خصلتان لاخوان الثقة
يمكننا أن نعرّف اخوان الثقة بخصلتين هامتين، من خلالهما نرى من هو الأخ حقاً.
الأولى: الاصلاح وهو أن يلتزم الأخ سبيلاً بناءً في علاقته مع أخيه من خلال مكاشفته بعيوبه وعدم مداهنته وكثرة الاطراء عليه مع ما يراه من أعماله غير المرضية، ومعاونته على التغيير ليكون على أحسن ما يرام، فيحب له أن تجتمع الأوصاف الحميدة فيه بأجمعها.
والثانية: الإخلاص بمعنى أن يكون صادقاً معه مخلصاً له في باطنه وسريرته فلا يظهر له خلاف ما يضمره ولسانه ترجمان قلبه على الدوام. فإذا توفرت هاتان الخصلتان في رجل كان لا محيص عن معاشرته، هذا ما أوصانا به مولانا الكاظم عليه السلام وهو يعرّفنا على اخوان الثقة من خلال الركيزتين المتقدمتين قائلاً:
"اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجاة اللَّه، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الاخوان والثقات الذين يعرّفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن وساعة تخلون فيها للذاتكم في غير محرم"1.
أعظم الاخوان:
عرفنا مما تقدم أنه يوجد تفاوت في درجات الاخوان بحسب ما يمتلكون من خصال جميلة، لكن لم نشر إلى الدرجة العظمى والرتبة العليا من درجات الاخوة إلى حد أن يكون ذلك الرجل هو أعظم اخوانه على الاطلاق فبماذا يا ترى يبلغ هذه المنزلة؟
نسأل مولانا الحسن بن علي عليه السلام ليكون الجواب التالي، في الحديث:
"
خطب الناس الحسن بن علي عليه السلام فقال: أيّها الناس، أنا أُخبركم عن أخ لي كان من أعظم الناس في عيني وكان رأس ما عظم به في عيني صغر الدنيا في عينه، كان خارجاً من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد ولا يُكثر إذا وجد، كان خارجاً من سلطان فرجه، فلا يستخفّ له عقله ولا رأيه، كان خارجاً من سلطان الجهالة فلا يمدّ يده إلاّ على ثقة لمنفعة، كان لا يتشهّى ولا يتسخّط ولا يتبرّم، كان أكثر دهره صماتاً فإذا قال، بذّ القائلين، كان لا يدخل في مراء ولا يشارك في دعوى ولا يُدلي بحجّة حتّى يرى قاضياً وكان لا يغفل عن إخوانه ولا يخصّ نفسه بشيء دونهم.
كان ضعيفاً مستضعفاً، فإذا جاء الجدّ كان ليثاً عادياً، كان لا يلوم أحداً فيما يقع العذر في مثله حتّى يرى اعتذاراً كان يفعل ما يقول ويفعل ما لا يقول، كان إذا ابتزّه أمران لا يدري أيّهما أفضل، نظر إلى أقربهما إلى الهوى فخالفه، كان لا يشكو وجعاً إلاّ عند من يرجو عنده البرء، ولا يستشير إلاّ من يرجو عنده النصيحة، كان لا يتبرّم ولا يتسخّط ولا يتشكّى ولا يتشهّى ولا ينتقم ولا يغفل عن العدوّ.
فعليكم بمثل هذه الأخلاق الكريمة إن أطقتموها، فإن لم تطيقوها كلّها فأخذ القليل خير من ترك الكثير، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللَّه "2
--------------------------------------------------------------------------------
الهوانش:
1- تحف العقول، ص302.
2- الكافي، ج2، ص186، باب المؤمن وعلاماته، ح26.
كيف تنجح مع إخوانك؟
إنتهاك الإنسان لحق أخيه
للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً (1)
كيف تختار أخاً لك؟