ( صلى الله عليه وآله ) من ولد فاطمة ( عليها السلام ) ، إذ لا ينحصر عددهم ، بل يتَّصل بحمد الله إلى آخر الدهر مَدَدهم ، و هذا يطابق ما ورد في سبب نزول السورة .

بل ، و هذا الرأي أرجحُ في ميزان التحليل العلمي المُحايِد ، لأن الآية جاءت رداً على تعيير النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعدم استمرار نسله

، نزلت هذه الآية لكي تُقرِّر في الحقيقة أمرين ؛الأول : أنَّ البنت هي كالابن ، من حيث اعتبارها من الذرِّية و النسل والعقب .الثاني : إن الله عَزَّ و جَلَّ ، سَيرزُقُ النبي ( صلى الله عليه وآله ) من هذه البنت نسلاً و ذرية ، و إن اسمه ( صلَّى الله عليه وآله ) ، سيبقى حياً و متألقاً على مرِّ العصور ، و على طول التاريخ .

و المتأمِّل في التأريخ الإسلامي على امتداده إلى يومنا هذا ، يتيقَّن عمق الأصالة الإيمانية ، و الروح المحمدية في مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) .

و لذا نجد أن حقَّهم ( عليهم السلام ) من الحقوق الواجب على المؤمنين و المؤمنات معرفتها ، كمعرفتهم و طاعتهم وموالاتهم ، وغير ذلك من الحقوق الأخرى .

و لم يوجب الله تعالى علينا أداء حقوقهم ( عليهم السلام ) إلاَّ لأنهم أهل الحق ، و النجاة ، و الصراط المستقيم ،  و باب الله العظيم .

و لقد تكرَّم الله تعالى على نبيه محمد ( صلى الله عليه وآله ) بفيوضات كثيرة ، وَنعَمٍ متعدِّدة ، و هباتٍ جزيلة ، ذكرها في كتابه الكريم .

ويكفيه ما أعطاه من نعمة الرضا فقال : ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) ، ( الضحى : 5 ).

ولكن مع ذلك لا يفوتنا ، أن نذكر ما تحصل عليه ( صلى الله عليه وآله ) من خير هو أساس الخير كله على الأمة الإسلامية عامة ، و على الأمة الشيعية خاصة ، ألا و هو الكوثر .

أخيراً :

وبناءً ما مرَّ نقول ، إنَّ كلَّ المعاني التي جاءت لتوضيح الكوثر - و إن اختَلَفَت في ألفاظها - إلا أنَّ لها اتِّحاد في المعنى ، و تُصَبُّ تحت قالب واحد ، و هو كون تَمَتَّع النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالخير السخِي المُستمر .

و الله تعالى إضافة للبُشرى المستمرة في بقاء هذه النعمة و استمرارها ليوم القيامة ، يشير سبحانه إلى قضية الإخبار بالمستقبل أيضا ، و هذا إخبار إعجازي ، يدل ، و يثبت ظهور الخير بعد زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، سواء بَعُدَ أم قَرُب .

و لو رجعنا إلى سبب نزول السورة لعرفنا أن القوم ، و سموا النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالأبتر ، أي الشخص المَعْدوم العقب ، و جاءت الآية لتقول : ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) ،( الكوثر : 1 ).

إذن فالخير الكثير ، أو الكوثر هي فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، لماذا ؟ ، لأن نسل الرسول ( صلى الله عليه و آله ) انتشر بواسطة الزهراء ( عليها السلام ) ، مع العلم أن امتداد الذرية الطيِّبة لم يكن فقط جسماني ، بل رساليٌ أيضاً .

و بما أن علماء الأمة الإسلامية هُم حُمَاة الشريعة ، و الذين يدفعون عنها كل الشُبُهات فما كان عِلمهم إلاَّ من نتاج هذا الكوثر .

وك ون المذهب الشيعي منبثق من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و هُم درٌّ مستخرج من بحر فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، و لؤلؤ أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ، و العلماء يأخذون من فيض هذا البحر العميق بلا قاع .

فيمكن القول أيضاً : إن من مصاديق الكوثر هو ما يقدّمه العلماء الكرام من خدمات رسالية جليلة للإسلام .

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)