خلخال الذهب
لبست ملابسي ، و تهيات للخروج مع زوجي ، و كنت البس خلخال ذهب ، فلبست جورابي ، و هو شفاف قليلا رفعته فوق الخلخال لاغطيه ، و ايضا لا يسمع صوت رنته .
- و قلت لزوجي: هذا مناسب .
- قال: نعم جيد .
- قلت له : يكفي ان اغطية بالجوراب ولو انه نوعا ما شفاف ، ولكنه برايك يكفي .
- قال لي : نعم يكفي .
علما اني البس بنطال طويل و عباءة .. ثم لبست الحذاء ، و خرجنا مسرعين فامامنا الكثير لننجزة خلا ساعة او اقل . زوجي دائما اسرع مني في المسير ، فابدوا كمن تركض خلفه .. انجزنا بعض الامور و ذهبنا الى امكان كثيرة ، ولكن كلها في طريق مستقيم واحد .. و بما ان لكل منا امر اخر في مكان اخر ، فتوجب ان نتجه كل الى مكان و عندها
- قال لي زوجي : حسنا ساذهب من هنا .
- فقلت له: طيب و انا ساذهب الى المسجد اصلي و انتظر صلاة الظهر .
- قال لي : لا تنسيني من دعاءك .. لا اله الا الله .
- فقلت له : محمد رسول الله .. الله يسر كل امورك .
ذهب هو في طريقه ، و اسرعت انا نحو المسجد .. ، و كان المكان مزدحم جدا ، و بعد ان اتممت الصلاة ، هممت بالخروج و انا اسير الى الخارج ، فكرت ان اتفقد خلخالي لا اعرف لماذا ؟! .. ، تلمست رجلي .. " لا شيء " .. نظرت حدقت " لاشيء " .. انه غير موجود .. دهشت و كانت لحظة عجيبة لحظة ، و كان عقلي يرفض ان يصدق عيني او انا التي لاتصدق عينها ، لاادري فقط مصدومة انظر الى الجوراب اتحسس رجلي من الاسفل " لا شيء " ، و مع ذلك ابقى احدق ، و كاني لااريد ان اصدق اني فقدته ...
رجعت الى المكان اللذي كنت اصلي فيه ، و وجدت مراة قد جلست فيه ، فطلبت منها ان تبتعد قليلا لابحث في المكان.
- فسالتني: لماذا ؟! ..
- فقلت لها : فقدت خلخال الذهب .
انتبهت النسوة ، و شعرن بالحزن ايضا ، بدا ذلك على وجوههن ، و فسحن لي المجال ، و صرن يبحثن معي ولكن لا شيء.
ذهبت الى احدى خادمات المسجد ، و اخبرتها باني فقدت خلخال ذهب ، و راحت تنصح و توجه و اخرى تخبر الاخرى ، و هذه تاخذ بيدي الى تلك حتى وصلنا " غرفة المفقودات " ولكن لا جدوى.
- فقالت لي : عودي عند الساعة الثالثة ، يكون المكان اكثر هدوء وان وجده احد سيسلمه لهذه الغرفة.
ثم اخذتني خارج المصلى ، و اشارت الى مكان بعيد عند البوابة الخارجية للجامع .
- فقالت : هنالك عن المساء تجمع كل المفقودات من كل الجامع ، تعالي مساءا ، و سألي لعلك تجدينه.
شكرتها ، و ذهبت ، و لم اقدر ان انتظر حتى المساء فتوجهت من فوري للرجل المسؤول في تلك الغرفة ،
- و قلت له: لقد فقدت خلخال ذهب.
بحث ثم قال لي : لا يوجد شي الان .. تعالي في المساء .
شكرته و خرجت ، و عند الباب خارج المسجد سرت خطوات في الشارع ، و عدت الى الخادم الجالس عن الباب ..
- فسالته : اذا اضاع احدهم ذهب خارج المسجد و وجده انسان خير طيب هل يحضره لكم .. و كاني اتمنى ذلك.
- فقال لي: قليل الحدوث .
- فقلت و كاني احدث نفسي : لاحول ولا قوة الا بالله .
و خرجت امشي انظر الى الطريق على امل ان اجده مع اني اعرف انه لايعقل ان يمر كل هذا الوقت ، و هو ساقط في الشارع ، و لايراه احد مع هذا الحشر من الناس ، ولكني رغم هذه الفكرة بقيت ابحث ، و انظر للارض ، و اتذكر كم اسرعنا في المسير ، و تشعبت طرقنا هنا و هناك في هذا الشارع .
و مرة اقول لنفسي: فداءا لي و صدقة عني . و مرة احدثها : آه حالنا صعب ، و كنت انوي ان ابيعه لاسدد به دينا اثقل كاهلنا . و مرة .. و هكذا حتى وصلت للبيت ، و انا افكر ، و صرت اتخيل نفسي اتحدث مع امي على الهاتف ، و اخبرها بما جرى .. ، و مرة احدث اختي و مرة صديقتي .. ، احس بان الحزن اتعبني لدرجة ليس عندي قابلية حتى على البكاء لقد حدث امور كثيررة خلال هذه الاشهر تبدد المال بطريقة مؤلمة ، و لم ننتفع به بسبب مفارقات عجيبة حصلت معنا .. سبحان الله .. و الان يضيع الخلال اللذي كنت انوي ان ننتفع منه...
- و قلت في نفسي: لا ينقصني الهم و الغم و الحزن لماذا حدث هذا كله؟!...
دخلت الى البيت ، و انا لا زلت احدث نفسي ، و جلست انزع جوراب القدم التي كان فيها الخلخال بحزن ، و ثم رحت انزع الجوراب عن القدم الاخرى ، و دهشت تماماً فقد وجدت الخال في رجلي الاخرى .. و تعجبت كيف حدث هذا؟!!!..
لحظات ثم استوعبت الحدث .. لقد تعودت ان البس الخلخال في قدمي اليسرى منذ فترة طويلة ، ولكن من يومين فقط صرت البسه في اليمنى ، لذلك لم افكر ولو للحظة ان ابحث عنه في قدمي اليمنى .. ارتحت و زال همي و انشرحت صدري.
و فجاة تنبهت و تسائلت لماذا حصل هذا الامر؟!..
ما معنى هذا؟!...
لله تعالى حكمة في كل شي .. ولا شيء يحدث اعتباطا .. فلم حصل كل هذا؟!
و لماذا عشت كل هذا الالم و هذا الهم؟ ..
و انا اتسائل فجاة توقفت عن ذلك ، و كاني تنبهت الى مر اخر اخجلني جدا و استوقفني .. " ولو كنت استحي بما يكفي من الله تعالى لمت من الحياء ".. ولكننا لسنا بهذه المرتبة من التوجه و الصلة مع الرحمن مع الاسف ..
في تلك لحظة التي كنت اتسائل فيها عن السبب وجدت نفسي تحدثني ، و تقول : ( كم اضعت من الواجبات في حياتك و تماهلت في قضاء ما في ذمتك منها ، و لم تحزني كل هذا الحزن ، و لم تتاسفي ، و لم تغتمي ، و تهتمي كما حدث معك اليوم على قطعة ذهب حقيرة ، لاتفيد في شيء في يوم لانفع فيه مال و لابنون ) .
و توقفت عن التفكير و لم اجد غير هذه المعلومة التي فاجاتني نفسي بها كجواب لكل التسائلات.
اعتقد كان درس رباني و الله العالم
الغضب و دوره التدميري في حياة الانسان
التقوى يعني الطهر الحقيقي
المزج بين الغضب و الرأفة