الشهيد مطهري
(الدراسة)
بدأ الشهيد مطهري دراسة العلوم الدينية في سن العاشرة.
و في عام 1312هـ ش ، توجّه إلى مشهد لإكمال دروسه الدينية. و بعد عامين أقدم رضا خان على إغلاق المدارس الدينية، فعاد الشهيد إلى مسقط رأسه ، و واصل دراسته الحرّة لمدة سنتين. ينقل عنه أنه كان يقول: "إن كل ما لدي من مطالعات تاريخية، تعود إلى السنتين ، اللتين رجعت فيهما من مشهد إلى فريمان".
و قد بدأ الشهيد بالبحث والدقة منذ الأيام الأولى لتلقّيه العلوم الدينية، و ذلك بغية الحصول على إجابات واضحة و وافية حول موضوع (معرفة الله).
رغم وجود العلماء الكبار في الحوزة العلمية بمشهد، إلا أن صيت قم قد ذاع في الآفاق، مما جعل الشهيد مطهري يهاجر إليها، هذا في وقت كانت قد بلغت فيه محاربة رضا خان للحوزات العلمية أوجها، و العلماء معرّضون لأشد الضغوط. و من جانب آخر ، كان أقارب و أصدقاء الشهيد ، يعارضون ذهابه إلى الحوزة العلمية بقم.
درس الشهيد مطهري كفاية الأصول لدى آية الله السيد محمد داماد ، و البحث الخارج لدى الآيات العظام: الخوانساري، الحجة و الصدر، ثم استفاد من دروس الإمام الخميني قدس سره، و كان يعتبر الدراسة على يد الإمام الخميني قدس سره اثنا عشر عاماً ـ و الذي تعدّت علاقته بالإمام حدود علاقة التلميذ بالأستاذ ، حيث كان الإمام يزوره في غرفته في المدرسة الدينية ـ ذي تأثير كبير على تبلور شخصيته.
كما
أن لتتلمذ الأستاذ مطهري عند
العلامة الطباطبائي دور كبير في بلورة شخصيته العلمية و الروحية. و رغم أن مدة دراسة الأستاذ الرسمية لدى العلامة ، كانت في حدود الثلاث سنوات، إلاّ أن علاقته بالمرحوم العلامة ، كانت مستمرة حتى استشهاده،
و كان يستفيد منه حتى نهاية حياته. و عبارة "سماحة أستاذنا الأكرم العلامة الطباطبائي" لدليل على ما يكنّه الشهيد من احترام للعلامة.
كان المرحوم مطهري ، مجتهداً و صاحب رأي في العلوم الإسلامية ، من قبيلالتفسير و الفقه و أصول الفقه و أصول الدين و الفلسفة الشرقية ، خصوصاً أنه لمس بدقة مسائل فلسفة صدر المتألهين الشيرازي ، وكانت تأليفاته دقيقة و ناضجة و مفيدة و قيمة جداً لجيل الشباب الباحثين.
وكان للمرحوم دور مؤثر في التعريف بالإسلام الأصيل و في الكفاح بزعامة الإمام الخميني، و كان ضمن العلماء الأعلام و المثقفين الذين اعتقلوا في الخامس عشر من خرداد.
و كان دائماً من أنصار الثورة الأوفياء، و كان من خصوصياته أن أجواء طهران المتلاطمة لم تلوثه، و بقي على خلوصه و صفائه و بساطته و أخلاقه و معنويته، ويالها من فضيلة عظيمة ، أن لا تؤثر الأجواء سلباً على الانسان، بل يترك آثاراً ايجابية في المحيط الذي يعيشه. كما أن من خصوصيات المرحوم ، هي الالتزام و العلاقة المفرطة للذكر و الدعاء و التهجد.
هذا المرحوم قد نال فيض الشهادة العظيم، فهنيئاً له ، و حشره الله تعالى مع الشهداء و الصالحين ، والهم الله أولاده و أهل بيته الصبر و الأجر بجاه محمد و آله.
فالإمام قد بدأ تدريس خارج الفقه و الأصول في إطار خاص ، بطلب من الشهيد و أحد تلامذته الآخرين، فعندما كان المرحوم آية الله البروجردي ، يدرّس خارج الفقه و الأصول، طلب الشهيد مطهري من الإمام ، أن يدرّس خارج الأصول له مع جمع من التلامذة.
و إضافة إلى درس خارج الأصول، درس الشهيد شرح المنظومة لملا هادي السبزواري ، و جزءً من الأسفار لدى الإمام الخميني قدس سره، و كان يتمتع بذكاء وافر و استعداد قوي و جهد مضاعف ، بحيث تخطى المدارج العلمية بسرعة، و نال الاجتهاد في العلوم النقلية و العقلية.
و معمول في الحوزات العلمية منذ القدم ، أن يبدأ الطالب إضافة إلى دراسته للدروس العليا، بتدريس العلوم الحوزوية، عاملاً بالحديث الشريف "زكاة العلم نشره". والشهيد مطهري لم يشذ من هذه القاعدة، فبدأ بالتدريس في الحوزة إلى أن نال لقب (الأستاذ) في الحوزة العلمية، و أصبح من الأساتذة المعروفين فيها.
كان الشهيد مطهري منسجماً مع منظمة "فدائيان اسلام" و مع أفكارهم. و قد سمعت الشهيد نواب مرّات، يذكر الشيخ مطهري باحترام، و يسأل عنه.