• عدد المراجعات :
  • 2394
  • 12/24/2008
  • تاريخ :

الحرية في الاهداف الحسينية
الامام الحسين عليه السلام

"كونوا احراراً في دنياكم" صرخة الامام الحسين (ع) في صمت المجتمع العربي والاسلامي المذل.

ولأن الثورة الحسينية قامت من اجل الاصلاح والعدل والحرية، ولطالما اهمل المسلمون وخاصة اولئك الذين يحيون ذكرى الامام الحسين (ع) تسليط الضوء على قضية الحرية باعتبارها جوهر المشروع الحسيني نرى ان مقولة الحسين (ع) الخالدة "كونوا احراراً في دنياكم" هي أهم غاية من غايات الثورة الحسينية.

وقضية الحرية هي مسألة ذات تأصيل فقهي وعقائدي في الاسلام، وتكاد تعادل في اهميتها قضية التوحيد، ومنذ فجر الدعوة الاسلامية ظهر جلياً ان علاقة تكاملية تربط بين مسألتي التوحيد والحرية، لأن الاسلام بتأكيده على التوحيد انما الغى وبشكل تلقائي تعدد الالهة، اصناماً من طين كانت، ام بشراً، ام قيماً وعادات، لذا قال النبي (ص) :" اخرجوا من ذل عبادة الناس الى عز عبادة الاله الواحد".

والاسلام في جوهره دعوة للتحرر من ربقة الاستغلال بجميع اصنافه وصوره، ولان السلطة الاموية شكلت التجسيد الفاضح لعودة الاستعباد وذل الناس وتكميم الافواه وشراء الضمائر، والغاء الآخر ونفيه وسحقه كانت ثورة الامام الحسين دعوة للتحرر من كل القيم والمفاهيم الجاهلية التي اعاد الجهاز الاموي احيائها.

ومنذ ذلك الزمن مازالت الحرية الفريضة الغائبة عن النص الاسلامي، وعن حراك المسلمين السياسي والاجتماعي حيث لم يعملوا حفراً في موروثهم لاستخراج النصوص من الكتاب والسنة التي اكدت عليها.

 ان المسلمين اليوم بحاجة ماسة الى استحضار المشروع الحسيني بواحدة من مفرداته "الحرية" كي يقدموا اطروحتهم الى العالم باعتبارهم امة ومجتمعات تشكل الحريات عندها قيمة دينية وانسانية اصيلة.

وعبثاً التعمية على مسألة تطرق اليوم البيوت والمؤسسات والمجتمعات بكل عناوينها وحكماً لن نستطيع الدخول الى الالف الثالث للميلاد ان لم نعيد الاعتبار لهذه القضية.

ان التراكم الكبير من ارث التخلف الناتج عن التسلط والقمع وسيطرة الفكر الاحادي والتنميط وسوق الناس كالغنم واعدادهم على مسطرة واحدة ما لبثت ان انكسرت وسقط الانموذج في تجربة طالبان مما يضعنا امام حقيقة مرة مآلها ان طريقاً واحداً للعصر الحديث ولبناء المجتمعات المتقدمة ولتحرير فلسطين هو بناء الانسان والمجتمع الحر.

ان المجتمعات المستعبدة والمقموعة لم ولن تستطيع مواجهة التحديات المحيطة بها لأنها مجتمعات مهزومة قبل المعركة، مسلوبة الارادة، مسحوقة الشخصية، مشككة، بائسة، لا تعرف الامل، وحدها المجتمعات الحرة استطاعت ان تدحر محتليها وتبني اقتصاداتها، وتنمي قدرات ابنائها، وتجعل انسانها قوياً ذا ثقة بقدرات امته وامكانيات مجتمعه وباكراً خرجت من جلد الذات والبكاء على الاطلال.

والعرب منذ ان خنقوا في كثبان الرمل في كربلاء نداء الحرية الحسيني، ومنذ اجتاحوا مدارس التنوير المعتزلي، ويوم ابعدوا ابن رشد نفياً الى الليسانة حيث حضنه اليهود مما أسس لثقافة الجمود واقفال ابواب الاجتهاد، حيث ولد العربي الذي يصاب بالرعب والخوف عندما يحتك بمعالم الحضارة الحديثة وآليات انتاج السلطة والقرار فيها وصناعة انسانها.

ان سيادة منظومة قيم ومفاهيم جامدة غير قابلة للاجتهاد وللتأويل غارقة في تراثية ممنوع نقدها اوصلتنا الى ان يكون المتحدث الرسمي باسم الامة والمجتمع اسامة بن لادن.

