قد استـوى سلطان إقليم الرضا |
باليُمن والعزّ على عرش القضا |
غـرتـه نور من رُواق العظمة |
ديباجة الـكـون بـها منتظمة |
طـلـعته مطلعُ أنوار الهـدى |
ولا تَـرى لـهـا أُفولاً أبـدا |
ووجهه قبـلة كـل عـارفِ |
ومستجار كـعـبة المعـارفِ |
وفـي مـحيّاه حياة الأولـيـا |
وكيف وهْو روح خير الأنبيا |
وعينه عين الرضاء بـالقـضا |
نفسي لك الفداء يا عين الرضا |
ولا تَسَلْ عـن قـلبـه السليمِ |
إذ لاتُنال نـقـطة التـسليـمِ |
وهو بما فيه من الجـواهـرِ |
ممثّل الكنز الخـفـيِّ الباهرِ |
جلّ عن الحـدود والـرسومِ |
ما فيه من جواهـر العلـومِ |
مفاتح الغـيوب فـي لـسانهِ |
مصابح الشهـود في بيـانـهِ |
لسانه ناطـقـةُ التـوحيـدِ |
ومنطقُ التـجـريد والتفريدِ |
ينبئ في بيـانـه الكـريـمِ |
عن موجزات النبأ العـظـيمِ |
بنور علمه وحسن المنطـقِ |
يكشف عن سرالوجود المطلقِ |
وفي بيانه مـكـارمُ الشِّيَـمْ |
وفي معانيه بدايـع الحِـكـمْ |
علومه الحقّة في الإشـراقِ |
كالشمس في الأنفس والآفاقِ |
وباسمه استدارت الـدوائرُ |
وباسمه استقامت السرائـرُ |
وذكْره تَحيى بـه القـلوبُ |
وتنجلي بذكـره الكـروبُ |
هو المثاني بل هـو التوحيدُ |
هو الكتاب المحكَمُ المجيـدُ |
فمَن يضاهي شرفاً وجـاها |
روحَ محمّدٍ وقلبَ طـاهـا؟! |
بيضاء موسى هي في يمينهِ |
ونور ياسين على جـبيـنهِ |
في لوح نفسه مقام للرضا |
عن وصفه تكلّ أقلام القضا |
ترى الملوك سُجّداً ببـابـهِ |
فالعزّ كلّ العزّ في أعتابـهِ |
تطوف حول قبره الأملاكُ |
كـأنّه المحور والأفـلاكُ |
تبـكي على محنته وكربتِهْ |
وبُـعدِه عن داره وغـربتِهْ |
ويل بـلِ الويلات للمأمونِ |
ويل لـذاك الغادرِ الخؤونِ |
لم يحفظ الـنبيَّ في سليـلهِ |
وتاه في الغـيّ وفي سبيلهِ |
خان أمينَ الله فـي أمانـتِهْ |
فهل ترى أعظم من خيانتِهْ؟! |
فاغتاله بالعنب المـسـمومِ |
ويل لذاك الظالم الـغشـومِ |
قضى شيهداً صابراً محتسبا |
وهْو غريب بل غريب الغربا |
تقـطعت أمـعاؤه بـالسّـمِّ |
فـداه نفـسي وأبي وأمـي |
بكت عليه هاطلات القـدسِ |
ناحت عليه نفحات الأنُـسِ |
ناح الأمين وهْو ذو شجـونِ |
مـمّا جنـت بـه يدُ المأمونِ |
عـليـه سيـّدُ الورى ينوح |
حزناً ، فكيف لاينوح الروحُ؟! |
ناحت عليه الأنبياء والرسُلْ |
بل العقول والنفوس والمُـثُلْ |
ناحت عليه الحور في الجنانِ |
تـأسّـياً بـخِيـرة النسوانِ |
بكى عليه ما يُرى ولا يُرى |
والبَرّ والبحر وأطباق الثرى |
لقد بكى البيت ومـستجارُهُ |
وكيف لاومنه عَـزَّ جارُهُ؟! |
وقد بكاه الـمـشعر الحرامُ |
والـحـجر الأسود والمقامُ |
لفقد عزّها ومن حـمـاهـا |
بعزّه عن كلّ مـا دهـاهـا |
بل هو عزّ الأرض والسماءِ |
والملأ الأعلى على سواء |