بداية الثورة الإسلامية
بداية النهضة الإسلامية
للثورة الإسلامية صلة وثيقة أساسية بقضية عام 1963 حيثُ ألقى الامام الخميني خطاباً عاصفاً هاجم فيه الشاه وأميركا وإسرائيل ، بل ولا تتيسر دراسة خصائص الثورة إلا من خلال تلك النهضة المباركة، التي كانت منعطفاً بارزاً في الجهاد الطويل الذي خاضه الشعب الإيراني المسلم. كانت واقعة الخامس عشر من خرداد عام 1963 نهضة وانتفاضة انبثقت من أعماق الشعب، وكان الشعب هو الذي قدم الشهداء، وهو الذي اقتحم ساحة الجهاد لأول مرة وخاض جهاده المرير بالاتكال على الله وبأيد خالية، ويائسة من القادة السياسيين، وكان الخامس عشر من خرداد ذروة نهضة قادمت لأول مرة إلى فرز خنادق الجهاد بشكل واضح؛ فاصطف الإمام الخميني في خندق، والشاه وأتباعه في خندق المقابل.
شهادة سيد مصطفى الخميني وتأجيج نار الثورة
بنيت أسس الثورة الإسلامية منذ انطلاقتها الأولى على ذلك التحرك المقدس الذي اضطلع به شهداء الخمس عشر من خرداد، ونمت شجرتها واستوت على ساقها، إلى أن بدأت عموم جماهير الشعب ومختلف الفئات والشرائح تقيم مجالس الفاتحة على روح النجل الأكبر لسماحة الإمام الخميني، في أعقاب استشهاده عام 1956. واتصفت مجالس الفاتحة التي أقيمت في مدينة قم في اليوم الأربعين لشهادته بميزة خاصة، إذ كانت غالباً ما تنتهي تلك المجالس باشتباكات بين الجماهير وعملاء النظام الذي كان يسعى لكبت حركة الشعب الثورية، ولكنه لم يفلح في إحباطها بل بالعكس أدى بها إلى مزيد من الاضطرام وزادها أواراً على أوارها.
استشهاد عدد من طلبة الحوزة العلمية بقم
في أعقاب الإساءة التي وردت في أحد صحف النظام ضد سماحة الإمام عام 1976 وقعت مجزرة بمدينة قم راح ضحيتها عدد من طلبة الحوزة العلمية ومن الأهالي الأبرياء. وكانت هذه الحادثة مقدمة لأن يقيم أهالي مدينة تبريز مجالس فاتحة لتخليد ذكرى الشهداء في أربعين شهادتهم من نفس ذلك العام. وكانت تلك الأحداث سبباً لتحريك عجلة الثورة.
وعلى هذا المنول أخذت الجماهير في مناسبات أربعين الشهداء وغيرها من المناسبات الأخرى مجالس الفاتحة وتنظيم التظاهرات بمجاميع صغيرة أو كبيرة، وتكتب الشعارات على الجدران تعبيراً عن موقفها الثوري ورفضها للسلطة الحاكمة.
وفي تلك الأيام كان الطلبة المسلمون في الجامعات قد نظموا نشاطاتهم المعبرة عن سخطهم على النظام الحاكم وأخذ عطر الثورة يسري شيئاً فشيئاً ليوقظ الكثير ممن غطّوا في سبات الغفلة لسنوات طويلة، وصار كل من لديه قدرة من أبناء الشعب يوظفها لخدمة الثورة حتى أثمرت شجرة الثورة بقدرة الله في عيد الفطر عام 1978
في تلك الأثناء حاول الشاه ورغم شدة الاضطرابات إلى حرف حركة الجماهير عن مسارهم الصحيح من خلال التركيز على مطالب فرعية لا أهمية لها، إلا أن المواقف الحازمة للإمام في تلك المرحلة الحساسة قد أحبطت جميع مساعي النظام الحاكم.
