كيف سترد ايران اذا اندلعت الحرب
يقول المحللون العسكريون ان الجمهورية الاسلامية ستلجأ الى وسائل غير تقليدية في استهداف المصالح الاميركية في العراق وافغانستان.
وكانت الدول الاوروبية قد وافقت على عقوبات جديدة لكي تضغط اكثر على ايران، وهدد الرئيس الاميركي الى احتمال استخدام ضربات عسكرية اذا لم ترضخ الجمهورية الاسلامية الى الارادة الدولية بشأن ملفها النووي.
لكن المحللين العسكريين حذروا بشكل متزايد من العواقب الوخيمة اذا قامت اميركا بالحرب على ايران. في حين ان القوات الايرانية هي غير مؤهلة لمواجهة التكنولوجيا الاميركية بالوسائل التقليدية في ساحة المعركة، لكنها اثبتت بأنها تستطيع ان ترد على اي هجوم باستخدامها وسائل غير تقليدية.
الشبكات الايرانية يمكنها تهديد مصالح الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان كما يمكن ان تكون القوات الاميركية في جميع انحاء منطقة الخليج الفارسي مستهدفة من قبل وسائل غير تقليدية وبوابل من الصواريخ الايرانية الفتاكة وحلفاء ايران - مثل حزب الله اللبناني - في جميع انحاء المنطقة يمكنه أن تقوم بالتعبئة للمشاركة في عملية مضادة لاميركا .
ويقول المحللون يمكن ان يكون رد ايران عالميا لكن نطاقه سوف يتوقف على حجم الهجوم الاميركي، والأهم في الموضوع ان الاستخبارات الاميركية ترى بان "رد الفعل الايراني سيكون أكبر بكثير من تهديد القاعدة بحيث لا يمكن التنبؤ به" كما يقول ماغنوس رانستورب في مركز الدراسات في كلية الدفاع الوطني السويدية في ستوكهولم.
وقال الاخير: "أشك كثيرا في قدرتنا على ادارة بعض العواقب"، مشيرا الى ان الهجمات الانتقامية الايرانية في الماضي قد شهدت انكارا معقولا وكان لها انعكاس عالمي.
ويقول اذا هاجمتم ايران فإنكم أطلقتم العنان لعاصفة نارية تسفر عن ردود فعل وتعزيز القوات الثورية على صعيدين الداخلي والخارجي في المنطقة، وأعتقد ان هذا السيناريو كابوس لأي مخطط حرب"، وبالواقع انكم ستدخلون الى منطقة غامضة اذا ضربتم ايران.
وبالرغم من ان العسكريين الاميركيين منذ اوائل عام 2007 اتهموا قوات القدس الايرانية ـ نخبة من عناصر الحرس الثوري الاسلامي ـ بمساعدة الميليشيات المناهضة للولايات المتحدة في العراق بالقنابل الفتاكة، والتدريب والمساندة "القوات الخاصة" في عملياتها وتدعي الولايات المتحدة انها كلفتها "الالاف" من الارواح للجنود الاميركان ولو ان قادة الولايات المتحدة قد قللوا من قدرات ايران العسكرية.
وحتى الادميرال وليام فالون الذي عارض علنا شن اي هجوم اميركي ضد ايران وقدم استقالته في نيسان/ابريل الماضي ، رفض ان يكون هناك اي تهديد عسكري ضد ايران وقال "ان هؤلاء الرجال نمل واذا حان الوقت ننتصرعليهم".
ولكن ذلك لم يمنع ايران القوة العسكرية الاكبر في المنطقة وعديد قواتها البالغ 540 الف عسكري، بأدنى انفاق عسكري، من اطلاق الخطابات القوية ضد الولايات المتحدة.
وقال العميد والقائد العسكري الكبير غلام علي رشيد في اواخر ايار/مايو: ان ايران تستطيع ان تكبد الاميركان بضربات قاتلة غير متوقعة و بتحركات تكتيكية مبدعة اذا اعتدت، مضيفا: "انه لا معنى للتراجع من قبل عدو يستهدف جذور وجودنا".
وحذر قائد الثورة الاسلامية الايرانية آية الله علي خامنئي في عام 2006من الانتقام على المدى البعيد وقال: "يجب على الاميركيين ان يعلموا انهم اذا اعتدوا على ايران فان مصالحها ستتعرض للخطر في كل ارجاء العالم" مؤكدا "أن الأمة الايرانية سترد على اي ضربة بشدة وبصورة مضاعفة".
ويقول اليكس فاتانكا محلل شؤون أمن الشرق الاوسط بمجموعة معلومات جين في واشنطن ان ايران لديها عدد من الأدوات للرد بشكل جيد على التهديدات الاميركية كما انها تفتخر ان تواجه عدوا قويا ولا تخيفهم قوة العدو.
ويقول السيد فاتانكا: ان الايرانيين يعلمون بانهم لا يستطيعون كسب حرب تقليدية ضد اميركا لكنهم يمتلكون وسائل أخرى في جعبتهم وعلينا ان نتذكر هنا انهم عندما عينوا قائدا جديدا لفيالق الحرس الثوري جرى تسويقه باعتباره ضليعا باستراتيجية الحروب بين قوات غير متكافئة.
