• عدد المراجعات :
  • 1627
  • 11/29/2010
  • تاريخ :

دليل النظام  -  دليل الامكان باسلوب آخر ( 1 )

الورد

انواع الأدلة

إنّ الأدلّة التي سنتعرض لها لإثبات وجود الله تعالى يمكن تقسيمها إلى فئتين:

الفئة الأولى: هي الأدلّة التي تقام عن طريق مشاهدة الآثار والآيات الإلهية في العالم، وتستند إلى مقدّمات حسيّة تجريبية. مثل دليل النظام الذي يطرح عن طريق الإنسجام والترابط والتناسب المنظّم للعالم.

الفئة الثانية: هي الأدلة الفلسفية الخالصة التي تتكوّن من مقدّمات عقليّة محضة، مثل دليل الإمكان ودليل الصدّيقين.

 

دليل النظام‏

إن دليل النظام هو من أوضح الأدلة وأيسرها فهماً بالنسبة للجميع، وهو يعتبر من أشهر أدلة الفئة الأولى، ويقوم دليل النظام على أساس مشاهدة الآثار والآيات الإلهية في العالم، وملاحظة الإنسجام والتناسب القائم بين مخلوقات هذا العالم، والإهتداء إلى وجود الله تعالى عن طريق مشاهدة هذا النظام الدقيق البديع السائد في عالم الكون. ويمكن توضيحه من خلال الخطوات التالية:

 

أوّلاً: الصياغة المنطقية

الصياغة المنطقية لهذا الدليل هي

- هذا العالم منظَّم.

- وكل منظَّم يحتاج إلى منظِّم.

- إذن: هذا العالم يحتاج إلى منظِّم.

 

ثانياً: مفهوم النظام‏

مفهوم النظام من المفاهيم الواضحة في ذهن الإنسان، ومن خصائص النظام أنه يتحقق بين أمور مختلفة سواء كانت أجزاء لمركب1، أو أفراداً من ماهية واحدة2، أو ماهيات مختلفة3. فهناك ترابط وتناسق بين الأجزاء، أو توازن وانسجام بين الأفراد يؤدي إلى هدف وغاية مخصوصة، هي وجود الشي‏ء على ما هو عليه من النظام الهادف.

 

ثالثاً: كيفيّة الإستدلال بالنظام‏

يتألّف دليل النظام من مقدمتين: إحداهما حسيّة وهي (هذا العالم منظَّم)، والأخرى عقلية وهي (كل منظَّم يحتاج إلى منظِّم)، وإذا تمّت المقدمتان يثبت المطلوب، وهو: (هذا العالم يحتاج إلى منظِّم).

1- إثبات المقدمة الأولى (هذا العالم منظَّم)

لا شك في أن هناك نظام سائد في الظواهر الطبيعية التي يعرفها الإنسان إمّا بالمشاهدة الحسيّة الظاهرية وإمّا بفضل الأدوات والطرق العلميّة التجريبية. ومن هنا فإن للعلوم الطبيعية دور واسع في هذا الدليل. وفيما يلي إشارات سريعة على بعض النماذج النظامية:

 

المنظومة الشمسية

إنّ من أهم ما يلفت النظر في المنظومة الشمسيّة هو المسافات الدقيقة التي تفصل الشمس عن الكواكب التابعة لها. والحركات المنتظمة لهذه الشمس والكواكب وما يتولد عن ذلك، أو يترتب عليه من الأحوال اللازمة كالفصول والليل والنهار وما شابه ذلك.

 

عالم النبات

إنّ النظر إلى النباتات يهدينا إلى أنّ هذا النوع من الكائنات عالم عجيب تحكمه المعادلات الدقيقة ونجد من عجيب التركيب هذه الأمور والأسرار العجيبة في عالم النباتات إلى ظهور علوم مختلفة مثل علوم تركيب النبات وشكله، وعملية التخليق الضوئي و.. إلخ.

 

خلقة الإنسان

لو قلنا بأنّ الإنسان من أعجب الكائنات وأكثرها إثارة للدهشة لم نكن في ذلك مبالغين، وذلك لأننا نجد في هذا الكائن كل ما تفرق في المخلوقات مضافاً إلى أجهزة معقّدة أخرى.

ومن الأجهزة المعقّدة التي تثير الدهشة لكثرة ما فيها من عجائب وأسرار وأنظمة وقوانين: عالم الخلايا، جهاز الهضم، جهاز الدورة الدموية، جهاز التنفس، جهاز المخّ، ولعلّ أكثر أقسام الجسم البشري تعقيداً ونظاماً هو "المخ" بإعتباره مركز القيادة والأعصاب التي هي وسيلة اتصال المخ بالجسم وبالعكس4.

وعليه، فإن المقدمة الأولى في دليل النظام ثابتة بالمشاهدة الحسيّة الظاهرية،أو من خلال الأدوات والطرق العلميّة التجريبية. ولهذا ذكرنا في خصائص هذا النوع من الأدلة أنها تستند إلى مقدمات حسيّة تجريبية.

2- إثبات المقدمة الثانية (كل منظَّم يحتاج إلى منظِّم)

إنّ العقل بعدما لاحظ النظام وما يقوم عليه من دقة وروعة في التقدير والتوازن والإنسجام، يحكم بالبداهة بأن أمراً هكذا شأنه يمتنع صدوره إلا عن فاعل قادر عليم ذي إرادة وقصد، ويستحيل أن يتحقق ذلك صدفة5 وتبعاً لحركات فوضوية للمادة العمياء الصمّاء، فإنّ تصوّر مفهوم النظام، وأنه ملازم للحساب الدقيق والعلم، يكفي في التصديق بأن النظام لا ينفك عن وجود منظِّم عالِم أوجده، وحُكم العقل بذلك من البديهيات.

وعليه، فإن وجود النظام في الكون والحياة لا بد أن يكشف عن وجود المنظّم، وذلك بمقتضى حساب الإحتمالات الذي يرفض إعتبار الصدفة سببا لوجودالنظام في الكون، فالشخص الأمي إذا أراد أن يكتب مقالة بسيطة أو شعرا بمجرد الضغط عشوائيا على مفاتيح الآلة الكاتبة بصورة عفوية وتصادفية، فإن ذلك بحساب الإحتمالات يستغرق بلايين السنين بحيث لا يكفي حتى عمر الكرة الأرضية لإنجاز ذلك. هذا إذا تصورنا ما تحتاجه مجرد مقالة بسيطة لتظهر صدفة فكيف بهذا الكون الرحب والواسع والمعقد في تكوينه تعقيداً بالغاً؟!

وعليه، فإن المقدمة الثانية في دليل النظام عقلية بديهية لا تحتاج إلى الدليل والبيان، وهي ترتكز في صميمها إلى قانون العليّة الثابت بحكم العقل البديهي.

 

3- النتيجة

بما أن العالم منظَّم بحسب المشاهدات الحسية والوقائع التجريبية، وبما أن كل منظَّم يحتاج إلى منظِّم بالبداهة العقلية، إذن فالعالم يحتاج إلى الخالق المنظِّم،وبذلك يثبت المطلوب.


الدوافع الفطرية لمعرفة الله

الفطرة والعادة

أمثلة من نظام الخلق الدالة على وجود الله

معرفة الله في حياتنا

الطّرق إلى معرفة الله

برهان الإِمكان (  1 )

ما هي جذور الدين في الفطرة الانسانية؟

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)