إمامة الامام الجواد (عليه السلام)
إنّ الإمامة كالنبوة موهبة إلهيّة يَمنحُها الله سبحانه لِمَنْ هو أهل لها من عباده المصطفين ، ولا دخل للعمر في ذلك . و لعل من يستبعد نبوّة و إمامة الطفل الصغير أو يتصورها غير ممكنة ، فإنه قد خلط بين الأمور الالهيّة و الشؤون العاديّة ، و تصورها بشكل واحد ، بينما الواقع ليس كذلك ، فالامامة و النبوة مرتبطة كل منهما بارادة الله عز و جل ، و هو يمنحها للعباد الذين يعلم ـ بعلمه اللامحدود ـ أهليّـتهم لهذا المقام الرفيع ، قال تعالى : (يا يحيى خُذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبياً ) ، ( مريم 12 ) ، و قال تعالى : (قالوا كيف نكلم مَن كان في المهد صبياً * قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً ) ، ( مريم 29 ـ 30 ) . و بناءً على ذلك لامانع من أن يعطي الله سبحانه ـ في بعض الاحيان ـ جميع العلوم لطفل صغير مثل يحيى أو عيسى ( عليهما السلام ) كما في النبوة أو لصبي في الثامنة أو التاسعة من عمره كما في إمامة الإمام الجواد ( عليه السلام ) .
تولّى الإمام الجواد ( عليه السلام ) الإمامة ، بعد إستشهاد أبيه الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، و بالطبع كان إستلامه للإمامة بتصريح و نص الإئمة السابقين من أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و بتعيين مسبق من قبل أبيه ( عليه السلام ) .
و بسبب صغر سن الإمام الجواد ( عليه السلام ) تعرّض للاختبار و الإمتحان من قبل الأعداء و الجُهال ، إلا أن تجلّي العلوم الالهية على يده ( عليه السلام ) ، كان باهراً و رائعاً ، مما جعل اعداؤه يذعنون ، و يقرون له بالعلم . و من القصص التي تروى في هذا المجال هي ما عن يحيى بن أكثم قاضي سامراء قال :
بَيْنَا أنا ذات يوم دخلت أطوفُ بقبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فرأيت محمد الجواد ( عليه السلام ) يطوف به ، فناظرته في مسائل عندي ، فأخرجها إلي ، فقلت له : والله إني اريد أن أسألك مسألة وإني لأستحي من ذلك .
فقال ( عليه السلام ) لي : أنا أخبرك قبل أن تسألني .
تسألني عن الإمام ؟ فقلت : هو والله هذا .
فقال : أنا هو . فقلت : ما هي العلامة ؟ ، فكان في يده ( عليه السلام ) عصا ، فنطقت ، و قالت : إن مولاي إمام هذا الزمان ، و هو الحجة .
و من القصص التي تروى في هذا المجال هي ما قال القاسم بن عبد الرحمن – و كان زيديّاً – :
خرجت إلى بغداد ، فَبَيْنَا أنا بها إذ رأيت الناس يسرعون في المشي ، ويتطلَّعون إلى رجل و يقفون .
فقلت من هذا ؟
فقالوا : الإمام الجواد ( عليه السلام ) .
فقلت : و الله لأنظرنَّ إليه ، فطلع على بغلة ، فقلت : لعن الله أصحاب الإمامة حيث يقولون : إنَّ الله افترض طاعة هذا
فَعَدِلَ الإمامُ ( عليه السلام ) إليَّ فقال : يا قاسم ، أبشراً منَّا واحداً نتبعه إنَّا إذن لَفِي ضلالٍ وسُعُر .
فقلت – في نفسي – ساحر و الله !!
فقال ( عليه السلام ) : أَأُلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذَّاب أَشِر .
قال : فانصرفت و قلت بالإمامة ، و شهدت إنَّه حجة الله على خلقه ، و اعتقدت .
منزلة الإمام الجواد ( عليه السلام )
أقوال الإمام الجواد ( عليه السلام ) في الأخلاق والمواعظ
كشف الإمام الجواد ( عليه السلام ) عن علل الأحكام
مناظرة الإمام الجواد ( عليه السلام ) مع ابن اكثم
موقف الإمام الجواد ( عليه السلام ) من الدولة العباسية