من القدس الى لبنان .. مقاومة لا تموت
تعرف اسرائيل انها لا تستطيع قتل المقاومة. تبقى المقاومة حية حتى ولو انسحبت الى شمال الليطاني. تبقى حية ولو عبر حفنة من الرجال فكيف حين تتكئ على نهر منهم. اعتمدت اسرائيل خياراً آخر. دفن المقاومة تحت ركام لبنان. أي قتل لبنان أولاً. اعرف ان ثمة من سيستنكر هذا الكلام. سيقولون ان الأوطان تخرج اكثر مناعة بعد هذه الامتحانات القاتلة. هذا غير صحيح في حالة لبنان. الرجاء النزول من الاغاني. الرجاء النزول من الاناشيد ووقف الاقامة في الميكروفونات. هذه حرب اكبر من قدرة لبنان على الاحتمال. لا نريد تعليق الاوسمة على جثة الوطن. نريد وطناً حراً ومستقلاً يذهب الأطفال فيه الى المدارس والكبار الى اعمالهم. نريد وطناً لا ينزح ابناؤه كل عقد ولا يسارع الاجانب الى اجلاء رعاياهم منه. نريد وطناً طبيعياً بلا أرض محتلة لا يكلف بأدوار أكبر من طاقته.
أقدر عالياً مشاعر التضامن التي برزت في بعض انحاء العالم العربي والاسلامي. ومن حق لبنان ان يفتخر بامتلاك مثل هذا الرصيد. استوقفتني كلمات حماسية دعت الى فتح الحرب على مصراعيها بوصفها حرب الأمة. ولأنه لحمنا هذا الذي يتطاير ولأننا نعرف نقاط قوته وضعفه نقول ان ليس من حق الامة ان تكلف اصغر ابنائها بمهمة انتحارية من هذا النوع. وليس من حق لبنان ان ينتدب نفسه لدور بهذه الخطورة يمكن ان يؤدي الى استشهاده.
بوضوح شديد وقاتل يمكن القول ان اسرائيل تواصل قتل لبنان. وقتل لبنان يعني قيام وضع ينوء فيه البلد تحت وطأة مليون نازح. بلد بلا مطارات ولا مرافئ ولا جسور. بلد معطل وغارق في الركام يفتش ابناؤه عن اسرع وسيلة للفرار منه. ويكتمل الاغتيال بضرب الدولة ومؤسساتها وقصم ظهر جيشها. واذا حدث ما نخشاه نخاف ان يستيقظ اللبنانيون ذات يوم ويكتشفوا ان البلد تشلع «بلدانا» وتوزع اشلاء. ونخشى ان يقتتل اللبنانيون آنذاك على حطام السفينة الغارقة فيستكملوا دون قصد سيناريو اغتيال لبنان.
يخسر لبنان اذا هزمت المقاومة. تهزم المقاومة حكما اذا قتل لبنان. لهذا فإن الساعة هي ساعة انقاذ الاثنين إذ لا معنى لبقاء المقاومة اذا قتل لبنان فهي قامت من اجل تحرير ارضه واسترجاع كرامته. إن الطريق الى منع الهزيمتين يبدأ بمنع العدوان من مواصلة الاجهاز على لبنان. وبصورة ادق بوضع تصور موحد للدولة والمقاومة يطالب باسترداد مزارع شبعا والأسرى في مقابل وضع الحدود اللبنانية - الاسرائيلية في عهدة الجيش اللبناني ووضع البلاد بأسرها في عهدة السلطة الشرعية ومؤسساتها وادماج ترسانة المقاومة في ترسانة الجيش واعطاء الحكومة اللبنانية وحدها حق اتخاذ قرار الحرب والسلم مع اعلان صريح قاطع ان لبنان سيكون آخر دولة عربية توقع سلاماً مع اسرائيل.
إن حلاً يضمن عودة الأرض والأسرى واستئناف العيش الطبيعي في ظل اتفاق الطائف يجنب لبنان كارثة الحرب المفتوحة التي تنذر بقتل الدولة والوطن قبل المقاومة. إن الدولة اللبنانية مطالبة بقرارات صعبة من شأنها انقاذ المقاومة والوطن معاً. إن قيادة المقاومة مطالبة بقرارات صعبة تسهل انقاذ الوطن من القتل. ثم ان حلا من هذا النوع يبعد خطر اتساع الحرب لتشمل سورية ويوفر فرصة لاحياء «خريطة الطريق» ومبادرة السلام العربية.
عودة الأرض والأسرى ستعني ان المقاومة انتصرت. تستحيل حماية هذا الانتصار من دون الانضواء تحت عباءة الدولة حتى ولو كان الثمن التنازل عن الدور الاقليمي او جزء منه. ثم ان هذا الحل قد يتيح مناقشة الملف النووي الايراني بعيدا من الاختبارات الساخنة. ان هذا الحل مطلوب الآن وقبل فوات الاوان. لا المشهد الدولي يحتاج الى شرح. ولا المشهد الاقليمي. وماذا ينفع اللبناني اذا ربح العالم وخسر لبنان؟
مدخل الى القضية الفلسطينية الحُلولُ الإسلاميَّةُ للقضية الفلسطينية جغرافية فلسطين في رحاب يوم القدس العالمي