كيف يحيي العبدُ قلبَه ؟
كيف يحيي العبدُ قلبَه ؟ ، و كيف يقوِّي من شخصيته ، كي يستطيع أن يتغلب على هوى نفسه ، و على شيطانه ؟
بادئ ذي بدء قبل أن نتطرق إلى طرق حماية القلب ، لابد أن نتعرف على أبرز مظاهر ضعف القلب ، و هي :
1. الغلظة ، و التي من مظاهرها تجهم الوجه، و قلة الانفعال في الرغائب ، و قلة الإشفاق و الرحمة ، و قد قال الله تعالى في ذلك : { ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك } .
2. الزيغ أي ترك القصد ، أي أنه يتعرف على الحق ثم يحيد عنه.
3. القسوة ، حيث يقول تعالى : { ثم قست قلوبهم } ، و من مظاهرها ، الإصرار على المعاصي - ترك التوبة و الإنابة - تجاوز قدر الحاجة من الطعام و النوم و الكلام .
4. الغفلة ، حيث يقول تعالى : { و لاتطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ، و اتبع هواه }
5. عدم حب سماع النصيحة ، قال تعالى منهم : { و قالوا قلوبنا غلف } ، { و قالوا قلوبنا في أكنةٍ ، مما تدعوننا إليه } .
6. المرض ، يقول تعالى : { فيطمع الذي في قلبه مرض } ، و من مظاهره ، الاشتياق إلى المعصية - سرعة الانجذاب للمعاصي - بغض الحق النافع و حب الباطل الضار .
7. تعطل أدوات الإدراك ، حيث قال تعالى : { و ختم على سمعه وقلبه } ، و الختم و الطبع واحد ، و هو البغيضة .
8. اللهو ، حيث يقول تعالى : { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه و هم يلعبون * لاهية قلوبهم } ، أي الاستماع إلى الموعظة باستخفاف يصحبه استهزاء بالواعظ .
9. اتباع الهوى : و هو ما يسمى بزنا القلب .
10. لا تؤطه الجراحات - أي لا تأثر فيه - : و ذلك بسبب موت القلب ، فما يعود يشعر بعقوبات الإله له .
أما العلاج فيتم بالآتي :
1. الدعاء بالثبات ، و زيادة الإيمان ، و حسن الخاتمة .
2. التوبة بعد الاعتراف بين يديه بالمعاصي و القصور.
3. كتابة جميع أنواع السلبيات في قائمة ، و برمجة المعالجة بحيث يؤخذ عيب ، عيب ، ماعدا المعاصي الواضحة فيجب التوبة منها فورًا .
4. تهيئة النفس لتقبل النصح .
5. الإكثار من حضور مجالس الوعظ و العلم ، و ترقيق القلوب .
6. سماع الأشرطة المرققة للقلوب .
7. زيارة المقابر .
8. قراءة الكتب الإيمانية .
9. الإكثار من قراءة القرآن و أحاديث الرقائق .
10. المحاسبة و التزكية الدائمة .
11. مرافقة الصالحين و هجران قساة القلوب و أصحاب الأهواء و المعاصي .
12. عدم رؤية ما يقسِّي القلوب من برامج تليفزيونية و إذاعية .
13. كثرة التوبة و الاستغفار.
14. كتابة بحث عن القلوب و ضعفها و أسباب قوتها ".
و يحسن بنا في هذا السياق أن نذكِّر بأمورٍ ثلاثة:
- الأول :
أن الإنسان يقضي عمره كله بين القوة و الضعف الإيماني ، يرتفع مرةً و ينخفض أخرى ، هكذا الله سبحانه خلقنا ، و هكذا مطلوبٌ منا مجاهدة النفس بشكل مستمر ، فنبقى بين الهمة و الفتور ، و الخير كل الخير من كان فتوره في طاعة الله ، و لم يصل به إلى المعصية 0
- الثاني :
إن لكل إنسانٍ بعض الطاعات المحببة له في التقرب لله تعالى ، أعمالٌ يحبها أكثر من غيرها ، و يشعر من خلالها بالقرب من الله أكثر من أعمالٍ أخرى ، و تختلف هذه الطاعات من شخصٍ لآخر ، كلٌّ حسب نفسيته و طبيعته و فطرته ، و أما و أننا نريد أن نحافظ على إيماننا و قربنا من ربنا ، فعلينا الإكثار من الأعمال التي تشعرنا بالقرب من الله عز و جلّ ، إن كانت قراءة القرآن ، فنكثر من قراءته ، و نفضلها على غيرها من النوافل و الطاعات ، و إن كانت في قيام الليل ، فنلتزم ببرنامجٍ من قيام الليل نحافظ عليه ، و إن كان السجود فنسجد ، و نتقرّب أكثر و أكثر لله رب العالمين ، و إن كان التصدق فنعطي ، حتى لاتعلم شمالنا ما تنفق يميننا ، و هكذا .. ، نكثر من الأعمال المحببة إلينا ، و التي تزيدنا قرباً من الله عز و جل ، فنظلّ نأنس به سبحانه.
- الثالث :
أكدنا من قبل ، و نؤكد دائماً على الإيمان العملي ، فالإيمان لايزداد ، و يعلو فقط بالعبادات ، و قراءة القرآن و قيام الليل ، و إنما يزيد أيضاً من خلال فعل الخير للناس ، و الاختلاط بهم ، و مساعدتهم ، فيعين المحتاج ، و يغيث الخائف ، و يرشد التائه ، و يتسامح في خلقه و معاملاتهم ، و يرتفع الإيمان حين يصدق في مواعيده و معاملاته ، و لايغش ، و لايكذب ، باختصارٍ شديدٍ على المسلم ، أن يستشعر علّوه ، و قربه من ربه سبحانه ، حين يكون فرداً نافعاً صادقاً خدوماً لمجتمعه و أمته ، ديننا ليس كدين النصارى دين رهبانيةٍ فقط ، ديننا دين عبادةٍ و معاملةٍ ، و كما نتقرّب إلى الله بالعبادة عليك أن نتقرّب إليه سبحانه بالمعاملة ، هكذا ارتضى الله خالقنا عز و جل لنا ديننا ، و هكذا أكمله و أتمه سبحانه .
معنى تطهير النفس البشرية
المزج بين الغضب و الرأفة
الاسلام و السعادة الآخروية