ولان العرب قد صموا آذانهم في القرن الاخير عن نداءات المصلحين الكبار من جمال الدين الافغاني والامام محمد عبده والامام السيد موسى الصدر واليوم السيد محمد خاتمي الذين اعادوا اشعال فتيل البحث والتنوير والتجديد في الفكر الاسلامي لصناعة انسان جديد يستطيع مواجهة التحديات نرى ان حال المجتمعات العربية قد ازدادت تدهوراً على كافة الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ومازالت دولة صغيرة كاسرائيل تشكل تحدياً لكل الواقع العربي برمته، وتبدو مجتمعاتنا عاجزة عن اللحاق بواحدة من اصغر دول آسيا كسنغافورة مثلاً.

والسبب يعود الى اننا لم نسلط الضوء على قضية بناء الانسان الحر صاحب الحق بالتعبير عن رأيه، ولم نقدس شيئاً يسمى صندوقة الاقتراع، ولم نسمع بمنتجة اسمها تداول السلطة.

وان ثقافة القمع والغاء الآخر وأخذ المواقف بالجملة دون تفصيل جعلنا نهمل أهم قاعدة اسلامية تقول: "لنرحم بعضنا فيما اتفقنا به ولنعذر بعضنا فيما اختلفنا عليه.

والقاعدة الذهبية الاخرى التي تقول: "رأيي صواب لكنه يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب".

مبدأ الحرية الذي يرصع آيات القرآن الكريم: "من شاء منكم فليؤمن ومن شاء فليكفر".

الاسلام الذي أكد على التنوع والتعدد: "ان جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" وهو الدين الوحيد الذي أكد على التنوع والتعدد باعتباره حقل انتاج المعرفة، بل حقل انتاج الحياة.

ان نظاماً تعليمياً تلقينياً لا يقوم على البحث واعمال الفكر يشكل اداة من ادوات مشروع الاستعباد والتخلف ويقتل محفزات الابداع والحرية، وفي لبنان اكتشفنا ان اهم عامل من عوامل الانتصار على العدو الذي لم تستطع كل الدول العربية هزيمته هو الحرية، مع التأكيد على عوامل المقاومة والتفاف المجتمع حولها، والدعم السوري والايراني، والخيار الجهادي وما شابه، لكن الاساس ان مجتمعاً فيه هذا القدر من الحرية والتنوع والتعدد استطاع انجاز هذا الانتصار الكبير. لنهزم اسرائيل علينا انهاء معزوفة سمجة رددناها خمسين عاماً، مواويلها تقول:" لا صوت فوق صوت المعركة" حيث ملئت السجون، كمت الافواه، وتعطل تقدم وتطور المجتمعات تحت هذه المقولة، فليست دبابة اسرائيل التي تنتصر بل نظرية الدولة والمؤسسات والحرية والديموقراطية وتناوب السلطة الذي يضبط ويجمع ويشد كل مجرميها وجزاريها ومستوطينيها الذين اغتصبوا ارضنا وحقنا. ان اعظم امبراطورية في العصر الحديث الاتحاد السوفياتي انهارت مع امتلاكها لاعظم ترسانة نووية ليس بسبب حرب بل كونها مجتمع لم يعرف الحرية فسقطت من الداخل.

انه خطاب يحمل الكثير من المتناقضات واطروحة ملتبسة هي التي نرفعها عندما نطالب بحق مسلمة بالحجاب في جامعات فرنسا، ونصمت عن القمع الذي تتعرض له نائبة مسلمة محجبة، او موظفة في شركة في بلد عربي مسلم تطرد من العمل بسبب حجابها دون ان يرف لعربي او مسلم جفن.

ومحض كذب البكاء على حرية المسلمين الذين تعرضوا للمشاكل والتهكم بدينهم في اميركا وبعض دول اوروبا بعد احداث 11 ايلول المدانة وفي البلدان العربية يمارس الضغط ضد بعض الفئات المسلمة لاسباب عقائدية وفقهية وضد احزاب وجمعيات ومواطنين لاسباب تتعلق بحرية الراي والتعبير والسلوك.

ان سلماً واحداً للمجد، وطريقاً فريداً ليكون لنا مكان تحت الشمس هو ان نعود احراراً في دنيانا، كما قال الحسين، وان لا نكون عبيداً لان امهاتنا ولدتنا احراراً كما قال علي (ع). 


حركة كربلاء وواقعنا المعاصر

 كربلاء من جديد

 في كربلاء أفكار تنبض بالحياة

 مسيرة الحسين (ع) في الأُسلوب والهدف

 صلة العاطفة بالذكرى الحسينيّة

 شرعية الثورة وشروطها من خلال ثورة الامام الحسين عليه السلام

 تجلي عاشوراء في ضمائر الأحرار

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)