«رسالة الحقوق امام سجّاد (ع) / حق روزه»
وأمّا حقُّ الصومِ فأنْ تعلَم أنه حجابُ ضربَه الله على لسانِكَ وسمعِكَ وبَصَرِكَ وفرْجِكَ وبَطْنِكَ ليسترك به من النّار وهكذا جاءَ في الحديث ((الصومُ جُنَةٌ منَ النّار)) فإن سَكَنَتْ أطرافُكَ في حَجْبتها رجوتَ أن تكون محجوباً وإنْ أنتَ تركتها تضْطربُ في حِجَابِها وترفعُ جنبات الحجابِ فتطلع إلى ما ليس لها بالنظرةِ الداعية للشهوةِ والقوةِ الخارجةِ عن حدّ التقيةِ لله لم تأمنْ منْ أنْ تَخْرِقَ الحجابَ وتخرُج منه ولا قوة إلا بالله.
«رسالة الحقوق امام سجّاد (ع) / حق نماز»
فأمّا حقُّ الصلاةِ فإنْ تعلَم أنها وفادة إلى الله وأنكَ قائمُ بها بَيْنَ يديّ الله فإذا عَلِمتَ ذَلِكَ كُنْتَ خليقاً أن تقُومَ فيها مقامَ الذَليل، الراغِبَ، الراهِبِ الخائِفِ الراجي المسكين، المتضرع، المعظّم مَنْ قامَ بينَ يَدَيه بالسكُونِ والإطراقِ وخُشوع الأطرافِ ولينِ الجناح وحسنِ المناجاة له في نفسِه والطلب إليه في فَكَاكِ رقبتِكَ التي أحاطَتْ به خطيئتك واستهلكتْها ذنوبك ولا قوة إلا بالله.
«رسالة الحقوق امام سجّاد (ع) / حق پاها»
وأمّا حقُّ رِجْليكَ فأنْ لا تمشي بها إلى ما لا يَحلُ لَكَ ولا تَجْعلها مطيتك في الطرِيق المستخفة بأهلِها فيها، فإنها حاملتك وسالكهُ بِكَ مسلَكَ الدين والسبقِ لكَ ولا قوة إلا بالله...
«رسالة الحقوق امام سجّاد (ع) / حق دست»
وأمّا حقُّ يدِكَ فأنْ لا تبْسطها إلى ما لا يَحِلُ لَكَ فتنالُ بما تبسطُها إليه مِنَ الله العقوبةِ في الأجل ومِنَ الناس بلسانِ اللائمةِ في العاجل ولا تقبضْها مما افترضَ الله عليها ولكنْ توقرها بقبْضِها عَنْ كثيٍر مما لا يحلُّ لها وبسطها إلى كثيرٍ مما ليس عليها فإذا هي قد عقلت وشرّفتْ في العاجل ووجب لها حسن الثواب.
«رسالة الحقوق امام سجّاد (ع) / حق معده»
وأمّا حقُّ بطنِكَ فأنْ لا تجعلْه وعاءً لقليلٍ من الحرامِ ولا لكثيرٍ وأنْ تَقْتَصد له في الحَلالِ ولا تُخرجْه من حَدٍ التقوية إلى حدِّ التَّهوين وذهاب المروةِ وضَبْطه إذا هَمّ بالجوع والظمأ فإنّ الشَّبعَ المنُتهي بصاحِبهِ إلى التُخمِ مكسلةُ ومثبَطَةُ ومقْطِعةُ عن كلِ برٍ وكرم وإنَّ الري المُنتهي بصاحبهِ إلى السكرِ مسخفةُ ومجهلةُ ومذهبةُ للمروةِ.
«رسالة الحقوق امام سجّاد (ع) / حق چشم»
وأمّا حقُّ بصرِك فغضُّه عمّا لا يحلُّ لَك، وتركُ ابتذَالهِ إلا لموضِع عِبرةٍ تَستقْبلُ بها بصراً أو تستَفيدُ بها علماً فإنّ البصرَ بابُ الاعتبارِ.
«رسالة الحقوق امام سجّاد (ع) / حق گوش»
وأما حق السمع فتنزيهه عن أن تجعله طريقاً إلى قلبك إلا لفوهة كريمة تحدث في قلبك خيراً، أو تكسب خلقاً كريماً، فإنه باب الكلام إلى القلب، يؤدي إليه ضروب المعاني على ما فيها من خير أو شر، ولا قوة إلا بالله.
«رسالة الحقوق امام سجّاد (ع) / حق زبان»
وأمّا حقُّ الِلسانِ فإكرامه عن الخَنَى وتَعْويدُه على الخيرِ وحملُه على الأدَبِ وإجمامُه إلا لموضِع الحاجة والمنفَعَة للدين والدُنيا وإعْفاؤه عن الفُضُول الشُّنعة القليلة الفائدة التي لا يُؤمَنُ ضَررُها مع قلة عائِدتها وبعد شاهِدِ العقلِ والدليل عليه وتزيّنِ العامِل بعقلِهِ حسنُ سيرتِه في لسانِهِ ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
«رسالة الحقوق امام سجّاد (ع) / حق خود»
وأمّا حقُّ نفسِك عليكَ فأنْ تستوفيها في طَاعة الله فَتُؤدي إلى لِسَانِكَ حَقَه، وإلى سَمْعِكَ حَقَه وإلى بَصَرِكَ حَقَه وإلى يدِكَ حَقَها وإلى رِجْلِك حَقَها وإلى بطْنِكَ حقَه وإلى فَرْجِكَ حَقَه وتستعينُ بالله على ذَلِكَ...
«رسالة الحقوق امام سجّاد (ع) / حق خدا»
فأمَّا حَقُّ الله الأكبرِ فإنَكَ تَعْبده لا تُشْركْ به شيئاً فإذا فَعلتَ ذَلِكَ بإخلاصٍ جَعَلَ لَكَ على نفسِه أنْ يكفِيكَ أَمْرَ الدُنيا والآخرة ويحفظَ لكَ ما تُحِب.