فضل مسجد الكوفة
إن مسجد الكوفة أقدم من كل المساجد عدا بيت الله الحرام ، كما ورد في الأخبار المأثورة في كتب السير و التواريخ . و ورد أنه كان معبد الملائكة من قبل خلق آدم ، و أنه البقعة المباركة التي بارك الله فيها ، و أنه معبد أبينا آدم و ما بعده من الأنبياء و المرسلين ( عليهم السلام ) و معبد الأولياء و الصديقين ، و أطنبوا في ذكرها و ما في مسجدها من المزية على سائر المساجد عدا بيت الله الحرام و مسجد النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
- قال المجلسي في الجزء الثاني و العشرين من البحار بحذف الإسناد عن حبة العرني وم يثم الكناني قالا : ( أتى رجل عليا ( عليه السلام ) ، فقال : يا أمير المؤمنين إني تزودت زادا و ابتعت راحلة و قضيت ثباتي - أي حوائجي - و أريد أن أنطلق إلى بيت المقدس ، قال له ( عليه السلام ) : « انطلق فبع راحلتك و كل زادك و عليك بمسجد الكوفة ، فإنه أحد المساجد الأربعة ، ركعتان فيه تعدلان كثيرا فيما سواه من المساجد ، و البركة منه على رأس اثني عشر ميلا من حيث ما جئته ، وقد ترك من أسه ألف ذراع ، و من زاويته فار التنور ، و عند الأسطوانة الخامسة صلى إبراهيم الخليل ، و صلى فيه ألف نبي و ألف وصي ، و فيه عصا موسى و خاتم سليمان ، و شجرة اليقطين ، و وسطه روضة من رياض الجنة ، و فيه ثلاثة أعين يزهرن ، عين من ماء ، و عين من دهن ، و عين من لبن ، أنبتت من ضغث تذهب الرجس و تطهر المؤمنين ، و منه مسير لجبل الأهواز ، و فيه صلى نوح النبي ، و فيه أهلك يغوث و يعوق ، و يحشر منه يوم القيامة سبعون ألفا ليس عليهم حساب و لاعذاب ، جانبه الأيمن ذكر وجانبه الأيسر مكر ، ولو علم الناس ما فيه من الفضل لأتوه ( حبوا ) » ، ( 1 ) .
- و في تفسير العياشي و البحار عن رجل عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : سألته عن المساجد التي لها الفضل فقال : « المسجد الحرام و مسجد الرسول » . قلت : و المسجد الأقصى جعلت فداك ؟ ، فقال : « ذاك في السماء إليه أسري رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) » . فقلت : إن الناس يقولون إنه بيت المقدس ؟ ، فقال : « مسجد الكوفة أفضل منه » ، ( 2 ) .
- وفي البحار بالإسناد إلى أبي حمزة الثمالي قال : بينا أنا قاعد يوما في المسجد عند السابعة ، إذا برجل مما يلي أبواب كندة قد دخل ، فنظرت إلى أحسن الناس وجها و أطيبهم ريحا و أنظفهم ثوبا ، معمم بلا طيلسان و لاإزار ، و عليه قميص و دراعة ( 3 ) و عمامة ، وفي رجليه نعلان عربيان ، فخلع نعليه ثم قام عند السابعة (ي قصد الاسطوانة السابعة ) و رفع مسبحتيه حتى بلغتا ( شحمتي ) أذنيه ثم أرسلهما بالتكبير ، فلم تبق في بدني شعرة إلا قامت ، ثم صلى أربع ركعات أحسن ركوعهن و سجودهن ، و قال : « إلهي إن كنت قد عصيتك فقد أطعتك ... » ، إلى أن قال : « يا كريم » ، ثم خر ساجدا ثم رفع رأسه ، فتأملته فإذا هو مولاي زين العابدين علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، فانكببت على يديه أقبلهما ، فنزع يده مني و أومأ إلي بالسكوت فقلت : يا مولاي أنا من عرفته في ولائكم فما الذي قد أتى بك إلى ها هنا ؟ ، قال : « هو ما رأيت » ، ( 4 ) .
- و في الأمالي و البحار بالإسناد عن ابن نباتة قال : بينا ( نحن ) ذات يوم حول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في مسجد الكوفة إذ قال : « يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز و جل بما لم يحب به أحدا ، ففضل مصلاكم و هو بيت آدم و بيت نوح و بيت إدريس و مصلى إبراهيم الخليل و مصلى أخي الخضر و مصلاي ، و أن مسجدكم هذا أحد المساجد الأربعة التي اختارها الله عز وجل لأهلها ، وكأني به يوم القيامة في ثوبين أبيضين شبيه بالمحرم ، يشفع لأهله ولمن صلى فيه ، فلاترد شفاعته ، و لاتذهب الأيام حتى ينصب الحجر الأسود فيه ، و ليأتين عليه زمان يكون مصلى المهدي من ولدي و مصلى كل مؤمن ، و لايبقى على الأرض مؤمن إلا كان به أو حن قلبه إليه ، فلا تهجرن وتقربوا إلى الله عز و جل بالصلاة فيه ، و ارغبوا إليه في قضاء حوائجكم ، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبوا على الثلج » ، ( 5 ) .
----------------------------------------------------------------
الهوامش
1- بحار الأنوار : 79 / 394 - 395 ح 28 ، وكذا : الكافي : 3 / 491 ح 2 ، التهذيب : 3 / 1 251 ح 9 ، كامل الزيارات : 80 ح 76 ، المزار للمشهدي : 127 ح 8 ، وما بين القوسين أثبتناه من المصادر .
2 - تفسير العياشي : 2 / 279 ح 13 ، بحار الأنوار : 18 / 385 ح 91
3 - الدراعة : هو ثوب الصوف . مجمع البحرين : 2 / 26 .
4 - بحار الأنوار : 97 / 388 ح 12 ، وكذا : فضل الكوفة : 77 ، وما بين القوسين أثبتناه من المصادر .
5 - أمالي الصدوق : 298 ح 8 ، بحار الأنوار : 97 / 389 - 390 ح 14 ، وقال المجلسي : نصب الحجر الأسود فيه كان في زمان القرامطة حيث خربوا الكعبة ونقلوا الحجر إلى مسجد الكوفة ثم ردوه إلى موضعه ونصبه القائم ( عليه السلام ) بحيث لم يعرفه الناس .