العلويّون والتشيّع في الريّ
تُعدّ منطقة الريّ ومنطقة طَبَرستان من أهمّ مراكز تواجد العلويين في إيران. وقد بدأت هجرة العلويّين إلى طبرستان في أواخر القرن الثاني للهجرة (1).
، واتّسعت خلال القرن الثالث. وأشار المرعشيّ في كتابه إلى أنّ طائفة من السادة الحسينيين والحسنيّين لمّا بلغهم نبأ استقدام المأمون العبّاسي الإمامَ الرضا عليه السّلام وإيكالِه ولايةَ العهد له عليه السّلام شدّوا الرحال إلى بلاد الريّ والعراق، ولمّا بلغهم نبأ استشهاد الإمام الرضا عليه السّلام بالسمّ على يد المأمون تفرّقوا في جبال الدَّيلم وطبرستان (2).
ومن هؤلاء السادة: حمزة ابن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام الذي دُفن في الريّ، ولمّا قدم السيّد عبدالعظيم الحسنيّ إلى الريّ في أواسط القرن الثالث الهجري كان يتردّد على قبر حمزة لزيارته، حتّى عَرَف الناس شأنَه ومنزلته فأضحوا يتوافدون على زيارته بعد ذلك (3).
وكان هؤلاء السادة ينتمون عادةً إلى المذهب الشيعي ـ سواءٌ الإماميّ أو الزيديّ ـ وكانوا من المدافعين عن أهل البيت عليهم السلام والناشرين لمناقبهم وفضائلهم، عدا أولئك الذين كانوا يعيشون تحت ظروف التقيّة بسبب الظلم والضغوط الشديدة. وقد صرّح عبدالجليل الرازي في كتابه « النقض » بأنّه لم يكن يومذاك علويّ إلاّ وكان شيعيّاً إمامياً، أو زيديّاً (4). وكانت طائفة كبيرة من العلويين ( المعروفين بالسادة ) يعيشون في منطقة الريّ، وكانوا يعيشون حياة هادئة، عدا الذين ينتمون إلى المذهب الزيديّ ويتحيّنون الفرص للثورة والخروج، فقد كان هؤلاء يتعرّضون للملاحقة والإيذاء.
وكان علويّو الريّ ذوي سمعة حسنة، وكان أهل الريّ ينظرون إليهم باحترام وتقدير نظراً لانتسابهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، كما كانوا ينظرون إليهم باعتبارهم مأوى يأوون إليه ويحتمون به من ظلم خلفاء بني العبّاس وعمّالهم وولاتهم.
وعلى سبيل المثال أنّ محمّد بن أوس البلخيّ عامل سليمان بن عبدالله بن طاهر على طبرستان لمّا أفرط في ظُلم أهلها، لجأ شيوخهم وكبارهم إلى محمّد بن إبراهيم ـ أحد العلويّين في الريّ ـ فأرسلهم إلى الحسن بن زيد، فلبّى الحسنُ بن زيد طلبهم وتوجّه إلى طبرستان، وتمكّن من السيطرة عليها لمدّة عشرين سنة، وأسس إمارة « علويّي طبرستان »؛ كما خضعت طبرستان لحكمه في فترات يسيرة في السنوات 250 ، 251 ، 253 و 258 هـ (5). وقد شجّع انتصار الحسن بن زيد العلويّين على التوجّه إلى طبرستان والريّ من سائر البلاد الأخرى (6).
ولمّا قُتل محمّد بن زيد ( الذي استخلفه الحسن بن زيد ) على يد الجيش السامانيّ، فرّ ناصر الأُطروش إلى منطقة گيلان، ثمّ عاد إلى طبرستان من جديد سنة 301 هـ، فساهم في نشر التشيّع فيها.
وأعاد الحكم العلويّ إليها.وكان للارتباط بين منطقتَي الريّ وطبرستان تأثير متبادل كان له انعكاسه على منطقة الريّ ونواحيها، مثل منطقة قصران. ولمّا كان حكّام طبرستان من الزيديّة، فقد وُجِدت الأفكارُ الشيعيّة الزيديّة ـ تبعاً لذلك ـ في المناطق الشماليّة للريّ، وفي الريّ نفسها. وبطبيعة الحال كان للارتباط السائد بين قم والريّ أثر عميق في بثّ الأفكار الشيعيّة الإماميّة في الريّ.
وقد صَحِب ابنُ طباطبا ( مؤلف كتاب منتقلة الطالبية ) معه إلى الريّ عدداً كبيراً من الشخصيات والعوائل العلويّة التي استوطنت منطقة الريّ. وقد بقي ابن طباطبا على قيد الحياة إلى أواخر القرن الخامس الهجريّ.
وتشير المقارنة بين الأرقام التي وردت عن ابن طباطبا في خصوص أعداد العلويين الذين سكنوا منطقة الريّ والأرقام التي ذكرها في خصوص أعدادهم في المناطق الأخرى إلى حقيقة أنّ عدداً كبيراً من هؤلاء العلويّين كانوا قد هاجروا إلى منطقة الري. وتَفوقُ طبرستان ـ وهي منطقة كبيرة نسبيّاً ـ منطقةَ الريّ في عدد العلويّين. وقد ذكر ابن طباطبا أسماء العلويين الذي هاجروا إلى الريّ وذكر نسَبَ كلّ واحد منهم والمنطقة التي هاجر منها إلى الريّ. وتشمل القائمة التي أحصاها ابن طباطبا أكثر من 25 ألف علويّ معروف، وكان بعض هؤلاء العلويين من السادة الحسينيّين، وكان بعضهم الآخر من السادة الحسنيّين (7).
-----------------------------------------
الهوامش:
1- تاريخ تشيع در ايران=تاريخ التشيع في ايران
2- تاريخ طبرستان و رويان و مازندران
3- رجال النجاشي
4- النقض
5- تاريخ تشيع در ايران=تاريخ التشيع في ايران
6- تاريخ طبرستان لابن اسفنديار
7- منتقلة الطالبية
المصدر:شبکة الامام الرضاعليه السلام
بداية التشيّع في الريّ
انتشار التشيّع في الريّ(2)