ويقول القائد الجديد: "ان الحرب التقليدية ليست شيئا صعبا ويمكننا ان نكسبها ضد الولايات المتحدة، لكن علينا البحث عن طرق في صندوق الادوات".
ويشير فاتانكا الى ان تعيين قائد الحرس الثوري الاسلامي في الخريف الماضي والذي يمتلك العبقرية في هذا النحو غير المتماثل في نظرية الحرب".
ويضيف فاتانكا قائلا: من الملاحظ ان اكثر ما يقلق الايرانيين هو الهجمات الجوية الشاملة التي يتم فيها ضرب آلاف الاهداف داخل ايران وهم يقرأون النوايا الاميركية في مثل هذا السيناريو على انها من شقين يستهدف الاول انزال اكبر قدر من الضرر بالبرنامج النووي، ويتمثل الثاني بمحاولة اضعاف النظام الاسلامي.
من ناحية اخرى ثمة احتمال كبير لان يدفع اي صراع اميركي ـ ايراني اسعار النفط للاعلى ويمكن ان تلجأ طهران الى تعطيل خطوط امداد النفط في الخليج الفارسي بالرغم من ان اقتصادها يعتمد على عائدات النفط غير ان القوات الاميركية المجاورة لها في العراق، افغانستان والخليج الفارسي توفر لايران مجموعة من الاهداف الملائمة، فقد ادعت طهران في اكتوبر ان بمقدورها اطلاق وابل من الصواريخ (11000) على العدو خلال دقيقة واحدة من الهجوم والاستمرار بهذا المعدل.
كما يقع الكيان الاسرائيلي ضمن مدى صواريخ "شهاب 3"، ويقول حزب الله الذي عزز قوته منذ انتهاء حرب 2006 بحوالى 30.000 صاروخ انه قادر هو الآخر على ضرب اي مكان داخل الكيان الاسرائيلي بما في ذلك مفاعل ديمونا النووي، ومن الواضح ان طهران تعتمد على تكتيك معين تقترب فيه الزوارق الصغيرة المسلحة الخفيفة والسريعة الحركة من السفن المعادية الكبيرة من جهات مختلفة في وقت واحد.
ومن المفيد الاشارة هنا الى ان وزارة الدفاع الاميركية كانت قد اجرت في عام 2002 مناورة حربية حاكت بها هذا التكتيك وتبين لها منه ان سلاح البحرية الاميركية سوف يفقد بذلك 16 سفينة حربية رئيسية، طبقاً لتقرير ورد في صحيفة "نيويورك تايمز" في يناير الماضي.
ويقول الليفتنانت جنرال كي فان رايبر الذي قاد القوة الايرانية المهاجمة المفترضة اثناء المناورة: من الواضح ان عدد الزوارق السريعة الكبير جعل من الصعب جداً على القوات الاميركية التعامل مع الهجوم اليكترونياً وعقلياً، لقد انتهى الامر كله في خمس او ربما عشر دقائق.
على اي حال، يمكن ان تلجأ ايران لأساليب اخرى جربتها سابقا.
يقول رانستورب: يمكن اعتبار جهاز الاستخبارات الايراني بما لديه من عناصر يبلغ عددها نحو 30000 قوة عظمى في المنطقة واقوى قوة من المنظور الاستخباراتي، وهو قادر على الوصول لأماكن بعيدة في العالم لامتلاكه القدرة على الاستطلاع والوسائل المتقدمة التي تتيح له الحاق الاذى بالاهداف المطلوبة، ويضيف رانستورب: والملاحظ ان جهاز الاستخبارات هذا يوسع دائرة تأثيره.
ويقول تقرير عن النتائج المترتبة على توجيه ضربة الى ايران نشر هذا الاسبوع من قبل مايكل باتريك وكلاوسون ايزينستادتمن في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى: انه "يتضح من الامثلة السابقة ان "طهران تدرك ما يخدم مصلحتها بتوقيتها المناسب وضبطها النفس".
ولكن ايران يمكن ان تستهدف الولايات المتحدة ايضا، وهذا يتوقف على حجم أي ضربة من الولايات المتحدة. "ايران تمتلك واحدة من أقوى القدرات في الهجوم والتخريب في حالة حدوث مواجهة مع الولايات المتحدة"، ويقول التقرير مضيفا: إنه من الممكن النجاح في تأخير برامج ايران النووية ولكن يمكن أن تأتي النتائج عكسية.
ويخلص التقرير: "اذا كانت الولايات المتحدة التي تمارس ضغوطا مستمرة ضد طموحات ايران النووية وجدت رفضا من ايران واستمرت الاخيرة بالسعي لامتلاك الاسلحة النووية ففي نهاية المطاف عليها ان تلجأ للضربة".
ويقول فاتانكا: إن اتباع قائمة طويلة من الاساليب غير التقليدية لن يكون مفرغا منه من قبل طهران لان الاولوية بالنسبة للنظام الاسلامي هناك هو البقاء على قيد الحياة.
لذلك فالايرانيون يتوخون الحذر لان أميركا لا تملك الحق وانها لا تملك العصا التي تخيف بها ايران ولكن ذلك لا يعني انها ستدفع الى المواجهة على المدى البعيد.
*ترجمة من موقع العالم عن مقال في صحيفة كريستين ساينس مونيتور