• عدد المراجعات :
  • 1076
  • 6/9/2009
  • تاريخ :

عولمة الجريمة و الإرهاب 3

الارهاب

كان لانتهاء الحرب الباردة تأثير هائل على بروز الجريمة العابرة للحدود القومية . فمع نهاية المواجهة بين القوتين العظميين ، تقلص احتمال نشوب نزاع واسع النطاق. ولكن ، منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي ، حدث ارتفاع هائل في عدد النزاعات الإقليمية . لسوء الحظ ، كثيراً ما تم ربط السلاح و القوى البشرية ، التي تنفذ هذه النزاعات بالنشاط الإجرامي العابر للحدود من خلال التجارة بالممنوعات : المخدرات ، الألماس ، و الناس. ولّدت هذه النزاعات بدورها عدداً لا سابق له من اللاجئين ، و ألحقت الأضرار بالاقتصادات المشروعة في مناطق هذه النزاعات ، التي أمست لاحقاً أراضٍ خصبة لتجنيد الإرهابيين ، أو ملاجئ آمنة لتخطيط العمليات الإرهابية ، و تدريب الإرهابيين.

التقدم التكنولوجي العظيم ، الذي تحقق خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، ساعد بدرجة هائلة نمو النشاطات الممنوعة العابرة للحدود القومية.

 فنشوء حركة السفر الجوي التجاري ، و التحسينات في أنظمة الاتصالات (بضمنها الهاتف ، و الفاكس ، و الاتصالات السريعة عبر الإنترنت) ، و نمو التجارة الدولية ، سهلت جميعها الحركة الفعلية للسلع و البشر. يستغل المجرمون و الإرهابيون سرية غرف الدردشة عبر الإنترنت لتخطيط ، و تنفيذ نشاطاتهم . استخدم إرهابيو 9/11 أجهزة كمبيوتر عامة ، لإيصال رسائلهم ، و لشراء تذاكر السفر الجوي مباشرة . بصورة مماثلة ، استخدم مهربو المخدرات في كولومبيا اتصالات لاسلكية مرمزة لتخطيط  ، و تنفيذ عملياتهم.
تقترن مع العولمة إيديولوجية الأسواق الحرة و التجارة الحرة و انحسار تدخل الدول في الشأن الاقتصادي. استناداً إلى دُعاة العولمة ، سوف يؤدي هذا التقليل من القوانين و الحواجز الدولية المقيدة لحرية التجارة و الاستثمار، إلى زيادة التوسع التجاري و الإنمائي . لكن هذه الظروف بالذات و التي تُعزز البيئة المعولمة ، تكون حاسمة أيضاً لتوسع الجريمة.

استغلت كل من عصابات الإجرام و الإرهاب هذا التقليل الهائل في الأنظمة و التخفيف من وسائل مراقبة عبور الحدود ، و الحرية الأكبر الناتجة عن ذلك ، لتوسيع نشاطاتهم عبر الحدود و للوصول إلى مناطق جديدة من العالم . و قد ازداد اليوم تكرار هذه الاتصالات ، و تسارعت ممارستها . ففي حين يخضع نمو التجارة المشروعة للتنظيم عبر الانصياع لسياسات مراقبة الحدود ، التي يرصدها موظفو الجمارك و الأنظمة البيروقراطية ، تستغل بحرية مجموعات الجريمة ، التي تتخطى الحدود القومية ، منافذ التهرب المتوفرة في الأنظمة القانونية للدول ، للتوسع في بسط نفوذها . يسافر المجرمون إلى مناطق لا يمكن فيها تسليمهم إلى حكوماتهم ، و ينشئون قواعد لعملياتهم في البلدان ، التي تكون أجهزة فرض تطبيق القانون فيها غير فاعلة أو مرتشية ، و يبيّضون أموالهم في دول تتبع نظام سرية المصارف أو لا تُطبّق سوى عدد قليل من قوانين المراقبة الفعالة. و من خلال تجزئة عملياتهم يحصد المجرمون و الإرهابيون فوائد العولمة ، و في نفس الوقت يقللون من مخاطر عملياتهم.

ازداد حجم التجارة العالمية بشكل هائل خلال النصف الثاني من القرن العشرين . كما ترافق مع التدفق المتعاظم للسلع المشروعة زيادة مرور السلع الممنوعة. يُشكّل إيجاد السلع الممنوعة من بين تدفقات السلع المشروعة تحدياً حقيقياً. فهناك نسبة صغيرة جداً من سفن الحاويات فقط ، تخضع لتفتيش شحناتها ، الأمر الذي يُسهل نقل المخدرات ، و السلاح ، و السلع المهربة. و هكذا ، يمكن نقل المخدرات على سفن سمك التونا لتجنّب اكتشافها بسهولة ، كما يمكن استغلال تجارة العسل لنقل الأموال و توليد الأرباح لمنظمة القاعدة في نفس الوقت.


عولمة الجريمة و الإرهاب 1

عولمة الجريمة و الإرهاب 2

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)