الشباب و التراث
التراث مصطلح ثقافي معاصر، اتّخذ مجراه ودوره في الفكر والثقافة، وصار الموقف من التراث مجالاً للحوار والخلاف والنظر، وتعدّد الرأي، ويستعمله الكتّاب والمفكّرون، والمثقفون غير الاسلاميين، كما يستعمله الكتّاب والمثقّفون الاسلاميون. وكم شهد العقدان الآخيران من بحوث ودراسات نقدية وتحليلية للتراث الفكري والثقافي للمسلمين.
يقصدون بمصطلح التراث : ( الموروث الفكري و الثقافي، الذي ورثه الجيل المعاصر عن الأجيال الماضية )
ويقصدون بمصطلح التراث : ( الموروث الفكري و الثقافي، الذي ورثه الجيل المعاصر عن الأجيال الماضية ) ويشمل منهج البحث والتأريخ والفقه وأُصوله، والفلسفة، وعلم الكلام، وعلم الأخلاق، والفن، والأدب، واللغة، والتفسير، ودراسات الحديث، والرواية، وعلم الرجال، بل وينظر البعض من الكتّاب غير الاسلاميين الى أنّ السيرة النبوية، والحديث النبوي، وما أُثر عن الأئمة، هو جزء من التراث.
وفي اطار العمل النقدي الذي يشهده التراث، من قبل بعض الكتّاب العلمانيّين والكتّاب الاسلاميين، يبرز اتجاهان متطّرفإن:
1 ـ اتجاه يقدّس كل ما هو موروث ، ويدافع عن كل ما يحوي التراث.
2 ـ واتجاه يسعى للتقليل من أهمية التراث وقيمته، ويعمل على الغائه، أو التشكيك بقيمته، ويعمل على أن يكون التراث مجرّد افراز الماضي الذي لا ينبغي أن يكون له دور في بناء الحاضر، وبالتالي يسعى للفصل بين ماضي الاُمة وحاضرها، ويُخضع المقبول عنده من التراث لمقاييس يثبتها، ويقترحها هو، فهو يحدد منهج التعامل مع التراث، والموقف منه، أي يخضعه لعملية انتقاء وفق ما يقتنع به.
وكلا الاتجاهين قد غالى وأخطأ؛ فهناك خلط بين ما هو تراث، يجب أن يخضع للغربلة والتنقيح، وبين ما هو شريعة وقيم الهية ليست تراثاً، ولا تخضع للانتقاء؛ وهي القرآن الكريم، وما ثبتت صحته من السنّة المطهّرة، وفق منهج الاثبات العلمي الأمين، اذ ليس كل ما حوت الكتب من رواية، وعمل منسوب الى الرسول (صلى الله عليه وآله) أو الأئمة (عليهم السلام) هو صحيح، يجب التمسك به.
أمّا ما تركه العلماء من فلاسفة ومتكلمين ومفسرين ومؤرخين، وباحثين في شؤون الفقه، والسياسة، وعلم الرجال، وما حوت كتب الحديث والرواية، فكلها تخضع للنقد والتمحيص، ولا يحكم على شيء من هذه الآراء والأفكار، ووجهات النظر بالصحة أو الخطأ الاّ بعد التمحيص والنقد. والصحيح ما يثبته البحث العلمي، ويسنده الدليل.
فليس كل ما وصلنا من الصحابة، والتابعين، والعلماء، من كتب، وآثار علمية، وما رووا من أحداث السيرة، وأحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة، هو مطلق الصحة، بل فيه الخطأ والصواب، وفيه الصحيح والمدسوس.
و ليس كل ما ورثناه من آراء وأفكار، ونظريات العلماء، في مجال الفكر السياسي، والعقيدي، والتأريخي، والثقافي، وتفسير القرآن، هو مقّدس لا يجوز المساس به، بل المنهج العلمي الذي يثبته القرآن، هو منهج الدليل والبرهان، والنقد العلمي الرصين. وهكذا يجب أن نتعامل مع التراث، كما هو المنهج مع أفكار ونظريات المعاصرين، من اسلاميين، وغير اسلاميين.
المصدر : كتاب قراءة في عالم الشباب
القصور الثقافي لدى الشباب أزمة ام مؤشر أزمة؟
التربية الوطنية والقيادية للشباب