انسجام المراة و الرجل
لو تشاهد مسألة انسجام المراة و الرجل ببصيرة ملكوتية ، فان حكمها هو الذي ذكر ، و إذا نظر إليه بنظرة ملكية ، فان حكمها هو الذي قاله الإنسان الكامل علي بن أبي طالب : ( حياء يرتفع و عورات تجتمع ، أشبه شيء بالجنون الإصرار عليه هرم ، الافافة منه ندم .. ) ،(الغرر والدرر ، ج 3 ص 417 ) .
طبعاً إن النكاح هو سنة الأنبياء خاصة خاتمهم صلى الله عليه و آله و سلم ، و الشيء الذي هو أشبه بالجنون ، و يؤدي الى ارتفاع الحياء و قاعدة للندم ، ليس سنة بل ان السكينة و المودة و الرحمة ، التي هي جاذبية إلهية بين الرجل و المرأة ، و تكون أساس تشكيل دائرة الرحم و تأسيس الأرحام و المحارم و تأمين العلاقات العائلية الرؤوفة ، التي هي أرضية بناء نظام إنساني رفيع ، لهذا لم يعتبر بعض فقهاء الإسلام عقد النكاح عقداً معاوضياً بين شخصين هما المرأة و الرجل ، بل يرونه معاهدة مشوبة بالعبادة ، لهذا لايرون لزوم عقد النكاح الذي هو من العقود اللازمة مثل عقد البيع و الإجارة و .. ، و يعدون شرط الخيار في ذلك باطلاً .
رغم اختلافهم في بطلان عقد النكاح بواسطة شرط الخيار ، و سر المسألة هو أن لزوم العقود اللازمة قسمين :
- القسم الأول : اللزوم الحقي
- و القسم الثاني : اللزوم الحكمي ،
القسم الأول فلأن اللزوم فيه ، هو حق طرفي المعاملة ، فهو قابل للفسخ بقيوده الخاصة ، مضافاً إلى تجويز هذا الخيار من قبل شرع الإسلام مثل خيار المجلس و خيار الحيوان ، مع الخيارات التنفيذية التي تكون سابقة لأصالتها بين العقلاء مثل خيار تعذر التسليم ، خيار تبعض الصفقة و غيرها ، فتعتبر قبالة للفسخ ، و كذلك لها صلاحية الفسخ بشرط الخيار بدون ظهور أحد الأسباب المذكورة ، و عدا كل هذه يمكن إقالة ذلك بتقابل الطرفين ، و لأنه حق الطرفين فله صلاحية الإنحلال بتراضيهما .
و أما القسم الثاني فلأن اللزوم في ذلك ، ليس حق الطرفين بل هو حكم الله ، و ليس حقاً صرفاً للمتعاملين ، لذا لا يمكن إقالته إلا في حالة إجازة الشرع مثل الطلاق أو ظهور عيب يسبب الفسخ ، الغرض ان رأي بعض الفقهاء حول بطلان شرط الخيار في عقد النكاح ، هو أنه توجد في ذلك شائبة عبادة ، و ليس مجرد عقد معاوضي ( مسالك الأفهام ، للشهيد الثاني) . و مضافاً إلى الاستدلال بالإجماع لأبطال شرط الخيار ، يتمسك أيضاً ببعض الوجوه الاعتبارية مثل ان شرط الخيار سبب انحطاط المرأة ، و هتك حيثيتها .
أن رؤية الإسلام للمرأة و تنظيم حقوقها ، و ان حيثيتها لها جنبة حق الله ، و ليس حق الناس ، و لايجوز هتك حرمتها لأحد ، و الجميع مكلفون بالحفاظ على مقام المراة مشهودة في خلال الأحكام الدينية ، فمثلاً إذا تجاوز أحد على حيثيتها و هتك ناموسها ، يجب أن يحد ، و لايسقط حد الزاني لأي سبب ، لارضى الزوج و لارضى المرأة نفسها ، لأن ناموسها له جنبة حق لله ، وليس هو كالمال إذا سرق ورضي المسروق منه يسقط الحد ، ولكن مدنية الغرب أو الشرق المادي تعتبر ناموس المرأة كالبضاعة ، لذا يبرأ المتهم اذا رضيت المرأة أو رضي الزوج و يغلق الملف ، كما كان رائجاً في الجاهلية القديمة . ولكن بمجيء الإسلام لا مجال للجاهلية الجديدة ، و لاللجاهلية القديمة ( قل جاء الحق وما يبدىء الباطل وما يعيد ) ، (سورة سبأ ، الآية : 49) .
الجوادي الآملي
الحب الحقيقي، حقيقة علمية
الزواج.. هل يقتل الحب؟؟
العائلة و المجتمع في فكر الإمام الخميني
القرآن و تنظيم الأسرة