لوازم الاُنس الإلهي – الأهلية
المستأنس بالله يكون من أهل الله ومن حزب الله ، فإنّ لازم الاُنس الأهليّة ويقابلها التوحّش ، كما يقال : حيوان أهلي وحيوان وحشي .
فمن أنس بالله وكان من أهل الله ، إنّما يستأنس كلّ ما عليه اسم الله ، إذ حينما يأنس بالله في سرّه وباطنه ، ويتجلّى هذا الاُنس الباطني على سلوكه وأفعاله وحركاته وسكناته ، فإنّه يأنس بمجالس الله ، ويأنس بمحبّي الله وعشّاقه ، يأنس بالمؤمنين ، ويستوحش في باطنه من الناس ، كما يفرّ من معاشيقهم ، فإنّهم إذا أحبّوا الدنيا والمال والبنون ، ونسوا الله فأنساهم أنفسهم ، فغفلوا عن ذكر الله ، والمستأنس بالله يخاف على نفسه أن يغفل بغفلتهم ، فيفرّ ويستوحش منهم ، يستوحش من مجالس البطّالين ، وإذا زال قدمه في سيره إلى الله ، واذا اُحيل بينه وبين خدمته لله يعاتب نفسه ، ويذكر نقاط الضعف في حياته ، ويناجي ربّه في ظلم الليل ودياجي الأسحار والدموع تسيل على وجنتيه ، رافعاً يده وناصباً وجهه إلى الله ، صارخاً ناحباً :
ما لي كلّما أقول قد صلحت سريرتي وقرب من مجالس التوّابين مجلسي ، عرضت لي بلية أزالت قدمي وحالت بيني وبين خدمتك ؟
المستأنس بالله يكون من أهل الله ومن حزب الله ، فإنّ لازم الاُنس الأهليّة ويقابلها التوحّش ، كما يقال : حيوان أهلي وحيوان وحشي .
سيدي لعلّك عن بابك طردتني ، وعن خدمتك نحّيتني ، أو لعلّك رأيتني مستخفّاً بحقّك فأقصيتني ـ أي أبعدتني عنك ـ أو لعلّك رأيتني معرضاً عنك فقليتني ـ أي أنكرتني ورفضتني ـ أو لعلّك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني ، أو لعلّك رأيتني غير شاكر لنعمائك فحرمتني ، أو لعلّك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني ـ فمن لم يحضر مجالس العلم ليتعلّم وليعمل بعلمه ، فإنّه يصاب بخذلان الله ، وكيف للمخذول أن يسير إلى الله وأن يخدم ربّه ؟ ـ أو لعلّك رأيتني في الغافلين فمن رحمتك آيستني ، أو لعلّك رأيتني آلف مجالس البطّالين ـ فإنّ الإنسان لما يحمل من النفس الأمّارة وعدم تهذيبها وتزكيتها فإنّه يألف ويأنس بمجالس البطّالين أي الباطل العاطل ، ومن ثمّ يستوحش من مجالس العلم والذكر ومجالس المؤمنين المتّقين ، فلعلّك يا إلهي وجدتني ورأيتني آلف مجالس البطّالين ـ فبيني وبينهم خلّيتني ـ وجعلت بيني وبينهم الصداقة والخلّة والاُنس بهم ـ وأمثالها توجب عروض البلايا والمصائب التي تحول بين الإنسان وبين ربّه ، وتزيل القدم عن السير والسلوك ، ويطرد عن باب الله ، وينحّى عن الخدمة الإلهية .
فكيف لمن أنس بالله لم يستوحش من الناس ؟
المؤمن بالله يأنس ويألف بكل ما فيه اسم الله سبحانه ، وذكر عليه اسم الله ، وتصبّغ بصبغة الله ، وتقوّل بقول الله ، إذ من أصدق من الله قيلا ، ومن أحسن من الله صبغةً ، فيأنس بمجالس العلماء والمحبّين وعشّاق الله ، يأنس بكتاب الله وتلاوته ، يأنس بسنن وآداب أنبياء الله وأوصيائهم ، ويستوحش ممّـا في أيدي الناس ، فإنّ من أنس بالله ، استوحش من الناس ، كما قالها الإمام العسكري (عليه السلام) .
(1) ذكرت تفصيل ذلك ومصدر الرواية في رسالة ( سرّ الخليقة وفلسفة الحياة ) ، فراجع .
ما هي الخطوات المعتبرة لمعرفة الدين؟
الطريق الثاني لمعرفة الله الطريق من خارج
لماذا نبحث عن وجود الله سبحانه؟
لماذا نبحث ونفكر لمعرفة خالق الكون
دليل النظام - دليل الامكان باسلوب آخر ( 1 )
تامل في هذا الطائر تعرف الخالق