• عدد المراجعات :
  • 1479
  • 5/21/2011
  • تاريخ :

دور التآخي في بناء الفرد

الورد

إن للأخوة الدينية دوراً رائداً في بناء الشخصية المؤمنة، حيث تساعدها على الاتصاف بمجموعة من الفضائل وتشعرها بمسؤولية ولو على نطاق خاص انطلاقاً من معرفة ما لها من مدلول وعمق في الإسلام فيعرف الإنسان قدره من خلال معرفة قدر أخيه وما له من حق عليه، ويكون الالتزام بآداب العلاقة مع الآخرين باعثاً على إنتاج صورة متكاملة ومسلك مستقيم، أول المستفيدين منه صاحب هذا الدور مع ما يتركه من ذكر حسن وسمعة طيبة إن هو بقي على ما بدأ عليه في بداية الطريق، لذلك من وصف بأنه أخ حقاً وصدقاً، بحيث أنه أقام حدود الإخوة وراعى حقوقها والتزم آدابها فهو على الصعيد الفردي في سعادة وتقدم دائمين بيد أنه سيفتح له النجاح في هذه المدرسة الأخوية نجاحاً في مدارس ومجالات أخرى ربما اتسعت ميادينها إلى ساحة حياته جمعاء، وأما إذا لم يوفّق لاكتساب الأخوان وفشل في هذه المهمة التي تعتبر مفصلاً في دورة حياته، فإن ذلك ما سيترك عوامل سلبية ونتائج غير مرضية سرعان ما تظهر في كثير من قضاياه وربما حوّلتها إلى مشاكل مستعصية سيّما أن هذا العجز ليس بالشي‏ء الذي يمكن التغاضي عنه وقد اعتبره أمير المؤمنين عليه السلام خطيراً ووصف صاحبه بأعجز الناس يقول عليه السلام:

"أعجز الناس من عجز عن اكتساب الاخوان، وأعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم"1.

وهنا أوضح عليه السلام أن هناك صنفاً من الناس تكون درجة العجز لديهم أكبر وأخطر من الصنف الآخر وهم الذين لا يحسنون الاستمرار مع الآخرين في العلاقة الاخوية بعدما أن كان بينهم في بداية أمرهم ترابط وتازر ولكن ضاعت المودة وعادت كأن لم يكن بينهما شي‏ء أو كأن الزمان لم يكن لأيامه ولياليه وجود ينبّههم إلى ما أنساهم الشيطان، وما هذه الظاهرة بعزيزة في الحياة، فكم نشاهد شخصين دامت العلاقة بينهما سنين عديدة ثم افترقا إلى غير رجعة حيث أخذت العداوة بينهما مأخذها وأبدت ثغرات، أحكم من خلالها غلق الباب الذي منه يسري نسيم المودة وتدوم ذكريات التعاون وهنا إذا قصرنا النظر على الجوانب السلبية في حدود ما تتركه هذه الأزمة من مشاكل على الصعيد الفردي بحيث لا يقر لشخصية الإنسان المؤمن قرار ولا يهدأ له بال حتى في علاقته مع اللَّه تعالى فيتخبط قائماً وقاعداً يستحضر ما لديه من الكم الهائل من سيرته مع أخيه سواء في محطاتها الجميلة التي يؤدي تذكرها إلى الرغبة والشوق لإعادة المياه إلى مجاريها وتجديد العلاقة معه، أو في المحطات السيئة وكان السوء صادراً من طرفه وليس من طرف أخيه فيؤدي ذلك إلى الندم والمؤاخذة ليظلّ معذباً وهو يقارن بين فترة المواصلة وفترة المقاطعة. فيتضح أن التخلي عن الأخ والزهد فيه هو عامل هدّام في حياة الفرد كما كان التآخي عاملاً بناءً على هذا الصعيد، فقد جاء عن مولانا الصادق عليه السلام في الحث والتأكيد على طلب المؤاخاة قوله عليه السلام:

"واطلب مؤاخاة الأتقياء ولو في ظلمات الأرض وإن أفنيت عمرك في طلبهم، فإن اللَّه عزّ وجلّ لم يخلق على وجه الأرض أفضل منهم بعد النبيين، وما أنعم اللَّه على العبد بمثل ما أنعم به من التوفيق لصحبتهم"2.

فنعمة مصادقة الاخوان هي نعمة إلهية لا مثيل لها على الإطلاق.

1- نهج البلاغة، ص1093، ح11.

2- مصباح الشريعة، ص36، ب55.


خصلتان لاخوان الثقة

كيف تنجح مع إخوانك؟

إنتهاك الإنسان لحق أخيه

للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً (1)

كيف تختار أخاً لك؟

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)