آية الله العظمى الشيخ هاشم الآملي ( قدس سره )
( 1322 هـ - 1413 هـ )
ولادته ونشأته :
وُلِد الشيخ الآملي عام ( 1322 هـ ) في مدينة لاريجان ، التابعة إلى محافظة مازندران شمال إيران ، وكانت نشأته وسط عائلة متدينة ، حيث قَضى طفولتَه بين أحضان والدَيه .
دراسته :
تعلَّم القرآن الكريم ، وأكمل دراسته الابتدائية ، ونتيجة لاستعداداته القوية ، وتأثّره بالجو الديني لعائلته ، فقد أصبح لديه مَيل شديد لدراسة العلوم الدينية . فذهب إلى مدينة آمُل لإشباع هذا الميل ، فأخذ يدرس عند الشيخ أحمد الآملي ، والسيد تاج .
وفي عام ( 1334 هـ ) ذهب إلى العاصمة طهران ، لمواصلة دراسته في مدرسة ( سِبَهْسَالار ) ، التي كانت تحت إشراف
آية الله السيد المدرس ، فدرس فيها علوم الفقه ، والأصول ، والأدب ، والفلسفة ، وعلم الكلام .بعد أن أنهى مرحلة السطوح العليا في طهران ، ذهب إلى مدينة قم المقدسة في سنة ( 1345 هـ ) ، لحضور دروس آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري ، وآية الله الكوهكمري ، وآية الله الشاه آبادي ، وآية الله محمد علي القمي ، وبقي فيها ست سنوات ، وحازَ على درجة الاجتهاد ، وقد أيَّد اجتهاده كلّ من آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري ، وآية الله العظمى السيد محمد حجت .
وفي عام ( 1351 هـ ) سافر إلى مدينة النجف الأشرف ، للحضور في دروس آية الله العظمى السيد أبي الحسن الإصفهاني ، وآية الله العظمى الشيخ محمد حسين النائيني ، وآية الله العظمى الشيخ ضياء الدين العراقي ، وغيرهم .
وفي عام ( 1380 هـ ) وبعد أن قضى ثلاثين عاماً في حوزة مدينة النجف الأشرف عاد إلى إيران ، في زمن مرجعية آية الله العظمى السيد حسين البروجردي .
أساتذته :
نذكر منهم ما يلي :
1 - الشيخ عبد الكريم الحائري .
2 - الشيخ محمد حسين النائيني .
3 - الشيخ ضياء الدين العراقي .
4 - السيد أبو الحسن الإصفهاني .
5 - السيد محمد حجت الكوهكمري .
6 - الشيخ محمد علي الشاه آبادي .
7 - الشيخ محمد علي الحائري .
تدريسه :
منذ وصوله إلى مدينة قم المقدسة شَرَع بتدريس مرحلة البحث الخارج في الفقه والأصول .وبعد إبعاد
الإمام الخميني إلى خارج إيران من قِبَل نظام الشاه ، أخذ الشيخ الآملي بتدريس البحث الخارج قريباً من
مرقد السيدة المعصومة ( عليها السلام ) ، وذلك في عام ( 1382 هـ ) ، وبقي على هذا البرنامج مُدَّة عشر سنوات .
أما عن طريقته في التدريس ، فقد كان الشيخ الآملي ماهراً في علم الأصول ، ولهذا نجد دروسه الفقهية مشحونة بالتحقيقات الأصولية .وعندما كان يقوم بتوضيح مطلب معيَّن ، فإنه يقوم بذكر آراء العلماء الماضين حول هذا المطلب ، ثمَّ يوضح آراء المعاصرين ، وفي نهاية المَطاف يذكر رأيه الشخصي بذلك المطلب .
صفاته وأخلاقه :
كان الشيخ الآملي في جميع سلوكه وأقواله مقتديا
بالرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) .ولهذا نجده لطيفاً في كلامه ولقائه مع الآخرين ، مبتعداً عن التكلّف ، بسيطاً في حياته ، وكل ذلك كان له الأثر البالغ في نفوس مُحبِّيه .
ونذكر منها ما يلي :
- تواضعه : كان إنساناً متواضعاً بمعنى الكلمة ، فهو متواضع للجميع ، وبالأخصِّ لِطُلاَّبه ، فنراه يستقبلهم بالوقار والاحترام ، ويجلس معهم وكأنه أحدهم ، ويُحدِّثهم بدون تكلّف ، حتى لو كانوا حديثي عهد بالدراسة . وقد كان بالفعل مُصداقاً لقول
الإمام علي ( عليه السلام ) : (
تَمَام الشَّرَف التواضُع ) . دِقَّته والتزامه : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : (
أوصِيكُم بتقوى الله ونَظْمِ أمرِكُم ) .
