العنف.. سلوك ام فطرة؟
لاشك بان عوامل اقتصادية وسياسية ونفسية قد ساهمت بشكل اساسي في تنمية العنف، إضافة الى التخلف والجهل الذي يفرز بطبيعته مفاهيم تتلائم وظروف العوز والفقر طويل الامد تتنافى والمنظومة الثقافية التي كانت سائدة بحدود معقولة.
والانسان بطبيعته العفوية المخلوق بها انما هي طبيعة مسالمة تكن الحب لبعضها البعض وقد تشهد بذلك قصة نوح وخشيته على ابنه الذي استبد برايه واعتلى الجبل في حين ان والده كان من فرط محبته لابنه انه خاطب الله سبحانه وتعلى متضرعا ان ينجيه لولا انه كان من المعاندين.
يقول الامام الشيرازي (قدس سره)، ان الانسان بطبيعته ليس عنيفا وانما الفطرة التكوينية ميالة للمهادنة واستعمال العقل وكذا الرسالة الاسلامية تؤكد تاكيدا قويا على السلم والاخاء والتروي.
وما الحروب التي حدثت والصراعات فهي الشئ الشاذ عن القاعدة العامة للرؤية الدينية.
ولعل الثقافة قد اخذت الشئ الكثير من الدين بحيث تحول الظاهر الفعال هو من وحي المفاهيم الدينية في السلوك اليومي لدى افراد المجتمع.
وعلى هذا فان العنف في التعامل اليومي يعد ظاهرة شاذة وليس قاعدة اساسية من كينونة المجتمع بلورتا ظروف متنوعة.
فعندما يفتك العوز المعزز بالجهل يكون مثل وباء تحمله الريح وتذروه في كل زوايا المجتمع فترى الناس يصارعون في تكالبهم على اسباب الحياة دون الالتفات الى ما هو خطا او صحيح حلال ام حرام انساني ام حيواني يحدث التدافع بمسوغات الجهل واستدعاء الدين استدعاءا واستعماله مثل قفاز لإستحصال الغنائم من بعضهم البعض.
يقول الامام الشيرازي ان القسوة تقابلها قسوة والشدة تقابلها شدة الى ما لا نهاية والنتيجة تخريب الحياة لكن اللين تقابله المحبة والتسامح ويفضي الى بناء الحياة.
فايهما افضل ان تزرع شوكا ام وردا في طريق الانسانية؟.
فالعنف يحدث في الاسواق وفي وسائط النقل في الزحامات ومع الموظفين والطلاب وفي السلوك اليومي للانسان عبر تعامله مع الآخرين الذي يتسم في غالبه بالعنف والتازم والعصبية.
وقد انسحب بشكل خطير الى داخل البناء الاسري بين الآباء مع بعضهم وبين الابناء مع بعضهم، كذلك بين الآباء والابناء وهو بالتالي ينسحب الى الجيران والمحيط الاجتماعي وبهذا المنحى الخطير تحدث جرائم الاستحواذ على ممتلكات الغير والسرقات والخطف والتسليب
وبهذه الدرجة فان الظاهرة تتحول الى كارثة اجتماعية كما لو انها مرض معدي شديد الخطورة تتطلب العلاج والاحتواء واستعمال كل ما من شانه ان يقضي عليها ويمسح آثارها من الساحة الاجتماعية.
ولعل البدء يكون من النطاق السياسي كونه المؤثر الفعال إضافة الى كونه انموذجا يحتذي به الاخرون، ومن ثم الجانب الاقتصادي الذي انبثقت منه تلك الظاهرة بالاصل وبلغت درجة الخطورة القصوى، ثم ياتي دور التثقيف باتجا الحصانة المعرفية والتلقيح باسباب المناعة.
والتثقيف انما لا يتعدى المفهوم الديني بآثار التسامح الايجابية والرفعة بما يليق بالمجتمع الانساني إضافة للمحتوى الفكري الاجتماعي الخير من عادات حسنة وتعملات متحضرة قد عضد وجودها الجانب الديني وظلت من التراث القيم في السلوك والذاكرة الجمعية.
يقول الامام الشيرازي (قدس سره) في معرض رده على العنف لحل المشاكل بين افراد المجتمع الواحد:
قانون الاسلام:( ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولّي حميم).
وايضا جاء في القرآن الكريم ( وان تعفوا وتصفحوا وتغفروا فان الله غفور رحيم).
فالموقف الايجابي يقلل من المشكلات الناجمة عن الصراعات الاجتماعية ويقلل من نتائج المواجهة بين الاطراف المتناقضة.
وليعلم الذي يظهر العداء ويغالي فيه بالاتهام والكيد انه اولا سيؤدي بعمله هذا الى تحطيم نفسه وتتحطم المجموعة التي ينتمي اليها.
الطرف الثالث الذي يستفيد من صراعات الطرفين هو الغالب والرابح بكونه امام تهشم قوى الطرفين وحسب قاعدة التنازع فان الاقوى سيغلب الاقوى.
وتنتهي هذه الخصومات الى نتائج وخيمة كونها مبطنة بالحقد والكراهية وحب الاستحواذ والتكالب على اسباب الحياة بصّور غير شرعية تتمحور في استلاب الاخرين بغير مسوغ سوى الانانية وحب الذات.
من العنف ما يستند الى العاطفة كأن يؤخذ موقف على اساس عاطفي انطباعي عن الاخرين ويتلو ذلك تصرفات عدائية او استهانة بشكل ما على مسوغ انه لا يعجب من شكله جسدا!
وقد يؤدي الى ردود فعل من المحتمل ان يتلوها العنف على نحو ما.
القطيعة والجحود من اسباب العنف احيانا وذلك لأن الشخص الجاحد او الناكر للجميل يخلّففي ذي العلاقة ضغينة بدرجة معينة او عدائية كامنة تثار ربما باتفه الاسباب.
ان التواصل مع الآخرين وشيوع السلام والمودة واحترام الاخوة الاسلامية والاخوة الانسانية يمسح البغضاء من نفوس الناس ويقتل جميع العوامل التي تؤدي الى العنف، او في الاقل يكون المجتمع قابل للتغيير نحو الاحسن ويكون مهيئا للتغيير السياسي والاقتصادي بالشكل السليم وهذ ما تعنيه الآية الكريمة ( ان الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم )
ومن النقاط التي يمكن ان يتخذها الانسان لردع مشاعر العنف في نفسه:
1ـ ان يتفكر دائما بان الايحاء بالعنف فعل ينافي الروح الاسلامية والانسانية.
2ـ ان يكبح الرغبة في اعلاء الصوت على اصوات الآخرين.
3ـ المزاحمة على الاشياء واستباق الناس اليها باستخدام القوى الجسدية هو عنف يولد الكراهية لدى الغير.
4ـ عدم ابراز ما يوحي بالقوة الجسدية او المادية للآخرين.
5ـ ان يتفكر المرء بان الدين والتقوى انما هي سلوك فان صح السلوك صحت الاشياء كلها وان فسد فقد فسدت.
كيفية تلافي العنف عند الشباب
.............................................
المصادر/ نظرية اللاعنف-الامام الشيرازي