في أعقاب فشل الشاه في الحيلولة دون اتساع التظاهرات الشعبية، والوعي الذي بينه العلماء بين الجماهير وخاصة في نشر نداءات الإمام الخميني بواسطة الأشرطة والبيانات، اضطر النظام الحاكم عند ذاك إلى اتباع أسلوب العنف، ووقف مقابل حركة الجماهير بالنار والحديد.
إعلان الأحكام العرفية في أصفهان
في تلك الظروف قام أهالي أصفهان بأعمال أثارت الرعب في أوساط النظام، وكانت نتيجة ذلك أنهم نالوا وسام إعلان أول حالة للأحكام العرفية في مدينتهم، وهذا ما أدى إلى توسيع رقعة الثورة.
حريق سينما بمدينة آبادان
ومع تنامي مد الثورة بشعارات ومضامين إسلامية، سعي النظام إلى افتعال حادثة حريق في سينما مليئة بالمشاهدين، وإلقاء تبعة ذلك العمل ـ ضمن لعبة إعلامية ـ على عاتق الثورة الإسلامية، إلا ان عار هذه الجريمة البشعة قد لحق بفاعليها وسرعان ما أخذت شعارات أبناء الشعب تندد بالشاه.
صلاة عيد الفطر في قيطرية
ومع بلوغ الثورة الإسلامية ذروتها دعي الناس في أواخر شهر تطهير وتزكية النفس، شهر رمضان المبارك إلى إقامة صلاة العيد عام 1978 في منطقة قيطرية، وأقيمت صلاة العيد هناك بإمامة الشهيد آية الله مفتح. وكانت المشاركة الجماهيرية المليونية في هذا اليوم ومن بعده قد شكلت منعطفاً جاداً في تاريخ الثورة؛ لأن العالم قد أدرك في ذاك الحين أن ملايين القلوب تنبض للإسلام وللثورة. ولهذا يمكن القول إن الأمة الإسلامية قد ولدت من جديد في عيد الفطر ذاك وفي اليوم الذي انطلقت فيه المسيرات من بعده.
إعلان الأحكام العرفية
أصيب الشاه وأسياده بالهلع بعد التظاهرات الحاشدة التي انطلقت يوم عيد الفطر، وعزموا على استخدام أعنف الأساليب لقمع المسيرات واعلان الاحکام العرفيه .
الحكومة العسكرية
بعد فشل الأحكام العرفية في تحقيق غاياتها، عزم النظام بعدما هاله اتساع شدة التظاهرات وتصاعد وتيرة الاحتجاجات والاضرابات بقيادة الإمام الخميني على إعلان حكومة عسكرية كمبادرة جديدة علّها تكون ذات فائدة له، غير أن هذه المكيدة فقدت فاعليتها بمرور الزمن بسبب انضمام بعض وحدات الجيش وأفراده إلى صفوف الثائرين، ونتيجة لأساليب التوعية التي مارسها الإمام وسائر العلماء. وجاءت من بعد ذلك تظاهرات التاسع والعاشر من شهر محرم لتضيف منعطفاً آخر إلى تاريخ الثورة الإسلامية.
كان الإعلان عن مجيء حكومة جديدة برئاسة شاهبور بختيار إلى السلطة، وخروج الشاه من إيران بمثابة فصل جديد من حياة الثورة، إذ تبع ذلك أن سارعت الجماهير إلى تحطيم تماثيل الشاه وتمزيق صوره.
بدأت من بعد ذلك مرحلة التمهيد لعودة الإمام إلى الوطن الإسلامي ظافراً منصوراً. لكن المظاهرات الدامية تواصلت خلال تلك الفاصلة، وأغلق مطار طهران لمرات عديدة إلى أن أتيح للإمام الخميني في اليوم الأول من شهر شباط سنة 1979م العودة إلى أحضان شعبه، وسارت الثورة الإسلامية بخطوات متسارعة إلى نصرها النهائي في 11 شباط 1979م.
فصول من أيام الثورة وتأريخها 5
ذروة الأحداث وانتصار الثورة الإسلامية
مرحلة النضال والثورة
البعد الحضاري في ثورة الإمام الخميني
الثورة الإسلامية ومواجهة الانحرافات الفكرية