نعم كان الشيخ الآملي ملتزماً بهذه الوصية ، وقد وضع برنامجاً خاصاً لحياته الدراسية والشخصية ، ولفعاليَّاته اليومية .
-احتياطه في إصدار الفتاوى : فقد كان كثير الاحتياط في الفتاوى ، ولهذا فهو لا يتسرَّع في الإجابة عن الأسئلة الدقيقة ، وقد تستغرق إجابته عِدَّة أسابيع . وبالإضافة إلى احتياطه في الفتاوى ، فكان أيضاً مُحتاطاً في صرف الأموال الشرعية إلا في مواردها الخاصة بها .
-عبادته: كان متعبِّداً ، جادّاً في العبادة ، ومتَّقياً ملتزِماً بأداء العبادات المستحبة ، وبشكل خاص زيارة الجامعة وعاشوراء ، فقد كان مواظباً عليهما .
-ولاؤه للأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) : كان مُحبّاً
لأهل البيت ( عليهم السلام ) إلى درجة العشق ، وفي أغلب الأحيان عندما كان يسمع ذكر أحدهم - وبالخصوص ذكر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) - كانت دموعه تسيل على خَدَّيه ، لأنه يتذكر الثلاثين سنة التي قضاها إلى جواره الشريف ، أي : سِنِيّ دراستِه .
أما عن اهتمامه بإقامة مجالس عزاء
الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، فقد كان يقيم مجلساً للعزاء في كل عام بالمسجد الأعظم ، من الليلة الأولى ، إلى الليلة العاشرة من شهر محرم الحرام . وكان يشترك بنفسه في هذا المجلس ، ويشارك الحاضرين في مراسيم العزاء كافة .
-مواقفه من نظام الشاه : عندما أعلن نظام الشاه عن قانون الانتخابات العامة والمحلِّيَّة في سنة ( 1379هـ ) ، هذا القانون الذي كان في الحقيقة خدمة للمصالح الاستعمارية في إيران ، استنكرَ علماء الدين هذا القانون الجائر ، وكان من ضِمنِهم الشيخ الآملي .
- مشاريعه الخيرية : بالإضافة إلى انشغاله بالدراسة والتدريس ، وأمور المرجعية ، قام بِعِدَّة مشاريع خيرية . فكان منها بناء مدرسة
ولي العصر ( عليه السلام ) للعلوم الدينية ، في مدينة قم المقدسة . وكذلك بناء عشرات المساجد في محافظة مازندران ، عن طريق المساعدات المالية التي كان يقدِّمها ، بحيث أنه أعطى إجازة شرعية لِمُقلِّديه بصرف مبالغ سهم الإمام ( عليه السلام ) في مثل هذه المشاريع الخيرية .
مؤلفاته :
له مؤلفات كثيرة ، نذكر منها ما يلي :
1 - تقريرات درس الفقه للشيخ العراقي .
2 - كتاب الطهارة .
3 - كتاب الصلاة .
4 - كتاب الصوم .
5 - كتاب الرهن والإجارة .
6 - كتاب البيع .
7 - الخيارات .
8 - رسالة في النية .
9 - تعليقة على العروة الوثقى .
10 - توضيح المسائل .
11 - بدائع الأفكار ، تقريرات درس الأصول للشيخ العراقي .
12 - تقريرات درس الأصول للسيد أبي الحسن الإصفهاني .
أقوال العلماء فيه :
قال فيه آية الله العظمى السيد الكلبايكاني :"
كان آية الله الشيخ هاشم الآملي من الفقهاء والعلماء العظام ، ومن أساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف وقم المقدسة ، بذل عمره في سبيل نشر علوم آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) ".
وقال فيه آية الله العظمى الشيخ محمد علي الأراكي : "
لقد قضى عمره الشريف في التدريس وتربية جيل من العلماء الأفاضل وكان فقدانُه خسارة لا تُعوَّض ".
وفاته :
لبَّى ( قدس سره ) نداء ربّه في الرابع من شهر رمضان المبارك ، في سنة ( 1413 هـ ) ، إثر إصابته بنوبة قلبية ، بعد أن قضى من عمره الشريف واحداً وتسعين عاماً في خدمة علوم
أهل البيت ( عليهم السلام ) . وعلى أثر رحلته أصدر
السيد الخامنئي بياناً ، عزَّى فيه الأمة الإسلامية بفقدان هذا العالم الجليل ، كما أصدر باقي المراجع العظام بيانات بهذا المصاب الأليم . وقام بتشييعه ( قدس سره ) الآلاف من المواطنين في مدينة قم المقدسة ، وشاركتهم في ذلك شخصيات من الدولة والحوزة . ودفن ( قدس سره ) إلى جوار مرقد
السيدة فاطمة المعصومة ( عليها السلام ) .