مـن هو الذكـي...؟؟
عندما نقول عن الطفل أو راشد: إنه يتمتع بذكاء مرتفع، فإننا قد نعني أشياء متعددة مثل سرعة البديهة والفهم والاستفادة من الخبرات والتحصيل والتفوق.
والحقيقة أن هذه المعاني المتعددة التي نطلقها على مفهوم الذكاء هي من الأسباب التي جعلت من هذا المفهوم موضعا للخلاف والجدل بين علماء النفس.
وبالرغم من الخلافات الدائرة بين العلماء في تعريف الذكاء أو بسببها، نجد أن التعريف الجيد للذكاء يجب أن يتضمن أكثر من خاصية من الخصائص العقلية التي تساعد الإنسان على التكليف لواقعه.
وعلى هذا يمكن معالجة الذكاء بصفته مفهوما يجمع بين طائفة من الخصائص العقلية والقدرات والمهارات التي تساعد الكائن على الاستفادة من الخبرة والسيطرة على المشكلات التي تواجهه خلال تكيفاته اليومية لواقعه.
وعلى هذا يمكن أن نعتبر الشخص الذكي في مقابل من هم أقل ذكاء منه أكثر وضوحا في أفكاره، وأكثر قدرة على الاستفادة من الخبرات التي يمر بها هو أو من حوله، يفهم الأشياء ويستوعبها أسرع من غيره، ويدرك العلاقات بين الأشياء، ويلم بالأحداث الدائرة أكثر ممن هم أقل ذكاء؛ ولهذا فإن الفرصة تتسع أمام الإنسان الذكي للنجاح والفوز والسيطرة على المشكلات التي تطرحها عليه بيئته.
وعندما نقول في اللغة الدراجة: إن فلانا أشطر من فلان، وإن حسنا أذكى بينما ذاك أغبى؛ فإن هذا القول يشير إلى حقيقة علمية ملموسة في بحوث الذكاء وؤداها: أن هذا المفهوم يجب أن يخضع تصوره لمنطق الفروق الفردية.
وإذا شئنا استخدام عبارة أكثر تدقيقا من الناحية العلمية والعملية، فإنه يمكن النظر إلى الذكاء بصفته بعدا أو امتدادا يحتل منا درجة ما، ولهذا فعندما يريد عالم النفس الحديث أن يحدد ذكاء شخص معين لأسباب علمية أو علاجية، فإن ما يفعله يتلخص في الحقيقة في ملاحظة أداء هذا الفرد على مجموعة من الأعمال أو الاختبارات أو المقاييس، وأن يقارن هذا الأداء بمعيار عام يمثل في الحقيقة متوسط أداء الفرد مع أفراد آخرين، من نفس العمر في المجتمع الذي ينتمي له هذا الشخص. ويمكن بناء مقارنة بحيث يحدد مستوى أداء الفرد وذكائه بالنسبة للآخرين.
يبقى أن نشير هنا إلى أن هذا المنطق القائم على مبدأ الفروق الفردية في موضوع الذكاء قد أدى إلى تطورات هامة في تصور اتساعه، فلأول مرة أصبح الذكاء موضوعا تختلف دراسة تماما عن الدراسات الفلسفية السابقة؛ إذ لم يعد الشخص الذكي مختلفا اختلافا نوعيا عن غيره، بل أمكن النظر إليه لأول مرة بصفته فردا يختلف عن غيره في مقدار انتظام وظائفه العقلية بصورة تجعله أكثر قدرة على معالجة الجوانب السلوكية الممثلة للمفهوم العام للذكاء.
وعندما يتكلم المشتغلون بالعلوم السلوكية عن وجود فروق كمية في وظيفة أو قدرة معينة، فإنهم يثيرون في الحال سؤالا: كيف يمكن لنا أن نقدر هذه الفروق؟ أو ما هي وسيلتنا الموضوعية؟
يعتبر المقياس النفسي هو وسيلتنا لذلك، والمقياس النفس هو ببساطة أداة أو أسلوب يساعدنا على الوصف الكمي الدقيق بعبارة أخرى؛ فإن أقرب تصور لمفهوم المقياس هو أن نتصوره شيئا أقرب ما يكون ألى الامتحانات المدرسية التي تأخذ عينة من الدراسة على صيغة أسئلة، وتطلب من الطلاب أن يجيبوا عليها بهدف التمييز بينهم من حيث درجة استيعابهم للمادة.
فإذا كونا مقياسا للذكاء فإن من الضرورة أن تكون درجة الشخص معبرة تعبيرا حقيقيا عن موقعه في تلك الخاصية، بحيث تعكس القدرة الفعلية للفرد على الفهم والاستيعاب، وإدراك العلاقات المكانية والتجريد، ومعالجة الرموز، والاستفادة من الخبرات العقلية وإلى غير ذلك من الخصائص التي ننسبها أو نربطها بمفهوم الذكاء.
هل تتمتع بقابلية التفكير النقدي؟
الأسس الفسيولوجية لعملية التعلم
القوة والضعف هل هي أمور مكتسبة؟
20فكرة إبداعية للتميز الدراسي
لماذا نحن بحاجة الي تكوين الذات المعلوماتية ؟