• عدد المراجعات :
  • 2837
  • 1/4/2009
  • تاريخ :

صوم يوم عاشوراء في نظر الشيعة
عاشورا

لا ريب في أن استعمال كلمة ( عاشوراء ) ينصرف إلى يوم العاشر من شهر مُحرَّم الحرام ، وهو ذكرى شهادة الإمام الحسين ( عليه السلام ) .

وقد نصَّ اللُّغويون على أنَّ هذا الاسم اِسمٌ إسلامي ، ولم يكن يُعرف في الجاهلية ، وعليه فكيف نفسر ما جاء في الخبر :عن عائشة قالت : كان يوم عاشوراء تَصومُه قريش في الجاهلية , وكان رسول الله يصومه في الجاهلية ، فلما قدم المدينة صامه ، وأمر بصيامه , فلما فُرِض رمضان ترك يوم عاشوراء , فمن شاءَ صَامَه ، ومن شاء تركه .

وكأنها عَلَّلَتْ صومهم فيه في خبر آخر عنها : قالت : كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يُفرَض رمضان , وكان يوماً تُستَر فيه الكعبة .

فلما فرض الله رمضان قال رسول الله : ( من شاء أن يصومه فَليصُمْه , ومن شاء أن يتركه فَلْيترُكه ) ، فكيف نوفِّق بين هذا الكلام وبين ما أقرَّهُ اللُّغَويون من أن اسم عاشوراء اِسمٌ إسلامي ، لم يُعرف في الجاهلية ؟

وإذا كانوا يصومونه لأنه كان يوماً تُستَر فيه الكعبة , فلماذا أضيف إلى وصف اللَّيلة ( عاشوراء ) ، ولم تكن الكعبة تستر في اللَّيل قطعاً ؟ أم هل وصفوا اليوم المذكَّر بصفة التأنيث ؟ فالعجب من العرب كيف غاب عنهم هذا ؟

والجاهلية هي عهد ما قبل الإسلام , فإذا كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يصوم يوم عاشوراء في الجاهلية ، فلماذا تركه بعد الإسلام ؟ فلو كان تركه لمخالفة المشركين فلماذا رجع إليه بعد الهجرة ؟ هذا ما روي عن عائشة ، وتلك هي التساؤلات التي تفرض نفسها بلا جواب شافٍ وكافٍ .

وجاء في مجموعة ثانية :

1 - عن ابن عباس قال : قدم النبي فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء , فقال : ( مَا هذا ) ؟ قالوا : هذا يومٌ صَالحٌ , يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوِّهم ، فصامه موسى ( عليه السلام ) ، فقال : ( إنا أحقُّ بموسى منكم ) ، فصامه ، وأمر بصيامه .

2 - عن أبي موسى الأشعري قال : دخل النبي المدينة ، وإذا أناس من اليهود يعظِّمون عاشوراء ويصومونه , فقال النبي : ( نحن أحقُّ بصومه ) ، فأمر بصومه .

هذا ما روي عن ابن عباس ، وأبي موسى الأشعري , وليس فيه أن اليهود كانوا يسمونه عاشوراء ، فلعله كان صوم اليهود إذ ذاك موافقاً لليوم العاشر من المحرم ، ويتضح من الخبرين أمران هما :

الأول : أن اليهود يعظمون عاشوراء ، الثاني : تَعدُّه اليهودُ عِيداً .

فتعليق وصف العيد ، وتعظيم اليهود على يوم عاشوراء ، لا وَجْه له , وقد أشرنا إلى أن اللُّغويين اعتبروه ( اسم إسلامي ) ، ولم يكن يعرف في الجاهلية , أي : قبل الإسلام , وعليه فكيف عرف اليهود عاشوراء قبل الإسلام ؟

وقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( فَصومُوه أنتم ) , و( نحن أحقُّ بصومه ) ، هل يدل على الأمر بالصوم وجوباً ، أم استحباباً ؟ وظاهر الأمر أنه يدل على الوجوب كما قالوا .

وعليه فيخلو الخبر عن ذكر مدى هذا الأمر إلى متى كان أو يكون ؟ وكذلك تخلو منه أخبار ابن عباس ، وقد ذكرت المدى أخبار عائشة : فلما فرض الله رمضان قال رسول الله : ( من شاء أن يصومه فليصمه , ومن شاء أن يتركه فليتركه ) .

