معاني الموت البيولوجية في القرآن
( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور) ، (الملك/ 1 – 2).
في المفهوم القرآني الموت والحياة خلق؛ فالموت قد يكون مخلوقاً بأسباب خارجية تدخل في علم علام الغيوب كالقتل والحوادث الطارئة والكوارث الطبيعية ومسببات الأمراض القاتلة كالميكروبات والفيروسات وغيرها، أو بأسباب داخلية بيولوجية قدرها المولى في داخل كل حي.
ومنذ أواسط القرن العشرين وحتى كتابة هذه السطور يكتشف علم الوارثة أن في كل الأحياء، عوامل مُنشطة هي المسيطرة عندما يكون الحي ضعيفاً، أي منذ بدء تخلقه وحتى سن النضج كهرمون النمو وغيره، ومع تقدم الأحياء في العمر بعد بلوغ سن النضج تتراجع تدريجياً العوامل البيولوجية الحياتية المنشطة فيه أمام عوامل الهرم والشيخوخة والتهديم البيولوجية، وكل هذه العوامل البيولوجية تحكمها المورثات أي الناسلات الموجودة في الثروة الوراثية عند كل حي: (وخلق كل شيء فقدّره تقديراً)، (من نطفة خلقه فقدّره)، (إنا كل شيء خلقناه بقدر).
هذه المورثات أي الناسلات ـ وهي مواد كيميائية جزء من حامض أميني نووي (دي.ان.أي) ـ تحكم مختلف العوامل البيولوجية التي تحول الجنين من ضعف إلى قوة بفعل مورثات التخلُّق والنمو والنضج، ثم من قوة إلى ضعف بفعل المورثات التي تتحكم بأمراض الشيخوخة والهرم. وقد كشف علم الوراثة منذ سنوات فقط مورثات تصلب الشرايين وبعض الأمراض السرطانية، وتصلب الشرايين والأمراض السرطانية يتسببان بثلثي الوفيات عند الانسان.
من هنا نفهم قوله تعالى في العمق (الله الذي خلقكم من ضعف ـ أي من خلية لا يتجاوز قطرها خمس المليمتر ووزنها واحد من مليار من الغرام ـ ثم جعل من بعد ضعف قوة ـ إذ تحولت النطفة الأمشاج إلى مولود ثم إلى رجل ناضج بفعل مورثات التخلف والتسوية والنمو ـ ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبةً ـ بفعل عوامل الهرم والشيخوخة التي تحكمها مورثات تصلب الشرايين والسرطان والمناعة وغيرها ـ يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) ، (الروم/ 54).
فالموت من الوجهة البيولوجية، كما بدأ العلم يبين ذلك هو مقدر في الثروة الوراثية للانسان ومنذ بدء تخلق الجنين، مصداقاً لقوله تعالى: (نحن قدّرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين. على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون) ، (الواقعة/ 60 – 61) وعوامل الموت والحياة البيولوجية هي مكتوبة بلغة كيميائية في داخل الانسان وفي ثروته الوراثية بالذات مصداقاً لقوله تعالى: (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير) ، (فاطر/ 11) أوَ لا تعني كلمة كتاب هنا من بين ما تعنيه من معان، الشيفرة الكيميائية المكتوبة في خلايا كل مخلوق حي عنينا بها الثروة الوراثية؟ الله أعلم بتأويل كلماته.
حركة الأرض و دورانها في القران
القرآن يتجلى في تكوين القمر
و ما تحت الثرى معجزة علمية
وقفة قرآنية تحليلية مع عقد الموت