وقد ذكروا بلا خلاف أن الله فرض صيام شهر رمضان بنزول القرآن الكريم به في منتصف السنة الثانية للهجرة ، أي : لم يكن بين هجرته وبين نزول القرآن بفرض رمضان غير عاشوراء واحدة .

إذن فعاشوراء الأولى قد مضت ولم تأت الثانية ليصوموا يومها , حتى نزل القرآن بفرض رمضان ، فما معنى أنهم كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان ؟ وكذلك ما عن عائشة أيضاً قالت : كان عاشوراء يصام قبل رمضان , فلما نزل رمضان ، فمن شاء صام ، ومن شاء أفطر .

وعنها قالت : كان رسول الله أمر بصيام عاشوراء , فلما فرض رمضان كان من شاء صام ومن شاء أفطر , وكأنه أمر بالصيام فقط ، ولم يصوموه .

وهناك خبر آخر عن حميد بن عبد الرحمن ، أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على منبر يوم عاشوراء عام حج يقول : يا أهل المدينة , أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله يقول : هذا يوم عاشوراء , ولم يكتب الله عليكم صيامه , وأنا صائم , فمن شاء فليصم ، ومن شاء فليفطر .

فهذا يتضمن تنكُّراً لصيام قريش في الجاهلية , ولصيام اليهود كذلك , وينص من أول يوم على الندب والاستحباب دون الوجوب ، ولكن يلاحظ عليه أمران :

الأول : أنه يتضمَّن اعترافاً بِعدم علم علماء أهل المدينة بالحديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .

الثاني : أفكان هذا قبل الهجرة ؟ أم بعدها ؟ أم بعد فتح مكة ؟ فمتى سَمعه معاوية بن أبي سفيان ؟ .

وإذا لم يكن يوم عاشوراء يوم نجاة موسى ( عليه السلام ) وبني إسرائيل من فرعون , فلا يصح ما جاء في بعض كتب الحديث مِمَّا نُسب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من أخبار في عاشوراء ، تتضمن أنه يوم نجاة موسى ( عليه السلام ) وبني إسرائيل من الفراعنة , فهو يوم عيد الخلاص .

وإلى جانبه ذكريات أخرى , منها أنه يوم خلق اللهُ الأرضَ والجنةَ و آدمَ ( عليه السلام ) , فهو عيد الخلق , وهو يوم نجاة نوح من الغرق , ونجاة إبراهيم من الحرق .

هذا , وقد روى الشيخ بن بابويه القمي , بسنده عن جبلة المكية قالت : سمعت ميثماً التمَّار يقول : والله لَتقتُلَنَّ هذه الأمة ابن نبيِّها في المحرم لعشر مضين منه , ولَيتَّخِذَنَّ أعداءُ الله ذلك اليوم يوم بركة , وإن ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره ، أعلمُ بذلك بِعهدٍ عَهِدَهُ إليَّ مولاي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .

قالت جبلة : فقلت : يا ميثم , وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين بن علي ( عليهما السلام ) يوم بركة ؟ فبكى ميثم , ثم قال : سيزعمون بحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم ( عليه السلام ) ، وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة .

ويزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح ( عليه السلام ) على الجودي , وإنما استوت على الجودي يوم الثامن عشر من ذي الحجة .

ويزعمون أنه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل , وإنما كان ذلك في شهر ربيع الأول .

ويزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود ( عليه السلام ) ، وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة .

ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس ( عليه السلام ) من بطن الحوت ، وإنما أخرجه الله من بطن الحوت في ذي القعدة .

ثم قال : يا جبلة , إذا نظرتِ إلى الشمس حَمراء كأنها دم عبيط ، فاعلمي أن سيدكِ الحسين ( عليه السلام ) قد قُتِل .


 تجلي عاشوراء في ضمائر الأحرار

 مسيرة الحسين (ع) في الأُسلوب والهدف

 شرعية الثورة وشروطها من خلال ثورة الامام الحسين عليه السلام

 صلة العاطفة بالذكرى الحسينيّة

 في كربلاء أفكار تنبض بالحياة

 حركة كربلاء وواقعنا المعاصر

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)